“الغشم السياسي” يخرب العلاقات بين مصر والسودان!

- ‎فيعربي ودولي

 

كتب- محمد مصباح:

 

في مشهد عبثي لجأ قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي لاستعراض القوة العسكرية على الدولة الأقرب لمصر، والتي يمر منها نهر النيل الذي تعتمد عليه مصر في الشرب والزراعة.

 

جنون العسكر حينما يمسكون بتلابيب السياسة يقود البلاد لكوارث، كما وقع في 1967، فدون اتباع للعمل الدبلوماسي في تفكيك الأزمات كالت أذرع الإعلام الانقلابي حربا على السودان، سار على نهجها السياسيون وعساكر السيسي، بلا مراعاة لمخاطر القطيعة مع السودان على الأمن القومي المصري، الذي يمتد إلى السودان.

 

ويبدو أن ما يحدث يأتي بتحريك من الإمارات لوقف الاستثمارات الخليجية في السودان التي تستهدف التوسع الزراعي، بدأت الاتهامات للسودان بالإرهاب وإيواء الإخوان المسلمين، الذين يتهمهم السيسي بالإرهاب.

 

تطورات خطيرة 

 

تطور الأمر لتحريك قوات عسكرية برية في منطقة الحدود في حلايب وشلاتين والمنطقة الغربية والسيطرة على مثلث حدودي بين ليبيا ومصر والسودان.

 

تلى ذلك إعلان السودان عن تورط السيسي في دعم متمردي دارفور بعد استيلاء الجيش السوداني على مدرعات مصرية في دارفور، وقبل ذلك إعلان السودان بنها تؤيد الحركات المعارضة في الجنوب عبر أوغندا.

 

وردت السودان برفض شحنات غذائية مصدرة من مصر، وطلب اعتماد نظام تأشيرة لمن يبلغون من 18 إلى 49 عاما من الرجال، ردا على اعتماد مصر التأشيرات على السودانيين ومخالفتها اتفاقية الحريات الأربعة.

 

وعقب حادث المنيا الأخير، هدد  السفيه عبدالفتاح السيسي، بملاحقة من أسماهم "لإرهابيين" داخل السودان، وأرجأ وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، زيارة مقررة إلى مصر اليوم الأربعاء لبحث القضايا العالقة بين الدولتين، ضمن اجتماعات اللجنة السياسية التشاورية المشتركة. وعزا غندور الخطوة إلى انشغالات داخلية، ولا يستبعد مراقبون أن تتصاعد حدة الأزمة بين البلدين، في المدى القريب.

 

وحسب تقديرات عسكرية، قد توجه مصر ضربة حدودية إلى السودان دون أن تتطور إلى مواجهات ميدانية.

 

بينما يرى آخرون أن الأزمة قد تصل في أقصاها إلى تخفيض البعثات الدبلوماسية بين البلدين، واستدعاء السفراء للتشاور في حال لم يتفق الطرفان ويتم حل القضايا العالقة بينهما.

 

أوراق القوة 

السودان تمتلك أوراق قوة عدة منها ملف المياه الذي تحتاج مصر السودان لدعمها بمواجهة التهميش الإثيوبي لمصر. بجانب تحريك الدعاوى الدولية في ملف حلايب وشلاتين.

 

ويرى الكاتب السوداني، الطيب زين العابدين، أن الأزمة بين السودان ومصر ستظل قائمة، بالنظر إلى تباعد مواقف الطرفين في ملف حلايب وسد النهضة، وصعوبة تغيير أي طرف من مواقفه، لكنه استبعد تطورها إلى مواجهات عسكرية. وقال "أي خطوة مصرية بإشعال حرب ضد السودان ستكون بمثابة خطأ كبير، سيدخل القاهرة في مشاكل حقيقية، إذ يمكن أن يستخدم السودان مياه النيل كورقة ضغط ضدها".

 

واعتبر أنهما "سيتعايشان مع بعضهما البعض، رغم غياب الود.. كما أن العلاقات لن تعود إلى وضعها الطبيعي قريبًا، وقد تقع مناوشات وتوترات واحتكاكات على الحدود من دون أن تتطور إلى عمليات عسكرية حقيقية، خصوصًا أن الوضع معقد حاليًا، ومن شأن تحالفات كل دولة أن تعقد الأزمة أكثر في حال الحرب، فضلاً عن عدم رغبة مصر الدخول في حروب خارجية، منذ تدخلها في اليمن في القرن الماضي وتكبدها خسائر هناك". ورجح أن "تعمل مصر بشكل منظم على دعم الحركات المسلحة السودانية خلال الفترة المقبلة".

 

ووفق المصادر فإن السودان بدأ فعلياً في تحريك ملف الاستفادة المصرية من حصة السودان المائية طوال الفترات السابقة من دون وجه حق، إذ اتضح أن القاهرة استفادت بأكثر من 600 مليار متر مكعب من المياه السودانية منذ عام 1979.

 

وأكدت أن السودان يستفيد حاليًا من 12 مليار متر مكعب من حصته، فيما تسيطر مصر على 6.5 مليارات متر مكعب من حصته. كما أن الخرطوم اكتشفت الخداع المصري بشأن حجم المياه الإضافية في السد العالي، إذ اتضح أن النسبة التي تقتسمها مصر مع السودان، منذ إنشاء السد، تخالف تمامًا النسبة الحقيقية. وأكدت المصادر أن الماء هو أساس عدم رغبة مصر باستقرار الوضع في السودان واستغلال حصته كاملة، وفتح أراضيه أمام المستثمرين للزراعة.

 

وكان الصراع بين السودان ومصر تصاعد بعد فترة قصيرة من تحسن في العلاقات، أدى إلى مشاركة السيسي في حفل تنصيب البشير رئيسًا في 2015، فضلاً عن مشاركته في ختام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني في أكتوبر الماضي، وأسهم التحرك المصري باتجاه جنوب السودان وأوغندا، خلال الأشهر الماضية، فضلاً عن الدعم العسكري المصري المباشر إلى جنوب السودان، في تصاعد الأزمة بين البلدين، واتجاه الخرطوم للتعامل بندية مع القاهرة، واتخاذ مواقف مخالفة لما انتهجته بعد اتفاق الحريات الأربع الموقعة في العام 2004، إذ ظلت مصر تشترط منح تأشيرة دخول للسودانيين بين 18 و49 سنة للرجال، وتستثني النساء والأطفال، بينما التزم السودان بتنفيذ اتفاق الحريات من دون شرط، قبل أن يتراجع أخيراً ويفرض تأشيرات وإقامات على المصريين في إطار المعاملة بالمثل. وأعلن غندور، أمام البرلمان أخيراً، أنه سيتم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل تجاه أية خطوات مصرية حيال السودان.