تقدير استراتيجي: إيران وتركيا يعادلان موازين مقاطعة قطر.. وواشنطن أبرز الخاسرين

- ‎فيعربي ودولي

كتب- محمد مصباح:

 

يثير الموقف الامريكي من المقاطعة الخليجية لدولة قطر العديد من الأسئلة، حيث يبدو وكأن هناك تناقض ما بين موقف المؤسسات الرسمية خاصة الدفاع والخارجية واللذين أكدا علي عمق العلاقة مع قطر، وحرصهما علي استمرار التعاون خاصة في المجالات الامنية، واعتبارهم قاعدتهم العسكرية في الدوحة قاعدة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها بمكان آخر.

 

وفي مقابل هذا يبدو موقف الرئيس ترامب وكانه راض عن المقاطعة الخليجية، حيث عبر في تويته له علي موقع تويتر ان نتائج جولته في الخليج بدأت في الظهور خاصة فيما يتعلق بمحاربة الارهاب، مشيرا إلي أن القادة العرب اشاروا له أن القضاء علي الارهاب يبدأ باتخاذ مواقف حاسمة مع قطر.

 

وبجسب مراقبين، يعكس الموقف الأمريكي حالة من الانقسام الشديد في المواقف والرؤى ما بين ترامب والمؤسسات الأمريكية، إذ يبدو أن هناك حالة من عدم الرضا داخل المؤسسات الأمريكية خاصة وزارة الدفاع مما أحدث خوفاً من أن يقود الي صراع غير مدروس بين دول الخليج الرئيسية وبشكل قد يؤثر علي المصالح الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة، إذ جاء القرار الخليجي في الوقت الذي يستعد فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لخوض معركته العسكرية مع تنظيم داعش في الرقة، ومن ثم فهي تحتاج لتكاتف جهود العالم حتى تنتهي من تلك المعركة غير مضمونة العواقب.

 

ترامبيات

 

أما ترامب فالواضح أنه كان علي علم بتفاصيل العملية التى اعتبرها ثمره لجهوده في منطقة الخليج وبداية للقضاء على الارهاب، وعلى ما يبدو أن ترامب متأثر بشكل كبير بالادعاءات الاماراتية والسعودية الخاصة بدور قطر في دعم حماس وجماعة الاخوان، ويعتقد ان الخطوة الخليجية قد ترغم قطر في النهاية على الرضوخ للإرادة الخليجية المتوافقة مع رؤية ترامب الخاصة بمستقبل الاوضاع في المنطقة، وبذلك يصبح الطريق أمام صفقة القرن ممهدا لتحويله من إطار الخطط والأفكار الي واقع عملي ملموس.

 

ولكن لأن العملية تبدو محفوفة بالمخاطر خاصة بالنسبة للمصالح الامريكية ولوجودها العسكري الاستراتيجي في المنطقة، فيتوقع أن تبقى الولايات المتحدة على الحياد، بل قد تدفع في اتجاه تهدئة التوترات الخليجية وإعادة الامور الي ما كانت عليه في السابق، خوفا من أن يسفر ما يحدث عن ظهور تحالفات جديدة تكلف الولايات المتحدة كثيراً ويصعب السيطرة على تطورات الأوضاع في نهاية المطاف.

 

التراجع الأمريكي.. أسباب ونتائج

 

وباستقراء المسار السياسي للازمة ، يلاحظ تراجع في نبرة الخطاب الأمريكي المعادي لقطر بعد رد الفعل الأوربي القوى من قبل ألمانيا وفرنسا والرافض بشدة للحصار الخليجي المفروض علي قطر، واعتباره " ترامبيات" من شأنها أن تهدد أمن المنطقة والعالم، وهو موقف يعكس عدم ثقة أوربا في مواقف وسياسات الرئيس الامريكي ترامب التى باتت تهدد المصالح الغربية في المنطقة والعالم.

 

كما كان لموقف تركيا القوى خاصة بعد تصديق البرلمان التركي علي اتفاقية التعاون الامني مع قطر، وهي مواقف من شأنها أن تقوى من الموقف القطري وفي مواجهة الهجمة الخليجية الشرسة ضد النظام القطري ومحاولة كسر إرادته، لذلك لوحظ اسراع الرئيس ترامب الذي بدا وكأنه موافق على الإجراءات الخليجية ضد قطر، في تغيير مواقفه والتعبير عن رغبته في رعاية وساطة لحل الأزمة الخليجية، داعيًا أمير قطر لزيارة الولايات المتحدة لوضع نهاية للأزمة الحالية، وإن كان الواضح أن ترامب إنما يرغب في الضغط علي قطر من أجل الاذعان للارادة الخليجية خاصة الاماراتية ووقف التصعيد مع دول الخليج، من أجل استكمال مخططات وصفقات ترامب الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط، وإن كان لا يتوقع لتلك المساعي أن تلقى النجاح المطلوب؛ بسبب عدم ثقة القيادة القطرية في مواقف ترامب، ورغبتها في عدم الاذعان للضغوط الخليجية التى ترغب في انهاء الدور القطري في المنطقة لصالح الامارات والسعودية، خاصة وأنها تعلم أن الوقت يلعب لصالحها بسبب التحديات التى تواجهها السعودية والتى قد تجعلها لا تتمادي في معاداة قطر لان ذلك في النهاية لا يصب في صالح دول الخليج بقدر ما يصب في صالح ايران والولايات المتحدة وإسرائيل.