وبدأت رحلة العطش.. إثيوبيا تبدأ حجب 14 مليار متر مكعب سنويا بعد تنازل السيسي

- ‎فيأخبار

كتب كريم محمد:

يبدو أن مصر تتجه لفقدان الأمن المائي، وبدء رحلة العطش، بعد فقدانها الأمن القومي بعدما تخلي السيسي عن حقوق مصر المائية في الاتفاقيات التاريخية، ثم تخلي عن مصرية مضيق تيران وسح لإسرائيل بالملاحة الدولية في المنطقة دون رقيب.

فبعد أسبوعين تقريبا من الآن وتحديدا في الأسبوع الأول من يوليه ستبدأ إثيوبيا تخزين المياه في بحيرة سد النهضة على مدى 5 سنوات، دون انتظار الانتهاء من الدراسات الفنية التي تجريها الشركات الاستشارية الفرنسية لاختبار تأثيرات السد على مصر.

رئيس وزراء اثيوبيا أعلن رسميا يوم 10 يونيو الجاري أن بلاده بصدد افتتاح المرحلة الأولى من سد النهضة خلال أيام قليلة وأنها ستبدأ بتخزين أربعة عشرة مليار متر مكعب من المياه في بحيرة السد، ووزرائه قالوا إنهم لا يكترثون باي احتجاجات مصرية.

لو صحت نية إثيوبيا بملء السد في 5 سنوات، ورفضها مطالب مصرية بأن يكون الملء خلال 14 سنة أو 10 سنوات، فمعني هذا أنها سوف تمنع وتحجب ما يقرب من 14 إلى 15 مليار متر مكعب من النيل الأزرق سنويا عن مصر والسودان علما أن حصة مصر 55 مليار متر مكعب، لأن سعة السد الاثيوبي 74 مليار متر مكعب.

تواطؤ نظام السيسي مع اثيوبيا كشفته مصادر اثيوبية قالت لصحيفة «الشروق»، أنه "تم إبلاغ مصر بهذه الخطوة منذ زيارة وزير الخارجية الإثيوبي الأخيرة للقاهرة قبل 3 أشهر، وأن التخزين سيكون من موسم الفيضان المقبل بداية يوليو 2017"، أي أنه يعلم ويصمت.

وكانت مصر طالبت بتخزين المياه خلف السد على مدار 10 سنوات؛ حتى لا يكون هناك تأثير كبير عليها، ولكن إثيوبيا تجاهلت السيسي ولم يعقب على تجاهلها لها، كما أعلنت دون الرجوع إلى القاهرة، أنها ستزيد عدد توربينات الكهرباء حتى تولد 6450 ميجا وات، ما يعني زيادة مساحة التخزين بحيرة السد إلى أكثر من 74 مليار متر مكعب.

يذكر أن اتفاق المبادئ، الذي وقعه رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة في مارس 2015، كان ينص على أن يكون التخزين والتشغيل في سد النهضة وفقا لما ستنتج عنه توصيات الدراسات الفنية التي تقوم بها شركات استشارية دولية لاختبار التأثيرات المتوقعة على مصر والسودان جراء عمليتي التشغيل والتخزين.

إلا أن تأخر اللجنة الفنية الثلاثية في اختيار المكاتب الاستشارية وتعطل إجراء الدراسات لأكثر من عام، كان وراء التوصل لاتفاق مبدئي غير معلن حول مسألة التخزين بعد انتهاء الجانب الإثيوبي من النسبة الأكبر من عمليات الإنشاء.

الأكثر غرابة، الذي يمكن اعتباره ثاني تنازل من السيسي فيما يخص حقوق مصر المائية أن دول اعالي النيل التي رفضت الاتفاقيات التاريخية التي تعطي لمصر حقوق مائية ثابته وتعطيها حق الفيتو على بناء دول أعالي النيل بأي سدود على النيل، والتي أنشأت ما يسمي "اتفاقية عنتيبي" رفضته مصر، ولكن السيسي قبل به.

وسيحضر السيسي قمة دول حوض النيل يوم الخميس 22 يونيو، التي تسعى لحل الخلاف القائم حول اتفاق عنتيبي، التي وقعتها دول أعالي النيل لتلغي الاتفاقيات التاريخية القديمة الذي تحفظ حق مصر والسودان في مياه النيل ورفضته مصر ثم بدأت تسعي للعودة له في عهد السيسي.

