كتب سيد توكل:
"يا عزيزي أغلبنا مرضى نفسيون" بدا المواطن المصري أحمد سعودي غير مبال وهو يعلق بهذه الكلمات على أن 60% من المصريين يعانون من اضطرابات نفسية.
وأضاف سعودي، الذي يملك محلا لبيع الهواتف المحمولة، "إذا كنت ممن كتب لهم التعامل مع فئات الشعب المختلفة، فستدرك أن عددا من يعانون من مشاكل نفسية أكبر من هذا العدد بكثير".
وقالت إحصاءات رسمية لوزارة الصحة في حكومة الانقلاب أن عدد المرضى النفسيين في مصر يبلغ حوالي 16 مليون شخص، 15% منهم فقط يذهبون لتلقي العلاج، وقرابة 60% من المصريين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الشعور بالقلق والاكتئاب والخوف.
تدهور الأحوال
من جانبه شدد الطبيب النفسي والمستشار الاجتماعي عمرو أبو خليل على أن تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية له تأثير كبير على الأحوال النفسية للمصريين، مبديا تخوفه من تدهور تلك الأحوال خلال الأعوام المقبلة نتيجة استمرار تدهور الأوضاع.
وقارن في تصريحات صحفية بين ما لمسه من الأوضاع النفسية للمصريين بعد ثورة 25 يناير 2011 وارتفاع نسبة الأمل والتفاؤل حتى لدى مرضى الاكتئاب الأمر الذي ساعد في علاجهم، وما لمسه بعد تدهور الأوضاع بعد الانقلاب العسكري في 2013 الذي أدى لارتفاع نسب القلق والاكتئاب عند شريحة كبيرة.
وترسب في ذاكرة المصريين مشاهد مجازر الانقلاب سواء في فض اعتصامي رابعة والنهضة، وما بعدهما وما جرى فيها من جرائم قتل بحق مئات من المدنيين، ينتمي أغلبهم لشريحة التيار الإسلامي، وجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص.
ويسلط خبراء نفسيون الضوء على الآثار النفسية المدمرة التي خلفتها المذبحة الأكبر في تاريخ مصر الحديث، وفقاً لمؤرخين وباحثين كُثر، وذلك عبر ذكر قصص القتلى وطريقة قتلهم خلال الفض.
تدهور الأوضاع
من جهتها قالت الخبيرة الاجتماعية سحر طلع إن الضغوط الناتجة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية الحالية بمصر، باتت أشد وأقسى من أي وقت سابق، وضاعفت نسب التوتر والقلق والاكتئاب لدى المصريين.
وكانت آخر تقديرات رسمية للمرضى النفسيين قدرت عددهم في أكتوبر 2015 ما بين 14 و16 مليون مريض، منهم 15% فقط يراجعون العيادات النفسية، وفق ما قال هشام رامي الرئيس السابق للأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة.
غير أن إحصاءات أمانة الصحة النفسية الصادرة في مارس الماضي أوضحت الزيادة التي طرأت على عدد المترددين على المستشفيات التابعة لها، حيث وصل عددهم عام 2016 إلى 516 ألف مريض، وفي عام 2015 بلغ عددهم 472 ألفًا، في حين لم يتجاوزوا 444 ألفا العام الذي سبقه.
تزايد الانتحار
وبالتزامن مع ارتفاع أرقام المرضى النفسيين في مصر، ارتفعت كذلك ظاهرة الانتحار، والتي زادت حدتها خلال عامي 2014، و2015، بشكل ملحوظ.
التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة مستقلة غير حكومية، كشفت في تقرير سابق لها عن تزايد حالات الانتحار في مصر خلال العامين الماضيين.
التقرير كشف عن وصول حالات الانتحار في النصف الأول من عام 2014 لــ157 حالة انتحار، بخلاف الحالات التي تم إنقاذها.
اللافت، حسب التقرير، أن فئة الشباب ما بين 18 و35 عامًا احتلت النصيب الأكبر من هذا الرقم، إذ بلغت 83 حالة بنسبة تقترب من 53%.