500 سيدة في السجون.. مصر تعيش أزهى عصور القمع!

- ‎فيتقارير

* آية علاء: التصعيد ضد النساء جزء من ثقافة العسكر القمعية

* محمد مصطفى: استهداف النساء يؤكد رعب الانقلابيين من خطورة الحراك الثوري للمرأة

* ماجدة أبو المجد: إرهاب العسكر للنساء لن يثنيهن عن مواصلة النضال حتى دحر الانقلاب 

 

ولاء نبيه

مع صباح كل يوم جديد منذ قيام الانقلاب العسكري، لم تعد تخلو الأخبار اليومية من الحديث عن الانتهاكات القمعية ضد النساء، ما بين قتل واعتقال وتلفيق تهم لا يُفرق في ذلك بين القاصرات أو البالغات أو حتى العجائز منهن طالما كانت الجريمة -من وجهة نظر الانقلابيين- واحدة وهي رفض الانقلاب العسكري، وبالرغم من ذلك لم تفلح كل ممارساتهم الوحشية على مدار سبعة شهور في إخماد ثورة الحرائر.

 

وقد زاد هذا الفشل من رغبتهم المستمرة في الانتقام منهن فابتكروا كل جديد من أجل إرهابهن فازدادت وحشيتهم في مواجهة النساء في الشوارع؛ فأصبحنا نسمع عن الضرب المبرح المفضي إلى الموت والذي راحت ضحيته سيدة عجوز تجاوز عمرها الستين عامًا لا لذنب اقترفته أو لجرم ارتكبته ولكن لأنها فقط خرجت في إحدى المسيرات المؤيدة للشرعية، وبجانب الضرب المفضي إلى الموت أصبحت تطلعنا التقارير عن حجم الوحشية التي تمارس ضد مؤيدات الشرعية داخل سجون الانقلاب والتي من بينها التعذيب الجسدي بالعصي والسلاسل الحديدية وإجبار الفتيات على عمل اختبارات الحمل وكشوف العذرية؛ حيث كشف بيان أصدرته مؤخرًا "حركة نساء ضد الانقلاب" أنه عقب الموافقة على قانون التظاهر الذي وضعه الانقلابيون في أكتوبر الماضي زادت حدة موجة العنف ضد النساء، وتم ممارسة جرائم وصفها البيان بالعالمية من قبل ميليشيات وزارة الداخلية والتي أبرزها التعذيب الجسدي بالعصي والسلاسل الحديدية مؤكدًا أن هناك تقارير طبية تثبت صحة ذلك. 

 

هذا ويبلغ عدد النساء اللاتي تم اعتقالهن منذ قيام الانقلاب بحسب "حركة نساء ضد الانقلاب " 1500 سيدة منهن 500 سيدة رهن الاعتقال، وأنه في شهري ديسمبر ويناير فقط تم اعتقال ما يزيد عن 200 امرأة أغلبهن من الطالبات لا تتجاوز أعمارهن 18 عاما، يتعرضن لانتهاكات غير مسبوقة؛ أبرزها إجبار إدارة السجون المعتقلات على إجراء اختبار للحمل والعذرية للفتيات غير المتزوجات!

 أسباب التصعيد 

من جانبه أرجع التحالف الوطني لدعم الشرعية أسباب تصاعد الهجمة الجبانة من قِبل الانقلاب ضد النساء من مؤيدات الشرعية إلى عدة أسباب؛ كان أولها دورهن الكبير في الحشد للمظاهرات، وإفشال رهان الجهات الأمنية على كونهن قادرات على تعويض الزوج والابن بعد الاعتقالات والمواجهات، وصمودهن في وجه أكاذيب وشائعات طالت شرفهن".

 

أما السبب الثاني فيتمثل في “جمود العقلية الأمنية التي لم تتغير منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحبسه ومحاكمته لنساء الإخوان.. زينب الغزالي وحميدة قطب"، مرورا بعهد الرئيس أنور السادات (1970-1981م) الذي حاكم سيدات ماركسيات وناصريات (لطيفة الزيات، وأمينة رشيد، ونوال السعداوي، وعواطف عبد الرحمن، وصافي ناز كاظم.