حجب المياه يفقد مصر 5 ملايين فدان
وقد أكد عدد من الخبراء بدء إثيوبيا فعليًا في تخزين المياه لمدة 3 أو 5 سنوات من خلال بحيرة التخزين التي تستوعب ما يقرب من 75 مليار متر مكعب، ما يعني حجب ما يقرب من 15 أو 25 مليار متر مكعب من النيل الأزرق سنويا عن مصر والسودان، ما يفقد مصر مليون فدان سنويًا مقابل تخزين 5 مليارات متر مكعب.

ويقول الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة، أن تخزين وحجز إثيوبيا لنحو 75 مليار متر مكعب خلف بحيرة السد؛ سيؤدي إلى بوار أراضي زراعية بسبب نقص حصة مصر المائية، بجانب اختفاء أنواع هامة من الأسماك في النيل، وكذلك التأثير على الكهرباء المتولدة من السد العالي.

واعتبر بدء اثيوبيا تخزين المياه سوف يؤثر سلبا على حصة مصر المائية، وبحيرة السد العالي ستفرغ تماما من المخزون الاستراتيجي بها، كما سيتحول نهر النيل إلى ترعة إذ خزنت إثيوبيا المياه كما تخطط بحسب خبراء المياه.

وحذر من أن "هذا السد عبارة عن سلسلة مكونة من أربعة سدود سعتهم 200 مليار متر مكعب من المياه على النيل الأزرق، وبموافقتنا على سد النهضة فنحن بالتبعية نوافق على السدود الأخرى التي يتم بنائها في هذه السلسلة"، مشيرا لأن "أثيوبيا ترغب في حفظ 200 مليار متر مكعب في أربعة سدود، فما الذي سيصل لمصر بعد ذلك من المياه؟".

ويقول الدكتور نصر علام، وزير الري الأسبق، أن خطورة سد النهضة على حصة مصر من المياه، تتمثل في أنَّ حجم التخزين الفعلي للسد يبلغ نحو 74 مليار متر مكعب، وأنه حين يبدأ تخزين سد النهضة للمياه ستفقد مصر أمام كل خمسة مليارات متر مكعب من المياه مليون فدان كأراضي زراعية، أي انه لو تم الحجب على مدار 5 سنوات سنفقد 5 ملايين فدان خلالها.

تسريب مبارك: العالم كله "مِسْتَهيفنا" دلوقتي!
ويُعتقد أن التسريب الذي نشرته صفحة "أنا آسف يا ريس" المؤيدة لمبارك، على فيسبوك، ويتضمن تسجيلاً صوتياً للرئيس الأسبق، أكد فيه أن الإثيوبيين لم يتمكنوا من بناء السد في عهده، وأنه كان يستطيع تدمير السد من خلال توجيه ضربة جوية له، وأنه تمكن من وقف اتفاقية "عنتيبي" التي تُنهي حصص مصر والسودان التاريخية في مياه نهر النيل، جزء من صراع السلطة في مصر وابدأ أطراف فيها عدم رضاءهم عن تنازلات السيسي.

وقال مبارك، في التسريب إنه عطَّل الإثيوبيين في فترة حكمه، التي امتدت لـ30 عامًا، من الإقدام على بناء سد "النهضة الإثيوبي"، الذي شرعت فيه أديس أبابا في إبريل 2011، ولو فعلت لكان استطاع تدميره بضربة جوية.

وتابع مبارك: "كانت لدينا طيارة التوبوليف وقتها، وكنت أستطيع أن أضرب السد وأخلص عليه في طلعة واحدة".

وأضاف أنه عندما تنحى عن الحكم بدأت إثيوبيا، في إبريل 2011، بناء السد، قائلاً: "قالوا دول مضروبين، العالم كله مستهيفنا وكله عارف إننا بلد ضعيفة جداً"، مؤكداً أن التفكير في ضرب سد النهضة الآن يعني الوقوع في نزاع مع إفريقيا كلها.

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، في عام 2015، والتي بموجبها وافقت القاهرة ضمنياً على استمرار أديس أبابا في بناء السد، الذي سيتسبب في نقص كبير في حصة مصر من مياه نهر النيل، المصدر الأول للزراعة في مصر.

وبدأ العمل في سد النهضة إبريل 2011 بتكلفة مالية تبلغ 4.7 مليار دولار، وسينتج طاقة تقدر بـ6000 ميغاواط، وتبلغ سعته التخزينية للمياه نحو 74 مليار متر مكعب، ووفقًا للجدول الزمني للمشروع، من المقرر الانتهاء منه في يوليو 2017، ويقوم تمويل السد على جمع الأموال من الإثيوبيين بالداخل، (الموظفين والفلاحين)، ومشاركة الإثيوبيين بالخارج، إضافة إلى السندات المالية، والتبرعات.