كتب سيد توكل:
تصاعدت حدة التحذيرات الصادرة عن المؤسسات الدولية لاقتصاديات لمصر والسعودية والبحرين والإمارات من حدوث خسائر وشيكة على الصعيد التجاري نتيجة سياساتها الخاطئة وحصارها الجائر المفروض على قطر، والتي كان آخرها ما أكده مدير مؤسسة ستاندرد تشارترد المالية من أن تداعيات الأزمة التي تمر بها منطقة الخليج ستؤثر سلبيا على مكانة مدينة دبي التي تعتمد على سوق دبي المالي من جانب وتجارة الترانزيت من جانب آخر.
ودبي تعد أولى الدول المتضررة من حصار قطر، حيث تشير الإحصاءات إلى وجود نحو 90 شركة ومؤسسة يملكها مواطنون إماراتيون في قطر، إلى جانب نحو 988 شركة مختلطة برأسمال يبلغ نحو 4.5 مليار دولار.
ويعد القطاع التجاري لدول الحصار هو الأكثر تأثرا بالأزمة، رغم ما اتخذته تلك الدول من إجراءات لتقويض تحركات قطر الاستثمارية والتجارية بالخارج، حيث إن السعودية لا يزال قطاعها التصديري يعاني من ويلات البيروقراطية وضعف التواجد بالأسواق الخارجية، بينما الإمارات تلاحقها أزمة سمعة سيئة نتيجة ممارسات خارجة على الصعيد السياسي أو اتهامات لها بتدمير أسواق عدة بالمنطقة بالتحالف مع مصدرين من دول شرق آسيا استغلالا للمنافذ الخاصة بالترانزيت.
تحديات قوية
ووفقا للتقرير الصادر عن لجنة العقوبات الدولية الخاصة باليمن والذي كشف عن تحويلات مالية مشبوهة وعمليات الحصول على الأموال وأنشطة غسل الأموال لصالح الأفراد وشركات يستخدمها نجل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح منها شركتان بدولة الإمارات.
وبينما تفتح أبوظبي الباب مشرعًا أمام المال المشبوه يتم التضييق على الكثير من رجال الأعمال الذين تعرض بعضهم إما للسجن أو الترحيل نتيجة لخلافات أيدلوجية، لذلك تجد دبي نفسها أمام تحد كبير يشوه سمعتها، وكما يقال فإن رأس المال جبان يغادر بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة بحثاً عن الأمان.
ويعوق إمارة دبي عدم وجود سند اقتصادي قوي لها مثل أبوظبي التي تعتمد على النفط، حيث إن دبي تستند إلى محوري العقارات والترانزيت من جانب والاستثمار في الأورواق المالية من جانب آخر، وتلك المحاور يعتبرها محللون بأنها ثالوث أي أزمات اقتصادية، الأمر الذي يعني أن اقتصاد تلك الإمارة هش ومهدد بالتداعيات الناجمة عن سيايات أبوظبي.
وفيما يتعلق بالقطاع التجاري للسعودية فإن صادراتها غير النفطية تراجعت خلال شهر مايو الماضي، بنسبة 5.9%، نتيجة ضعف القدرة التجارية للمملكة التي لا تزال رهينة للاقتصاد الريعي المعتمد على النفط فقط.
أما في مصر والبحرين فهذه الدولتان تواجهان صعوبات اقتصادية كبيرة ناتجة عن سياسات خاطئة تم اتباعها، فالأولى منذ تعويم الجنيه الذي من المفترض أن يخدم القطاع التصديري واجه المستثمرون أزمات عدة في هذا الصدد يأتي في مقدمتها ارتفاع أسعار الخامات والنقل، أما الثانية فإن قطاعها التجاري يكاد يكون غير موجود إلا على صعيد الاستيراد لتوفير احتياجاتها الداخلية.
وعلى الجانب الآخر استفادت قطر من الحصار الذي أظهر إمكاناتها الاقتصادية الحقيقية، سواء بالتحالفات الاستثمارية الضخمة أو العلاقات التجارية المتينة مع كبرى الاقتصاديات العالمية، حيث إن الصفقات المبرمة فيما يتعلق بالاستيراد أو إقامة مشروعات جديدة جعلت الحصار كأنه لم يكن.
وحقق الفائض التجاري في قطر قفزة بلغت 63.6% خلال أول شهر من الحصار يونيو الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2016 رغم الحصار، وفقا لتقرير التجارة الخارجية الصادر عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، موضحا أن الميزان التجاري لدولة قطر (الفرق بين إجمالي الصادرات والواردات) خلال شهر يونيو من 2017، حقق فائضا مقداره 12.5 مليار ريال (نحو 3.4 مليارات دولار).