والدة “الحداد”: المضربون بـ”العقرب” يحاولون إنقاذ المعتقلين من الموت جوعا

- ‎فيحريات

كتب: أسامة حمدان

تواصل سلطات الانقلاب سياساتها القمعية إزاء المعتقلين وسجناء "مقبرة العقرب"؛ حيث لا تكترث إدارة سجن شديد الحراسة بطره، جنوب القاهرة، للنداءات الحقوقية واستغاثات السجناء من سوء المعاملة والتضييق على السجناء ومنع الزيارات والأطعمة والأدوية عن المعتقلين الذين يعاني كثير منهم من الأمراض المزمنة.

وفضحًا لهذه الجريمة، نشرت السيدة "منى إمام"، والدة جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، وزوجة القيادي المعتقل عصام الحداد، اليوم الأربعاء، تؤكد أن سلطات مقبرة العقرب يحاولون كسر إرادة المضربين عن الطعام عن طريق قتلهم البطيء.

وقالت "إمام" على صفحتها بموقع التواصل فيس بوك: "زوجة ابنى ‫#‏جهاد_الحداد‬ زارته فى ‫#‏مقبرة_العقرب‬ بعدما ألححنا عليه في الخروج للزيارة وإضرابه عن الزيارة السابقة وحتى نعلم أحواله خاصة بعد نقل زميله المضرب في العنبر نفسه إلى مستشفى سجن ليمان طره".

وتابعت: "لقد ذهلت زوجته من شكله وقد طال شعره ووصل ذقنه إلى صدره وأحاطت الهالات السوداء بعينيه، بعدما رفضت إدارة السجن ادخال أى أدوات حلاقة إليه كما أصروا على أن يقوم حلاق السجن (وهو أحد المسجونيين الجنائيين) بالحلاقة للجميع بنفس الأداة التى يستخدمها للعقرب كله (السياسيين والجنائيين) مما يجعلهم جميعا عرضة للإصابة بالأمراض المعدية أقلها فيروس الكبد الوبائى سى كما حدث للدكتور عصام العريان سابقاً".

الماء فقط!
ومضت تقول: "إدارة العقرب تمارس أقصى ضغوطها على المضربين وتضيق عليهم بكل صورة.. لقد تم منع أى مصدر للملح كما تم منع شراء أو إدخال أي سوائل عن الجميع بما فيها اللبن أو العصير.. ليس أمام المضرب إلا الماء فقط.. إن الشخص العادى إن كان فى حالة صحية جيدة وطقس مناسب يستطيع الاستمرار فى الإضراب عن الطعام مكتفيًا بالماء فقط فترة تصل إلى ٣-٤ أسابيع.. أما إن كان فى حالة صحية متردية و أنيميا حادة و طفيليات معوية و طفح جلدى.. فى زنزانة مظلمة دون نافذة لا يدخلها الهواء ولا الشمس.. ويغطى جدرانها العفن الأخضر.. تشتد فيها الحرارة أعلى من خارج السجن.. كما هو الحال فى العقرب: فلن يستطيع هذا المسكين البقاء قيد الحياة هذه الأسابيع الثلاثة!!".

وتابعت: "ومن المعروف أن المضرب يحتاج يومياً إلى كمية من الملح (أقله ربع معلقة) خاصة فى الطقس الحار كما هو الحال فى الزنازين.. فتم منع الملح تماما فى العقرب!!".

وأوضحت: "الفاكهة والخيار والطماطم وكل أنواع الخضروات طازجة أو مطبوخة ممنوع إدخالها أو شراؤها من داخل السجن.. وكذلك المواد السكرية.. بمعنى آخر أي أكل صحى يوفر لهم الحد الأدنى من الفيتامينات والمعادن كلها ممنوعة فى العقرب.. ممنوع بيعها.. وممنوع إدراجها فى الوجبات.. وممنوع دخولها مع الأهالى منذ ١٦ شهر أى منذ مارس ٢٠١٥ المشئوم الذي عين فيه وزير الداخلية الحالى..".

وقال السيدة "منى إمام" أن هذه الإجراءات ليس لها سوى معنى واحد وهو قتل المضربين، واجبارهم قسريا على فك الإضراب أو الموت، وهذا ماحدث بالفعل.

واضافت :"لقد بدأت موجة ثانية من الإضراب في ‫#‏سجن_العقرب‬ منذ بداية مايو (٣ مايو) وعاود ابني جهاد الاضراب منذ ١٧ مايو ومعه زميله ‫#‏محمود_البربرى‬ وآخرون .. و بعد ١٠ أيام من معاودة الإضراب وصل محمود البربرى إلى مرحلة تشنج العضلات وانخفض السكر فى دمه إلى مستوى خطر .. و تم تعليق محاليل له و هو فاقد للوعى !! هذا ما حدث أيضا مع حالات كثيرة من المضربين منهم الشيخ مصطفى حمزة الذى بدأ اضرابه من ٣ مايو !".

