تهور ابن سلمان والاتهامات المتبادلة تدق طبول الحرب بين السعودية وإيران

- ‎فيعربي ودولي

كتب رانيا قناوي:

بدأ الأمير محمد بن سلطان ولي ولي العهد السعودي ورجل أمريكا الجديد، في دق طبول الحرب مع إيران، في الوقت الذي استجاب فيه ابن سلمان لمخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالدخول في حلف إسرائيل بزعم الحرب على إيران، إلا أن وتيرة الصراع احتدمت بشكل سريع، بعد إعلان السلطات السعودية أن "القوات البحرية الملكية السعودية اعتقلت 3 عناصر من الحرس الثوري الإيراني كانوا على متن زورق محمل بالمتفجرات يتجه نحو منصة نفطية في حقل مرجان في الخليج العربي عند الساعة 2028 من مساء يوم الجمعة الماضي".

وقالت السلطات السعودية إن الزورق كان واحدا من 3 زوارق قامت البحرية السعودية باعتراضها، وتم إيقاف الزورق واعتقال من على متنه، وقد لاذ الزورقان الآخران بالفرار.

ونسب مركز الاتصال الدولي التابع لوزارة الثقافة والإعلام إلى مصدر سعودي مسؤول القول "من الواضح أن القصد من ذلك كان تنفيذ عملية إرهابية في المياه الإقليمية السعودية بهدف إلحاق أضرار جسيمة بالأرواح والممتلكات"، مؤكدا أن السلطات السعودية تتولى حالياً استجواب أعضاء الحرس الثوري الإيراني الثلاثة الذين تم القبض عليهم.

وذكرت مصادر أمنية أن الزورق كان محملا بعدد كبير من الأسلحة والمتفجرات بينها ألغام مزودة بمادة (تي.أن.تي) بهدف تفجير حقل مرجان البترولي.

إيران تنفي
فيما نفت إيران تصريحات السعودية التي أعلنت فيها أنها احتجزت 3 عناصر من الحرس الثوري الإيراني كانوا على متن زورق محمل بالمتفجرات ومتجه نحو منصة نفطية سعودية في مياه الخليج.

وقال مجيد أغابابي، المكلف بشئون الحدود في وزارة الداخلية الإيرانية، مساء أمس الاثنين، حسب ما نقلت عنه وكالة "إيرنا" للأنباء، إن "هوية الأشخاص الثلاثة معروفة، وهم ينحدرون من بوشهر (مرفأ جنوب إيران)، وكانوا يصطادون عندما اعتقلهم خفر السواحل السعودي".

ونفى أغابابي وجود أي دليل على أن الأشخاص الذين تم احتجازهم من قبل القوات السعودية هم من العسكريين الإيرانيين.

وجاء ذلك بعد أن قالت طهران، يوم السبت الماضي، إن صيادا إيرانيا قتل برصاص قوات خفر السواحل السعودية أثناء مرور زورقه قرب الحدود البحرية للمملكة السعودية، وأضافت حينها أن قاربي صيد إيرانيين كانا في مياه الخليج وضلا طريقهما إثر تدافع الأمواج.

ورجحت الداخلية الإيرانية أن من المحتمل أن يكون القاربان قد دخلا المياه السعودية، مما دفع خفر السواحل السعودي لإطلاق النار على الإيرانيين، وهو ما أدى إلى مقتل أحدهما على الفور.

توتر شديد
يأتي ذلك في الوقت الذي اتهمت فيه إيران السعودية من أسبوعين الوقوف وراء العملية الإرهابية التي حدثت بالقرب من مجلس النواب الإيراني، والتفجيرات التي حدثت عند مرقد الخميني، الأمر الذي زاد من حدة التوتر بين السعودية وإيران بعد قيام الرياض بقطع العلاقات مع طهران إثر اقتحام السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران عقب إعدام الشيخ نمر باقر النمر بعد اتهامه بالإرهاب.

كما تتهم السعودية إيران بدعم الإرهاب والحوثيين في اليمن لزعزعة استقرار المملكة وبالتدخل في شئون الدول الخليجية، وهو ما تنفيه إيران.