ومن أسباب التصعيد أيضًا كما يراها التحالف أنها خطوة لكسر إرادة التحالف المؤيد للشرعية، خاصة أن المرأة تمثل رقما مؤثرا في التأثير الشعبي، وهي أكثر قدرة على التواصل مع المجتمع والدوائر المحيطة بها أكثر من الرجل.

 

التنكيل بزوجات القيادات

لم تعد تقتصر محاولات التشويه والتنكيل على مؤيدات الشرعية ممن يشاركن في المظاهرات والمسيرات، بل إنها امتدت لتشمل زوجات القيادات الذين يقبعن في السجون؛ حيث تم مؤخرًا تقديم بلاغات لدي النيابة تتهم كلا من زوجة الدكتور مرسي "الرئيس الشرعي للبلاد" وزوجة الدكتور البلتاجي وزوجة الدكتور محمد بديع "المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين" وزوجة المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد، بالإضافة إلى الدكتورة عزة الجرف عضو مجلس الشعب السابق بالتحريض على قتل محمد إبراهيم، وزير داخلية الانقلاب وقيادات من الوزارة، بالإضافة إلى التحريض على أحداث العنف التي تشهدها البلاد من خلال تصريحاتهن على حسابهن الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

من جانبها اعتبرت بعض الرموز النسائية التصعيد القمعي ضد النساء دليلا جديدا على إفلاس وضعف الانقلاب، مشيرين إلى أن نتائج ممارساتهم القمعية لن تزيد الحرائر إلا إصرارًا على مواجهة ودحر هذا الانقلاب الدموي.

 

 ثقافة العسكر القمعية

في هذا الإطار اعتبرت آية علاء المتحدث الإعلامي باسم "حركة نساء ضد الانقلاب" أن هناك تصعيدا قمعيا ضد النساء المؤيدات للشرعية، مشيرة إلى أن الضرب والسحل واختبارات الحمل وغيرها من الممارسات القمعية لم تعد هي الأسوأ بل إن هناك ممارسات أخرى أسوأ منها؛ وهي: الخطف والاعتقال العشوائي والتحرش وتعمد نزع الحجاب وتقطيع الملابس!

وأشارت "علاء" إلى أن التجارب السابقة التي عاشها المجتمع المصري في ظل حكم المجلس العسكري والتي كان أشهرها قضية سحل الفتاة في أحداث محمد محمود فضلا عن قضية كشف العذرية وغيرها من الانتهاكات ضد المرأة يجعل ممارساته اليوم ليست من الأمور المستغربة مهما بلغ به من تصعيد؛ وذلك لأن ثقافة العسكر القمعية معروفة للجميع، مؤكدة أن العسكر يواجهون الشعب بنفس منطق مواجهة العدو، ولديهم دائمًا الضوء الأخضر في هذه المواجهة فلا يفرقون بين رجال أو نساء!

 

ومن ثم ترى أن الجرائم التي يرتكبها قادة الانقلاب اليوم ضد حرائر مصر ونسائها، ما هي إلا حلقة جديدة تضاف إلى سجلهم الإرهابي، مؤكدة أن استمرار هذه الممارسات لن يفت في عضد النساء ولن يثنيهن عن مواصلة نضالهن ضد الانقلاب الدموي، وأن نساء مصر في داخل مصر وخارجها من المناهضات للانقلاب سيظللن شوكة في حلق الانقلاب، فوعي المرأة وإيمانها بالقضية هو السلاح الحقيقي الذي يواجهن به بطش وغطرسة الانقلابيين، وتابعت أن كل النساء من الرافضات للانقلاب على علم بأن طريق النصر وتحقيق الهدف ليس ممهدا وأنه مليء بالمصاعب، ولكنها في الوقت نفسه لديها إيمان حقيقي بقدرتها على تغيير هذا الواقع السيئ المقيت من أجل مستقبل أفضل لأبنائها، من أجل ذلك فهي حريصة على استكمال ما بدأته من كفاح ونضال مهما واجهها من صعاب. 

