قريبًا.. المخابرات الحربية تتجسس على “أوبر” و”كريم”!

- ‎فيتقارير

كتب كريم محمد:

 

طالبت جهة سيادية (قالت صحيفة نيويورك تايمز إنها "المخابرات الحربية") شركتي أوبر وكريم، لتوصيل الركاب عبر تطبيق طلب السيارات الخاصة، بالكشف عن البيانات الخاصة بعملائهما وأيضًا السائقين العاملين لديهما، ما يعتبر أحدث وسيلة للتجسس على المصريين.

 

وهو الأمر الذي يؤكد تغلغل جهاز المخابرات الحربية الذي كان يرأسه السيسي قبل سطوه على الحكم بانقلاب عسكري، في قطاعات الحياة الداخلية للمصريين بعد سيطرته على وسائل الاعلام والصحف، والوزارات وإقصاء جهاز المخابرات العامة لأعمال خارجية فقط.

 

وقالت الصحيفة إن قادة الجهاز اجتمعوا مع مدير شركة اوبر" وطالبوه بتسليم ما تسميه الشركة "هيفن" أو "الجنة" وهو المصطلح الذي تطلقه أوبر على البرنامج الداخلي الذي بوسعه توفير بيانات حية حول العملاء، والسائقين والرحلات، وبإمكانه تتبع أي رحلة لأوبر عبر خارطة رقمية عملاقة، ومعرفة خط سير من يركبون سيارات الشركة.

 

وشددت الصحيفة على أن "هذا البرنامج يمكن أن يصبح أداة بطشٍ في أيدي قوات الأمن المصرية، التي ازداد لجوؤها للتجسس على المواطنين تحت حكم (المنقلب) عبد الفتاح السيسي، كجزء من الجهود المبذولة لقمع المعارضة وتحصين حكم السيسي".

 

وأشار التقرير إلى قيام الحكومة بعرض العديد من الحوافز والمميزات على الشركتين مقابل أن تزويدها بهذه البيانات وهو ما رفضته أوبر، فيما اتجهت كريم التي تمتلك برنامجاً مشابها للتتبع به معلومات 3 ملايين مصري، لمناقشة العرض في اجتماعات مع الحكومة، وهو ما أنكرته كريم فيما بعد، وربما تضطر الشركات كلها للاستجابة لطلب الدولة.

 

وقال تقرير الصحيفة الأمريكية إن طلب المخابرات الحربية التنصت على خصوصيات المصريين وتنقلاتهم جاء في الوقت الذي حاولت فيه أوبر التوسّع في مصر هذا العام، وفي الوقت الذي يناقش فيه برلمان العسكر قانونا يجبر مقدمي الخدمة على تقديم ما لديهم من أنظمة معلومات للجهات الامنية.

 

الجيش يدخل سوق توصيل الركاب!

ووفقًا لمسؤول في شركة "كريم" على اطلاع مباشر بذلك الاجتماع، عرض اللواء علاء عطوة من الجيش المصري في الاجتماع الثاني 19 يناير 2017، صفقة، تشتري بموجبها شركة مملوكة للجيش تسمى MSA دهب 5% من أسهم فرع مصر وتستضيف خوادمه.

 

وفي المقابل عرض الجيش أن تساعد شركة "دهب" التابعة للمخابرات، "كريم" في المفاوضات مع السلطات المصرية، وحضر رئيس كريم "السيد شيخة" هذا وبرر اللواء علاء عطوة حرص الجيش على دخول هذا المجال بقوله لمسئول شركة كريم أن: "المعلومات هي القوة ونحن نحتاجها".

 

وسبق لـ "وائل الفخراني"، مدير فرع مصر السابق الذي طردته "كريم" أن قال في لقاء تلفزيوني سابق أن "الشركة قد تشارك بياناتها الحية مع وزارة الداخلية"، وبعد أسابيع عقد الفخراني لقاءين في مقرات الاستخبارات الحربية في مدينة نصر بالقاهرة لبحث الترتيبات المقترحة.

