من ينقذ مصر من الفوضى.. اشتباكات الصعيد تكشف انهيار دولة الأمن

- ‎فيأخبار

كتب رانيا قناوي:

تستمر دولة الفوضى التي أسس لها النظام الحاكم بعد أن غلب لغة القوة والسلاح على لغة الحق والعدل، الأمر الذي حاصر عقليات الكثير من المصريين، في أن حمل السلاح لأخذ الحق هو المؤهل الوحيد في دولة السيسي.

وانتشار الفوضى ولغة القوة لا يكاد يمر يوم في مصر خلال الآونة الأخيرة إلا وتحدث اشتباكات بين المواطنين في كل ربوع مصر، خاصة في الصعيد، التي تعد الأخطر في انتشار الأسلحة الآلية بين العائلات الكبيرة، المشهد الذي تسفر نهايته عن قتلى وجرحي بالعشرات نتيجة غياب الأمن، ويكون أغلب الضحايا من البسطاء المارين الذين لم يكن لهم ناقة ولا جمل في هذه المعارك الدائرة.

وكان من بين هذه المشاجرات وليس آخرها، ما حدث أمس الاثنين من اشتباكات دامية بين عائلتين بقرية سيف الدين بمدينة الزرقا التابعة لمحافظة دمياط، حيث قام كلا من العائلتين بالمشاجرة بالأسلحة النارية، ما أسفر عن إصابة 10 أشخاص أغلبهم بجروح خطيرة.

وكالعادة انتظرت قوات الأمن حتى يخلص المشتبكون على بعضهم بعضا، وبعد انتهاء المعركة وإصابة البعض، دفعت أجهزة أمن الانقلاب بتشكيلاتها الأمنية للسيطرة على المشاجرة الدامية بالقرية، وتم القبض على عدد من العائلتين أطراف المشاجرة.

كما تم نقل المصابين إلى مستشفى الزرقا المركزى لتلقي العلاج، وتحرير محضر شرطي بالواقعة.

وتعتبر دولة العسكر هي الدولة الوحيدة التي تشهد انتشار للسلاح بين العائلات في الصعيد، حيث تشهد محافاظاتها اشتباكات دامية ويومية لأتفه الأسباب، الأمر الذي يسفر عن ضحايا يوميا، فضلا عن قضايا الثأر التي تكتفي فيها أجهزة الأمن بدور الوساطة للصلح بين المتخاصمين، الأمر الذي أدى لحالة من الفوضى في الشوارع المصرية، بالتزامن مع انشغال شرطة الانقلاب وتجييش كل إمكاناتها في اعتقال رموز وشباب المعارضة للانقلاب العسكري.

أحداث دامية
وسجلت حالات الفوضى في مختلف المحافظات حالة اعتيادية يدفع ثمنها الموطنون يوميا، ما بين قتل عشوائي وإصابات، وتكسير واجهات محلات وانتشار العنف وفوضى السلاح في ظل غياب سلطة القانون وتقاعس الشرطة في مكافحة العنف والجريمة، فضلا عن انتشار أعمال السطو والسرقة في وضح النهار، إضافة لانتشار سرقة الأعضاء البشرية، التي سجلت أرقاما عالمية في مصر، وسط غياب القانون.

ولم تكن هذه الاشتباكات حالة عارضة، حيث سبقتها عشرات الاشتباكات المسلحة بين عائلات الصعيد وفي القاهرة نفسها، ولعل أبرزها الاشتباكات المسلحة التي دارت بين عائلتي "بني هلال" و"أبوعمره" بالأقصر، وراح ضحيتها الكثير من القتلى والمصابين.

اشتباكات الجيش والشرطة
ولعل انتشار البلطجة في دولة السيسي يرجع لسلوكيات الجيش والشرطة بذاتهما، حيث شهدت في عهد السيسي أكبر حادث بلطجة من نوعه بين الجيش والشرطة، حينما اتسعت بلطجة الجهازين على بعضهما البعض.

أما بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، فقد تزايدت الاشتباكات بصورة لافتة ووصلت إلى 3 اشتباكات في أقل من أسبوع، نتج عنها مقتل ضابط شرطة وإصابة العشرات من الجانبين.

فخلال عام 2014 شهد أكثر من 4 حوادث يقوم فيها عناصر من الجيش بمحاصرة أقسام الشرطة، واعتقال ضباط من القسم، بسبب الانتصار لضابط في كتيبة على حساب ضابط في قسم شرطة، اختلف كل منهما فاشتبكا، فاستدعى كل منهما رجاله، للوقوف في وجه الآخر، وهي ما مثلت فضيحة لما تشهدها أي دولة في العالم.

وفي يوم الأحد الأول من مارس 2014 وقعت مشاجرة بين عدد من أفراد قوات الجيش وأفراد الشرطة، بمحيط قسم شرطة إمبابة بالجيزة في أعقاب مشادة بين ضابط جيش وشرطي تطورت إلى السباب وإطلاق النار ما أثار الذعر بين أهالي المنطقة، وهدمت مدرعة للجيش سورًا حديديًا صغيرًا أمام قسم الشرطة، كما قامت بحصار الجيش لقسم الشرطة، والقبض على عدد من ضباط وأمناء القسم.

فضلا عن فضائح أخرى كثيرة، أبرزها القبض على ضابط شرطة وأمين مساعد له، وتصويرهما في كتيبة للجيش في طابور ذنب، إثر خلاف بين ضابطين من الجيش والشرطة.

ليثبت عبدالفتاح السيسي في دولته أن المصريين لا يعيشون في دولة قانون بل في غابة، ينتصر فيها من يمتلك زمام القوة والسلاح، وقد برهن السيسي على ذلك مبكرا حينما وعد ضباط الجيش والشرطة في إحدى ندواته التثقيفية، قائلا: "الضابط اللى هيضرب أو هيقتل أي حد مش هيتحاكم".