عار ومهانة

 من جانبه أكد محمد مصطفى -الناشط الحقوقي والمنسق العام لاتحاد الثورة المصرية- أن ما يمارسه النظام الحالي ضد النساء من تصعيد قمعي غير مسبوق وصل إلى حد القتل والاعتداء الجسدي ما هو إلا ترجمة واضحة وصريحة على رعب هذا الانقلاب من خطورة استمرار المرأة في حراكها الثوري في الشارع؛ لأن التاريخ النضالي للمرأة المصرية عبر العصور المختلفة يؤكد دورها المحوري في إسقاط كل هذه الأنظمة الاستبدادية منذ ثورة 1919، مؤكدًا أن الانقلابيين يدركون ذلك جيدًا ومن ثم ساقهم رعبهم الشديد من دور المرأة إلى ممارسة كل هذه الانتهاكات غير المسبوقة حتى في أعتى النظم الاستبدادية، مشيرًا إلى أن ما يمارسه الانقلابيون اليوم ضد النساء والقصر لا يمثل ردة فقط إلى عهد حبيب العادلي؛ لكن إلى عهد صلاح نصر في عهد عبد الناصر وهي أسوأ عصور القمع التي عاشتها الدولة المصرية! 

 وأضاف مصطفي أن الانقلاب سبق وأن ألحق بالدولة المصرية الدمار والانهيار في كافة القطاعات، ولكنه اليوم باستمرار ممارساته القمعية التي يستهدف بها النساء قد ألحق بالدولة المصرية العار وأورثها المهانة بين دول العالم المختلفة.

 

مشيرًا إلى أن المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج توثق كل ما تتعرض له المرأة اليوم بمختلف فئاتها العمرية،

وسيأتي اليوم التي يحاسب فيه كل الانقلابيين على جرائمهم المشينة ضد المرأة، مؤكدًا أن غباء الانقلاب واستمرار اعتماده على الحلول الأمنية أصبح هو الرهان الأكبر على سقوط هذا الانقلاب، لافتًا إلى هذا التصعيد سواء ضد النساء أو غيرهم من مناهضي الانقلاب يكشف أمام الجميع الوجه القبيح لهذا الانقلاب وهو ما يمثل أول معول هدم لإسقاطه.

 

نتائج عكسية

من جانبها أشارت ماجدة أبو المجد -عضو حركة نساء ضد الانقلاب- أن الرسائل الإرهابية التي يحاول الانقلابيون إرهاب المرأة بها من خلال القتل والضرب والتعذيب وامتهان الكرامة، لم تكن لها إلا نتائج عكسية عليهم ولكنهم لأسف لم يتعلموا حيث لم تزيد هذه الممارسات المرأة إلا إصرار وصمودًا على موقفها، مشيرة إلى أن دلائل ذلك كثيرة ويلمسها الجميع من أن المرأة هي التي تتصدر المشهد عندما تُطلق مليشيات الانقلاب الرصاص الحي وقنابل الغاز على المتظاهرين دون خوف وبشجاعة غير مسبوقة، بل إنها أصبحت تمثل مصدرا وشعلة لحماس الثوار من الرجال من خلال تردديها هتاف "اثبت، اثبت".

 

وأكدت أن الحركات النسائية الثورية في تزايد كل يوم بشكل ملحوظ بالرغم من هذا التصعيد القمعي ضد النساء والذي يهدف إلى كسر أنف كل معارضي الانقلاب، مشيرة إلى أنه بجانب "حركة نساء ضد الانقلاب" ظهرت "حركة طالبات ضد الانقلاب وألترس بنات ضد الانقلاب" وهو أمر يؤكد فشل الانقلابيين في وأد ثورة المرأة، بل كانت ممارساتهم الحمقاء سببًا مباشر في استمرار إشعال الثورة فأصبحنا نجد رجالا يخرجون في المظاهرات بهدف اصطحاب نساءهم اللاتي تصررن على المشاركة في المسيرات المناهضة للانقلاب، وكذلك نرى كل فتاة يعتقلها الانقلابيون بسبب مشاركتها في المظاهرات يخرج بدلًا منها العشرات من أقاربها للتنديد بممارسات العسكر، وهكذا يظل الانقلابيون يسهمون بغبائهم في التعجيل بدحر هذا الانقلاب الدموي الغاشم.


وتابعت أن المرأة منذ الانقلاب العسكري قدمت نموذج الشهيدة والمصابة والمعتقلة ولا تزال صامدة، وهو الدرس الذي لا يزال لا يعيه الانقلابيون، لذلك هم مستمرون في غبائهم ووحشيتهم التي تزيد من زخم الشوارع بملايين الرافضين للانقلاب.