 

تفصيل ما جرى في الاجتماعات

وذكرت الصحيفة تفاصيل ما جري مؤكدة أنه "في اجتماع مع المدير التنفيذي لشركة "كريم" مدثر شيخة، عرضت المخابرات الحربية المصرية منح "كريم" معاملة تفضيلية لقاء الحصول على بيانات العملاء والسائقين الخاصة بالشركة. 

 

ونقلت عن "كريم" أن العرض لم يُسفر عن أي نتيجة، إلا أنه ألقى الضوء على نوايا الحكومة المصرية، التي قد تتحول إلى قانون في وقت قريب، سواء بموافقة أوبر وكريم أو من دونها.

 

ولم ينكر "السيد شيخة" حدوث اللقاء مع الجيش، لكنه وصف الأمر بأنه "جزء من مساعي جني النفوذ المنتظمة للشركة"، مؤكدا أن "المخابرات الحربية مساهم مهم في هذا الأمر لأن الحكومة تريد أن تضمن تقديم الخدمة بشكل آمن".

 

إلا أن مدثر شيخة أنكر أن كريم قد طُلب منها تقديم معلومات حية، مؤكدا أن "هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها بالأمر منك الآن".

 

وتقول الصحيفة أن "كلا الشركتين تمنحان طوعاً معلومات الزبائن للقوات الأمنية في عدد من الدول، فيما يخص قضايا معينة عادة واستجابة لطلب قانوني، لكن السماح للأجهزة الأمنية المصرية بالدخول الي انظمة كريم واوبر الالكترونية، يمنحها قدرات أوسع على تتبع أشخاص متعددين وتحليل تاريخ وأنماط رحلات الشخص المستهدف".

 

وفي أبريل الماضي، وافقت الحكومة على مشروع قانون تنظيم استخدام السيارات الملاكي لأغراض تجارية (أوبر وكريم) فيما يعرف باسم مشروع "تنظيم خدمات النقل البري للركاب في السيارات الخاصة باستخدام تكنولوجيا المعلومات".

 

وقريبًا سيُعرض مشروع القانون على برلمان ااعسكر، وفيه يُطالب من هذه الشركات وضع خوادمهم الالكترونية داخل مصر، وربط بياناتهم "بالهيئات ذات الصلة" في الحكومة، ما يعني المزيد من الرقابة على المصريين.

 

وتقول الصحيفة ان مسوّدة القانون لن تواجه معارضة قوية في البرلمان المليء بمؤيدي السيسي الذي تمارس عليهم الأجهزة الأمنية نفوذها وإذا مرر برلمان السيسي القانون، فستواجه الشركتان خياراً صعباً إما الاستجابة للقانون الذي يخرق خصوصية الزبائن أو ترك السوق المغري للمنافسين.

 

ويمكن للأجهزة الأمنية تعقب المصريين بالفعل عبر هواتفهم المحمولة، إلا أن التجسّس على وسائل النقل "يعكس طموحات السيسي فيما يخص الرقابة الإلكترونية بعدما قامت حكومته بالفعل باعتقال المواطنين على خلفية منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، واخترقت حسابات النشطاء باستخدام حسابات إلكترونية وهمية، بالإضافة إلى منع تطبيقات الرسائل المشفرة" بحسب نيويورك تايمز.

 

وتعتبر مصر ثالث أكبر مدن "أوبر" في عدد الركاب بعد لندن وباريس في المنطقة التي تمتد من أوروبا إلى الشرق الأوسط، بسبب تعداد مصر الكبير 92 مليونًا وانخفاض نسبة امتلاك السيارات، وهو ما يعد جائزة يسعى الجميع للحصول عليها.

 

وقد أقر المتحدث الرسمي لأوبر "مات كالمان" بأن موضوع مشاركة البيانات سبق أن طرحه وزراء مصريون خلال جلسة تشاور أخيرة حول قانون النقل، لكن "مشاركة البيانات الحية مسألة غير واردة"، مؤكدا: "لا ولم نوفر لأي حكومة الوصول إلى بيانات الركاب الحية ونحارب دائمًا لحماية خصوصياتهم".