كتب سيد توكل:
قد يبدو غريبا لأول وهلة الربط بين "خطف الأطفال" وبين السفيه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، بديهي أنه لا يجتمع بتلك العصابات ولا يعطيهم أمرًا بالخطف، لكنه يفعل ما هو أسوأ من ذلك بكثير، "الضوء الأخضر".. نعم الضوء الأخضر الذي يسمح للخارجين عن القانون ولذئاب البشر بالتلذذ بسلخ وذبح وتعذيب ضحاياهم واستغلال أجسادهم الصغيرة في بيع وتصدير الأعضاء البشرية، وبيعهم كـ"خدامين" في البيوت، أو للتبني والاعتداءات الجنسية، أو على أقل تقدير ابتزاز أهاليهم ماديًا وتقليب جيوبهم من "الرز".
فقد المصريين الثقة في حكومات الانقلاب، لأنهم يعلمون أن وظيفة الجيش والشرطة ليست حمايتهم وحماية أرواح أطفالهم، بل تقتصر على حماية عصابة الانقلاب وأذرعهم ومحاسيبهم فقط، لذلك احتجز أهالي قرية النزل التابعة لمركز منية النصر، مساء أمس الثلاثاء، 6 مجهولين ألقوا القبض عليهم واتهموهم بخطف الأطفال بالقرية، وتجمهروا أمام نقطة الشرطة بالقرية وقذف عدد من أهالي القرية سيارات الشرطة بالحجارة لمنعهم من دخول القرية واستلام المتهمين، ما تسبب في تحطيم زجاج 3 سيارات للشرطة ذكرت الناس بأحد أسباب الغضب في ثورة 25 يناير، فهل وصل وعي المصريين أن حياتهم وأولادهم وأموالهم ومستقبلهم في خطر مع النظام السفيه السيسي؟
مجرد التفاتة!
في عهد العسكر قد تكلفك التفاتة في وطن فقد الأمان والأمان ضياع صغيرك، ولم يكن ياسر عبده يدرك أن مجرد التفاتة لا تستغرق دقائق بإحدى الحدائق ستكلفه كل هذا الحزن والعناء، فمنذ اختفاء ابنه ذي الأربعة أعوام لم يعد يتذوق طعم الحياة.
بحث عبده عن ابنه آدم في أقسام الشرطة التي يخشاها الشرفاء ويؤمها البلطجية في عهد السيسي، وكذلك في المستشفيات ودور الأيتام بالعاصمة المصرية القاهرة، ولكن دون جدوى.
ورغم قسوة احتمال أن يكون ابنه وقع تحت يد عصابات خطف، فإن عبده تمنى هذا المصير للصغير، فمأساته ستنتهي بمجرد دفع مبلغ مالي للخاطفين كما حدث مع حالات عديدة، وفق تعبيره.
وقال الأب في تصريح صحفي إنه يعيش منذ اختفاء ابنه أوائل مارس الماضي، على أمل أن يتصل به أحد ليخبره بخطف ابنه، لكن ذلك لم يحدث، مشيرا إلى أن الاحتمالات الأخرى غير الخطف مخيفة.
والاحتمالات الأخرى، وفق الأب، تنحصر بين استخدام الطفل في التسول من قبل شبكاته المنتشرة بمصر أو قتله من قبل عصابات سرقة الأعضاء.
حالة الطفل آدم ليست فريدة، فاختفاء واختطاف الأطفال بات ظاهرة مع قدوم الانقلاب في 30 يونيو 2013، وتذكر المصريين بكل الندم الرئيس المنتخب محمد مرسي وقولته الشهيرة "أنا جاي أحافظ على البنات"، ووفق تقرير صادر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، فإن ظاهرة اختطاف الأطفال تزايدت في الآونة الأخيرة.
ورصدت المؤسسة في الأربعة أشهر الماضية 43 حالة اختطاف أطفال من عمر عام إلى خمسة أعوام، واحتل الريف المرتبة الأعلى في معدل انتشار الظاهرة، لتدني مستوى الخدمات وتفشي الفقر مقارنة بالمدن، وفق نتائج التقرير.
مفيش حكومة!
ويعاني المصريون من غياب حقيقي لأجهزة الدولة المدنية، فلا برلمان حقيقي يراقب ويتابع ويشرع لصالح المواطن، بل دوره في سن قوانين القمع والنهب والسلب، ولا داخلية تقاوم الجريمة وتمنعها قبل وقوعها، بل ميلشيات تحطم المنازل وتهدمها على رؤوس ساكنيها إن كان لهم معتقل أو شهيد او مطارد ضد الانقلاب، ورصد المجلس القومي للأمومة والطفولة – تابع لحكومة الانقلاب- عددا أكبر خلال الربع الأول من العام الحالي، فتحدث عن 125 حالة خطف واتجار بالأطفال.
ومع تزايد حالات اختفاء وخطف الأطفال، لجأت العديد من الأسر إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور أبنائها المختفين، والإعلان عن مبالغ مالية لمن يدلي بمعلومات عنهم.
ودشن نشطاء عددا من المجموعات على موقع فيسبوك لمتابعة الظاهرة ومنها "مشروع الرقم القومي للطفل لمواجهة خطف الأطفال".
ويطالب مؤسسو المشروع باستخراج بطاقات رقم قومي رسمية لجميع الأطفال أسوة بالمواطنين البالغين، على أن ترفق بها صور والديهم، كما دشن نشطاء حملة مقاومة خطف الأطفال لتسهيل التواصل مع أسر الأبناء المختفين.
الانقلاب يكذب
مدير شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين أحمد مصيلحي، اعتبر أن الأرقام الصادرة عن مجلس الأمومة والطفولة ومؤسسة النهوض بأوضاع الطفولة قليلة جدا مقارنة بالواقع.
وأضاف في تصريح صحفي أن المؤسسات الحقوقية تعتمد في إحصائياتها على حوادث الاختفاء والاختطاف المنشورة إعلاميا، ولا تعتمد على التقارير الميدانية، مما يجعل تقاريرها غير دقيقة.
وأرجع مصيلحي مشكلة الاختطاف إلى أزمات اجتماعية كالفقر والتفكك الأسري والتسرب من التعليم "فضلا عن انشغال رجال الأمن بمحاربة الإرهاب وتجاهل حماية المواطنين".
الشامخ نايم!
ووفق حقوقيين، فإن بطء العدالة في توقيع العقوبة على مرتكبي الجرائم يساهم في تنامي ظاهرة خطف الأطفال.
وتوجد ستة أسباب لخطف الاطفال، أولها الاتجار بالأعضاء البشرية، وهناك 12 قضية تم الكشف فيها عن عصابات تعمل لجهات داخل وخارج البلاد في بعض المستشفيات من أجل الاتجار بالأعضاء، أما السبب الثاني فهو استخدام الطفل في عصابات التسول حين يكون من أسرة متواضعة.
السبب الثالث كان التبني وهي حالات الأطفال ميسورة الحال التي لا يصلح معها التسول أو الاتجار بأعضائها، أما السبب الرابع فهو طلب الفدية وهو الأمر الذى ينطبق علي حالات من الأسر ذات الدخول المرتفعة.
ويبقي السبب الخامس هو ذبح الطفل علي مقبرة من أجل أعمال السحر من أجل اكتشاف الآثار والذى ينتشر بمحافظات الصعيد، بينما السبب السادس هو الخطف من أجل الاغتصاب مثل طفلة بورسعيد “زينة”، والطفلة المعروفة إعلاميا بـ”طفلة البامبرز”.