تهور محمد بن سلمان
ودخلت الحرب الكلامية بين إيران والسعودية منعطفًا نوعيًا عقب تصريحات أدلى بها الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، بنقل المعركة إلى "داخل إيران" وما تلا ذلك من ردود أفعال غاضبة إيرانية، صيغت في رسالة احتجاج قدمتها طهران إلى أمين عام الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن.

وكان ولي ولي العهد الأمير ابن سلمان قد ذكر للتلفزيون السعودي، أن "إيران تريد السيطرة على العالم الإسلامي"، ومن ثم فـ"كيف يمكن التفاهم معهم؟ فمنطق إيران أن المهدي المنتظر سوف يأتي ويجب أن يحضروا البيئة الخصبة لظهوره عبر السيطرة على العالم الإسلامي".

وشدد الأمير السعودي على أن بلاده "لن تنتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران".

فيما رد وزير الدفاع حسين دهقان في تصريحات لوكالة تسنيم للأنباء، أن "طهران لن تترك جزءا من السعودية على حاله باستثناء الأماكن المقدسة"، في حال "ارتكبت (الرياض) أي حماقة بنقل المعركة".

وتأتي هذه التطورات في وقت اشتدت فيه ألسنة الحرب اشتعالاً في المنطقة، ودخلت حروب الوكالة بين الطرفين إلى نفق شبه مسدود. فسواء في اليمن أو في سوريا أو العراق تستمر حرب الاستنزاف بالنسبة للجهتين دون أن ينجح أي منهما في حسم الصراع لصالحه.

وتناغمت تصريحات ابن سلمان مع تغريدة ترامب في فبراير الماضي، حين توعّد بأن "إيران تلعب بالنار، والإيرانيون لا يقدّرون كم كان أوباما (الرئيس السابق) طيباً معهم، أما أنا فلست مثله".

صفقات سلاح أمريكية للسعودية
في المقابل، تتواصل الصفقات الأمريكية للسلاح إلى السعودية، والتي كان آخرها بيع أسلحة بمائة مليار دولار في أكبر عرض تقدمه أي إدارة أمريكية على مدى 71 عاماً من التحالف الأمريكي السعودي.

مواجهة عسكرية محتملة؟
وقال الدبلوماسي الألماني السابق والذي كان سفيراً لبلاده لدى إيران والسعودية، برند إربل، إنه لا يعتقد أن البلدين يمكن أن يخاطرا بخوض حرب عسكرية، "فكلا الحكومتين أكثر عقلانية من الدخول في حرب ضد بعضهما" وهي لن تتعدى حدود "حرب كلامية لكن لها آثار سلبية وضارة على المنطقة".

إلا أن إربل -خلال حوار سابق مع التلفزيون الألماني- أكد أنه سيتم نقل الخلاف إلى مناطق أخرى "كحرب بالوكالة". وفي الإشارة إلى الحرب بالوكالة، سوريا هي أبرز وأهم ساحاتها بين القوتين الإقليميتين المتنافستين، إذ أن كل طرف يدعم حلفاءه في سوريا، حيث "ضخت إيران الكثير من الأموال والأسلحة، وعلى الجانب الثاني تم إدخال كميات كبيرة من الأسلحة وأعداد كبيرة من المقاتلين المرتزقة إلى سوريا بتمويل من السعودية وقطر والإمارات"، يقول الدبلوماسي الألماني السابق.

أما استبعاد نشوب حرب ومواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين، فيعود إلى أن خلافهما وصراعهما هو "خسارة فادحة" لكليهما ولا يمكنهما تحقيق أي مكاسب من خلالها.. وقد أصبح البلدان اليوم "أذكى من السابق ويقولان إنه يجب تحويل هكذا خلافات إلى ربح للطرفين" وأبسط مثال على ذلك حسب رأي إربل هو أسعار النفط التي لا يمكن رفعها أو تحقيق استقرارها دون تعاون السعودية وإيران واتفاقهما على خفض كميات الإنتاج.

وتحررت إيران بعد الاتفاق النووي من القيود التي كانت تكبلها نتيجة رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها سابقًا بسبب برنامجها النووي، و"باتت قادرة على استخدام إمكانياتها أكثر للتأثير على المنطقة، وكل هذا سبب هلعا للسعودية" التي يجب أخذ مخاوفها على محمل الجد ولو أنها "ليست واقعية" حسب رأي الدبلوماسي الألماني السابق برند إربل.