أحمدي البنهاوي
شكّك مراقبون في قيام مشيخة الأزهر، برئاسة الشيخ أحمد الطيب، في تنفيذ مطالبه بالحجر على شيوخ الفتاوى الشاذة، حيث اعتبر ذلك واجبا، متسائلين: "هل يستطيع الأزهر الحجر على الشيخ علي جمعة، وخالد الجندي، والدكتور سعد الدين الهلالي؟".
هل يفعلها؟
وتمنّى نشطاء ومهتمون أن يُسارع شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى متابعة فتاوى علي جمعة، على شاشات الفضائيات، والتي أثار فيها قضايا تسببت في إحداث بلبلة في المجتمع، منها جواز التبرك ببول النبي- صلى الله عليه وسلم- وقال أيضا: "لا يأثم الرجل على النظر إلى المرأة المتبرجة، لأنها أسقطت الرخصة التي منحتها لها الشريعة الإسلامية، بينما لا بد من استئذان المرأة المحجبة للنظر إليها، لأن لها رخصة"، وطلب من الزوج الاتصال بزوجته لعل أن يكون معها رجل فيرحل.
في الوقت الذي أجاز فيه سعد الدين الهلالي، ذبح الطيور كأضحية، طبقا للمذهب الظاهري، كما قال: "إن من كفر بمحمد وآمن بالمسيح فهو مسلم"، وأجاز شرب الخمر بالقدر الذي لا يسكر، فضلا عن إنكار فرضية الحجاب.
وأجاز الشيخ خالد الجندي، أكل لحوم الكلاب، وقال: "الإمام مالك بن أنس اعتبر الكلب طاهرا وليس نجسا، وبالتالى أكل لحم الكلاب جائز لأنه طاهر".
"الطيب" والحجر
وقال شيخ الأزهر- في بيان له اليوم الأربعاء، تعليقا على الفتاوى الشاذة بمعاشرة البهائم والمرأة المتوفاة- "إن الفقهاء قالوا بوجوب الحجر على السفيه الذى يبدد ماله ولا يصرفه في مساراته الصحيحة، وكذلك الحال بالنسبة لمدعي الإفتاء يجب الحجر عليه؛ لأنه مستهين بالعلم، متبع للهوى، غير ملتزم بما ورد في القرآن الكريم وفى السنة النبوية، وبما أجمع عليه المسلمون، ولم يراع أصول الاستنباط السليم".
ثم عاد وأكد- في ختام بيانه- ضرورة الحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة؛ لأنها تضر المجتمعات، منوهًا إلى أن الدستور والقانون خولا لهيئة كبار العلماء الاختصاص بالبت فى القضايا الشرعية، وفيما قد تختلف فيه دار الإفتاء مع مجمع البحوث من أحكام شرعية، وهذا موجود في كل العالم الذى يحترم العلم والدين والفقه، ولا يعرض أحكام الدين كسلعة تعرض في البرامج والسهرات التلفزيونية.
وشدد على أن هناك فرقا بين فقه التيسير في الشريعة، المبني على اليسر ورفع الحرج والمنضبط بضوابط المعقول والمنقول، وبين منهج المبالغة والغلو في التساهل والتيسير واتّباع الرخص وشواذ الآراء، أو التصدي لمسائل وقضايا لا تتناسب مع طبيعة العصر، ولا تنسجم مع النفس الإنسانية السوية، حتى لو وجدنا بعض هذه المسائل في كتب التراث على سبيل التمثيل أو الافتراض.
مُتتبّعو الرخص
وأكد الدكتور أحمد الطيب أنه لا ينبغي لمن يتصدى للإفتاء- تحت ضغط الواقع- أن يضحى بالثوابت والمسلمات، أو يتنازل عن الأصول والقطعيات، بالتماس التخريجات والتأويلات التي لا تشهد لها أصول الشريعة ومقاصدها، مضيفًا أن الرخص الشرعية الثابتة بالقرآن والسنة لا بأس من العمل بها؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه"، ولكن تتبع رخص المذاهب واعتماد الفتاوى الشاذة منهج خاطئ، يتنزه عنه المفتي المتمكن.
وشدد "الطيب" على أنه لا يصح الترويج للأقوال الضعيفة والشاذة والمرجوحة، المبثوثة في كتب التراث، وطرحها على الجمهور، فهذا منهج يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة الذين أجمعوا على ترك العمل بالأقوال الشاذة.
صاحب سلطة
وأكد الداعية الإسلامي الشيخ عبد الحميد البلالي، أن كثرة انتشار الفتاوى الشاذة التي تظهر بين الفينة والأخرى، سواء جاءت في هذا العصر أو فيما مضى من العصور، مصدرها من أدعياء العلم الذين لا يعرفون العلم الشرعي الحقيقي، أو من أناس أعطيت لهم أموال ومغريات دنيوية؛ لإعطاء فتاوى شرعية وإسلامية تبرر ما يريده أصحاب السلطة، كما أنها تأتي من أناس مخربين كذلك".
ودعا "البلالي" الدعاة الحقيقيين إلى كشف زيف تلك الفتاوى الشاذة، التي تضر بالأمة الإسلامية؛ كونها فتاوى مخالفة للنصوص الشرعية المعتبرة.