القتل عقوبة الإضراب!
وحول القمع والإجرام الذي تمارسه إدارة سجن العقرب، قالت السيدة "منى إمام" أن إدارة سجن العقرب تجعل عقوبة الإضراب قتلهم، إما فك الإضراب أو الموت .

وتابعت: "السبب الرئيسى للإضراب هو انقاذ المعتقلين من الموت جوعا ومرضا بعد سحب الأدوية وتقليل الطعام إلى درجة لا تكفي للبقاء على قيد الحياة ومنع التريض وغلق نظارات أبواب الزنازين وهي الصلة الوحيدة بالعالم في قبورهم الانفرادية!!".

وأوضحت: "يا سادة هو يضرب.. ليعيش.. ليتمكن من البقاء على قيد الحياة.. هو يتذكر التجويع الذي بلغ ذروته في رمضان الماضي.. ملعقة الأرز التى لا يجد سواها ليفطر عليه.. وحبات الفول الحامض التي تعد على أصابع اليد يغسلها بعد أن حمضت لتكون سحوره.. هو يتذكر قطع الكهرباء عن الزنازين من العصر ليظل ممسكا طعامه بيديه لأنه لن يجده بعد ذلك فى ظلام الزنزانة.. هو يتذكر الحبس ٢٤ ساعة فى الزنازين معزولاً عن العالم كله لا يسمع و لا يرى شيئا بعد غلق النظارات.. يتذكر سرقة دوائه الضروري له فى حملة تجريد الزنازين أو نفاذ الدواء بعد غلق زيارات الأسر ٤ أشهر متتابعة..".

وتابعت متسائلة: "يتذكر كل ذلك.. ويعلم أنه لن يستطيع اليوم بعد تردى حالته الصحية أن يتحمل ما تحمله العام الماضى فى رمضان.. ما هو التوصيف القانونى لما تقوم به إدارة العقرب؟".

وقالت "إمام": "إن كان إجبار المضرب على تناول الطعام قسريا جريمة.. فماذا نسمى ماتفعله إدارة سجن العقرب مع المضربين ! هذا بلاغ للمنظمات الإنسانية والحقوقية بما يفعلونه بأبنائنا وأزواجنا فى العقرب!".

ليس عندهم ذمة ولا دين!
وأكدت: "لقد خرج ابنى للزيارة تلبية لإلحاحنا واتفقوا معه على أنهم سيعطونه نصف ساعة كاملة للزيارة من وراء الحائل الزجاجي بالطبع (حقه ساعة دون حائل).. فماذا حدث؟ فصلوا الكهرباء عن غرفة الزيارة فانقطع الصوت عن سماعة التليفون الصلة الوحيدة عبر العازل الزجاجى بين المعتقل وأهله!!.. ليس عندهم ذمة ولا عهد.. ولا دين.. ولا إنسانية..".

وأضافت: "في العقرب.. ليس هناك إلا القتل.. جوعًا.. أو بردًا لمنع أي ملابس غير بدلة السجن المهترئة عنك في عز الشتاء.. أو تسممًا بوجبة فاسدة دفع أهلك ثمنها غاليا من قوت أولادك.. أو مرضًا بعد سرقة دوائك أو نفاده.. أو كمدًا من شدة الإهانة والاستفزاز وغطرسة المعقّدين نفسيا من الضباط.. أو تحت وطأة التعذيب وتكسير العظام لأنك تجرأت واعترضت على امتهان كرامتك وسبك وسب أهلك.. أو بحكم إعدام من القضاء الشامخ!!".

وأكدت والدة "جهاد الحداد" أن هدف الانقلاب من هذه السياسات الإجرامية :".. كسر إرادتك أو قتلك إن لم تنكسر.. ونسى هؤلاء المجرمون أن إرادة الله فوق مؤمراتهم وإجرامهم.. ولن يكون فى ملك الله إلا ما أراد الله ..(والله بالغ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)".

يذكر أن نحو 42 سجنًا و328 قسمًا للشرطة في مصر فضلًا عن عشرات من معسكرات الأمن المركزي وأماكن الاحتجاز السرية تكتظ في الوقت الراهن بما يتجاوز 60 ألف معتقلًا سياسيًا يعيشون أوضاعًا مزرية للغاية، وصل تكدس المعتقلين نسبة 400% في أقسام الشرطة، و160% في السجون بحسب تقارير جهات حقوقية تابعة للانقلاب.

أوضاعهم متشابهه إلى حد كبير رغم توزيعهم على مختلف أماكن الاحتجاز بالمحافظات، فالأوضاع الإنسانية التي يعيشها 60 ألف مواطنًا تتقارب بشكل كبير في مدى قسوتها لما يلقوه من تنكيلٍ من الأجهزة الأمنية لانتماءاتهم السياسية بحملة القمع الممارس من قِبل سلطات الانقلاب في الداخل المصري.

من جهتها أعلنت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" تضامنها مع السجناء في إضرابهم عن الطعام، كأحد الحقوق الدستورية للتعبير عن الرأي، ولمواجهة القمع المتصاعد بحق السجناء السياسيين.