بعد جريمة مسجد الروضة الإرهابية.. مصر على خطى سوريا والعراق

- ‎فيتقارير

كتب: حازم الأشموني
تعد الجريمة الإرهابية التي وقعت أثناء صلاة الجمعة، أمس، بمسجد الروضة بمدينة بئر العبد بشمال سيناء، والتي أسفرت عن استشهاد 305 أشخاص، واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية التي تعرضت لها المساجد في التاريخ الحديث والمعاصر، لا يفوقها في خستها سوى مذبحة رابعة العدوية، التي نفذتها مليشيات العسكر بقيادة الجنرال السفاح عبد الفتاح السيسي، في 14 أغسطس 2013م، والتي قتلت خلالها ما يزيد عن ألف من أنصار الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، ثم قامت بحرق عشرات الجثث، وإزالتها بجرافات تابعة للجيش.

ووقعت الجريمتان على بيوت الله بعد انقلاب 30 يونيو 2013م، الأولى نفَّذتها مليشيا العسكر، والثانية نفَّذتها مليشيا "داعش"؛ وكلاهما (العسكر وداعش) وجهان لعملة واحدة من الوحشية والحقارة والخسة منقطعة النظير.

لكن مما شك فيه، أن مصر كما دخلت بمذبحة رابعة على يد العسكر، مرحلة جديدة بكل ما فيها من ظلم وقسوة وبشاعة وانتهاك لحقوق الإنسان واستبداد ودموية لم تشهدها مصر من قبل، فإنها أيضا بالجريمة النكراء التي وقعت أمس قد دخلت في مرحلة جديدة شديدة الظلام تفوح منها رائحة الدم وأنات المظلومين، وتتضاعف فيها الآلام والكوارث والفوضى غير المسبوقة.

حادث سيناء يشبه إلى حد كبير استهداف "داعش" العراق لمسجد الإمام الصادق في الكويت، في 26 يونيو عام 2015، والذي خلّف 27 قتيلًا و227 مصابًا.. هذا التحول المفاجئ والصادم يحمل بصمات داعش العراق وسوريا، ما يعني أن اختفاء عناصر داعش في هاتين الدولتين، ومع حادث الجمعة، يشير إلى أنه من المحتمل الأقرب إلى القطع، أن تكون كتائب داعش (العراق وسوريا) قد انتقلت فعلا إلى سيناء.

الهجوم على مسجد سيناء إذن دلالته شديدة الخطورة: أولها أن تنظيم داعش انتقل إلى سيناء.. والثانية: يعتبر الهجوم استهلالا لحروب قبلية دينية داخلية مروعة، لا يستطيع المجتمع تحملها ولا يقوى الأمن على التصدي لها؛ لعشوائيتها واتساع رقعة أهدافها.

على خطى سوريا والعراق

وبحسب مراقبين، فإن جريمة مسجد الروضة ربما تدشن دخول مصر إلى مرحلة الفوضى التي شهدتها العراق وسوريا، لا سيما وأن الجريمة تعكس بصمات داعش العراق بكل ما فيها من همجية وانتقام شامل من الجميع بدون تفريق.

يقول عماد الدين حسين، رئيس تحرير الشروق، في مقاله اليوم بعنوان «تعليقات سريعة على جريمة مسجد الروضة»: «الجريمة الإرهابية البشعة التى استهدفت مسجد قرية الروضة فى بئر العبد غرب العريش بشمال سيناء، تطور نوعى خطير.. هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها استهداف المساجد».

ويضيف حسين: «لم نعرف فى مصر هذا النوع من الجرائم البشعة، لكنه موجود فى المنطقة منذ فترة طويلة، الدواعش باختلاف فصائلهم تخصصوا فى هذه الطريقة منذ سنوات، خصوصا فى العراق وباكستان وأفغانستان ثم السعودية. الإرهابى يضع العبوة الناسفة فى المسجد، ويخرج ليتم تفجيرها عن بعد. أو يدخل حاملا حزاما ناسفا، أو كمية ضخمة من المتفجرات، ويقوم بتفجير نفسه. وفى كلتا الحالتين عندما يتم التفجير تكون هناك عناصر إرهابية تستهدف الفارين من موقع الحادث أو سيارات الإسعاف التى تأتى لإنقاذ المصابين».

ويؤكد رئيس تحرير الشروق أنه «فى هذه الجزئية، أى استهداف المساجد، فإن عولمة الإرهاب جعلتنا «مثل سوريا والعراق» للأسف، وهى المقولة التى كان البعض يفخر بها صدقا، أو يتندر عليها الآخرون تهكما».

ويحذر حسين «هذه البصمات فى استهداف المساجد، تعنى أن هناك نمطًا من هذه العمليات قد يتكررــ للأسف الشديد ــ فى المستقبل القريب، وبالتالى فقد وجب على الجميع أن يتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك».

حزام الإرهاب الدموي

ويتفق الكاتب جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة المصريون، مع رئيس تحرير الشروق، ويؤكد في مقاله اليوم بعنوان «جريمة مسجد الروضة تكشف أزمتنا الوطنية بوضوح»، أن «الحادثة الإجرامية أعادت التذكير بخطورة ما نحن فيه، وبأن مصر دخلت بالفعل في حزام الإرهاب الدموي واسع النطاق الذي عرفه العراق وسوريا من قبل، وأن الوقت لم يعد في صالح الدولة، بالعكس، أصبح واضحا أن الوقت في صالح الجماعات الإرهابية التي تتمدد وتنوع عملياتها من شرق مصر إلى غربها، والمؤكد أنها لن تتردد عن نقلها للعاصمة والمدن الأخرى إذا أمكنها ذلك وربما كانت تخطط لذلك بالفعل».