كيف أهدر السيسي بـ«اتفاق المبادئ» حقوق مصر المائية؟

- ‎فيتقارير

كتب: حازم الأشموني
رغم مرور أكثر من سنتين على توقيع رئيس الانقلاب الجنرال الدموي عبد الفتاح السيسي على اتفاق المبادئ، يوم 23 مارس 2015، بالعاصمة السودانية الخرطوم، إلا أن التداعيات الكارثية للاتفاق لا تزال تعاني منها البلاد حتى اليوم.

وبحسب خبراء في القانون الدولي، فإن الاتفاق الذي وقَّع عليه جنرال العسكر عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي وقتها "هايلي مريام دالسين"، شرعن السد وجعله قانونيا رغم أنه غير ذلك، كما ساهم في تقوية الموقف الإثيوبي وإضعاف الموقف المصري.

يضاف إلى ذلك أن ما ترتب على اتفاق المبادئ هو فشل المفاوضات التي بدأت أساسا بخطأ كبير، بتجاوز الإطار القانوي الذي يقدم الحقوق المائية على التصميمات الفنية والهندسية.

ومع العجز الواضح من جانب الجنرال السيسي عن البدء في إجراءات جادة من شأنها حماية حقوق مصر المائية. في هذا التقرير نوضح كيف أهدر السيسي باتفاق المبادئ المشئوم حقوق مصر المائية.

«5» تحفظات تكشف خفايا الاتفاق

أول هذه التحفظات، بحسب الدكتور أحمد المفتي، الخبير السوداني في القانون الدولي والعضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة، في حوار مع "المصري اليوم" بتاريخ 12 ديسمبر 2015م، أن أى مُنشأ تتم إقامته حتى لو عمارة، يحتاج إلى مدخل قانونى قبل الشروع فى تنفيذه، ثم يأتى البحث عن الجانب الفنى، وهو ما لم يحدث فى حالة سد النهضة، الذى يقع على نهر دولى، يضم ٣ دول، تتشارك فى مياهه، ما يعنى وجود خلل فى الإطار الذي تم عليه التفاوض؛ حيث تمت مناقشة الجانب الفني مباشرة وتجاوز الجانب القانوني؛ رغم أنه المدخل الأساسي وأنه كان يتوجب على إثيوبيا استيفاء الجوانب القانونية قبل الشروع في السد.

ويوضح الخبير السوداني «أن المهندسين يضعون المسائل الهندسية كأولوية أولى، ونحن كقانونيين نرى أن السد فيه قانون وهندسة واقتصاد وبيئة، وهم يختزلون المسألة فى هل السد متين أم غير متين، فليس من المنطق أن يتم بناء السد وأنت لم تعرف حقوقك المائية وأمنك المائى».

التحفظ الثاني أن السد خالف المصالح المصرية والسودانية، ولم يضعها فى الاعتبار، فكيف يعقل أن يكون لإثيوبيا إدارة السد والسيطرة على السد والكهرباء والمياه، والسودان ومصر ليس لديهما أى شىء، ولم يحصلا على أى شىء من سد النهضة، وما عرضته إثيوبيا على مصر والسودان بالمشاركة فى التمويل والإدارة المشتركة للمشروع اتضح أنه كان مجرد كلام لتبرير موقفهم ببناء السد.

التحفظ الثالث أن إثيوبيا أجرت عملا نادر الحدوث فى العالم، هو أنها أخلت بمبدأ الإخطار المسبق طبقا للاتفاقيات الدولية المعنية بتنظيم عمل السدود على الأنهار المشتركة بين الدول قبل الشروع فى إقامة السد، لوضع الإطار القانونى، وهو ما حدث عند إنشاء السد العالى وسد مروى فى السودان اعتمادا على اتفاقية مياه النيل لعام ١٩٥٩، وهو ما لم يحدث مع حالة سد النهضة، حيث تم التعاقد بالأمر المباشر، والبدء فى الإنشاءات فى مايو ٢٠١١، ثم تم إخطار مصر بصورة غير قانونية التى تستوجب عدم البدء فى التنفيذ حتى يتم استصدار الموافقة القانونية طبقا لما يسمى الإخطار المسبق، والتى أخطرت بدورها السودان بالمشروع بعد البدء فى إجراءات تنفيذ المشروع على النيل الأزرق الذى يمد مصر والسودان بـ٦٥% من حصتهما المائية.

التحفظ الرابع أن إثيوبيا نجحت في التلاعب بحكومة العسكر فى تطبيق استراتيجية مدروسة بدفع مصر إلى المدخل الفنى، ما تسبب فى تحقيق ٥٠% من الأهداف، مقابل بداية خاطئة ١٠٠% ودون مبرر بموافقة الدولتين على الدخول فى المفاوضات الفنية، بدلا من الإطار القانونى، رغم أن كل دول حوض النيل قالت إن مصر لديها خبرات قانونية، وهو ما تسبب فى تحويل سد النهضة من سد غير مشروع إلى سد مشروع بموافقة مصرية سودانية على الدخول إلى المفاوضات الفنية بدلا من اللجوء للإطار القانونى قبل إنشاء السد، مما أدى إلى قوة المفاوض الإثيوبى، مقابل ضعف المفاوض المصرى.

التحفظ الخامس أن اتفاق المبادئ شارك فيه ٧ مستشارين قانونيين من إثيوبيا وغياب الخبراء القانونيين لمصر والسودان، وللأسف كانت نتيجة الاتفاق الثلاثى لقادة الدول هو أنه جعل الوضع أسوأ؛ لأنه تسبب فى تقوية الموقف الإثيوبى وقنن سد النهضة، وحوله من سد غير مشروع إلى مشروع قانونيا، لأن به إطار مبادئ ولم يكن هناك داع لهذا الاتفاق الذى كان يتضمن ١٠ مبادئ فى حين اتفاقية عنتيبى كان بها ١٥ مبدأ تم الاتفاق عليها بالإجماع، وكانت أفضل من اتفاق المبادئ، كما أن إثيوبيا تدخلت لإعادة صياغتها بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، وحذفت بند الأمن المائى، وهو ما يعنى ضعفا قانونيا لاتفاق المبادئ، خاصة أنه لا يعطى مصر والسودان أي نقطة مياه، وأضعف الاتفاقيات التاريخية.