الثورة السورية.. حصاد 5 سنوات من الصمود

- ‎فيعربي ودولي

كتب: أسامة حمدان

بدأت الثورة في سوريا في منتصف مارس 2011، بحركة احتجاج سلمية، ضد نظام الرئيس بشار الأسد، سرعان ما تحولت بعد قمعها بالقوة إلى نزاع مسلح دام، تشعب وتعددت أطرافه مع مرور الوقت، وتسبب باستشهاد أكثر من 270 ألف شخص ونزوح الملايين.

ولا شك ولا ريب أن قرار انسحاب الاحتلال الروسي الجزئي من سورية، يعد أحد أبرز حصاد الثورة بعد مرور 5 سنوات على شرارتها، وكان له أسبابه ودوافعه وقد تبارى المحللون والسياسيون والمثقفون والمتفلسفون بسردها وتفنيدها، لا بل ذهب البعض وكأن الوحي يأتيه من دمشق وموسكو، وبدؤوا يجزمون بآرائهم  ويحلفون على صدق أقوالهم، ولكن الكثير ممن كتبوا لم يتبعوا المثل العربي (ياما في الجراب يا حاوي)، وكم من خبايا النفوس لا يعلمها إلا الله.

وكم من خفايا الدول التي لا تظهر للعلن إلا بعد أمد بعيد، وعلى كل حال عاش السوريون بعد 5 سنوات من الفرح والدم والانتصار والهزائم أيامًا سعيدة، بالقرار الروسي عندما أعلن فلاديمير بوتين أو كما يحلو للسوريين تسميته (بو علي بوتين) الانسحاب من الأراضي السورية، وعاشت المناطق المحررة أسعد أيامها بهذا القرار، لا بل إن كثيرًا من المتفائلين أطلقوا عليه يوم النصر الحقيقي للمعارضة المسلحة.

محطات وتواريخ
ويرى مراقبون أنه وبعد 5 سنوات أنهكت قوى النظام القاتل، توقف العدوان الروسي المستمر منذ عدة أشهر، والذي أباد البشر والحجر، وكان من مفرزات هذا القرار تغير واضح على مختلف الأصعدة،  فعلى الصعيد الإنساني عاد الأطفال إلى مدارسهم بابتسامة تعلو محياهم، وعادت الشوارع تضج بالحركة، بعدما كان الخوف يملأ قلوب الجميع، وهذا الحال يعد نصرًا لأطفال سورية الذين تحدوا العدوان الروسي بذهابهم لمدارسهم، على الرغم من قصف هذا الطيران للمدارس.

أما على الصعيد السياسي فكان نصرًا للمعارضة السياسية، وهي على أبواب محادثات جنيف 3 وأعطاها دفعًا معنويًا، وهذا ما رأيناه في حديث الوفد الإعلامي للمعارضة، أنه لا يمكن إقامة حكومة وطنية في فترة انتقالية بوجود الأسد الكيماوي، وعلى صعيد المعارضة المسلحة، بُثت فيها روح الأمل من جديد، وبدأت التحضير لتطهير سوريا من براثين مغتصبيها.

وشهدت سنوات الثورة الـ 5 محطات وتواريخ هامة، أبرزها:

1- 15 مارس 2011:
انطلقت احتجاجات غير مسبوقة في البلاد التي حكمتها عائلة الاسد (حافظ الاسد ثم أبنه بشار) بيد من حديد طيلة اربعين عاماً، وفي حين تم تفريق تظاهرات صغيرة بالقوة في دمشق، شكلت درعا مهد الانتفاضة الشعبية المطالبة بإصلاحات، خصوصاً بعدما اقدمت السلطات على اعتقال وتعذيب أطفال، إثر اشتباهها بكتابتهم شعارات مناهضة للنظام على الجدران.

ودانت كل من واشنطن وباريس ولندن "القمع العنيف للمتظاهرين"، وتحدثت دمشق عن "مجموعات سلفية مسلحة"، ثم توسعت دائرة الاحتجاجات وتصاعدت لهجتها لتطالب باسقاط النظام.

2- 17 يوليو 2012:
أطلقت فصائل "الجيش الحر"، التي تضم كانت جنوداً وضباطاً منشقين عن الجيش، بالإضافة إلى مدنيين انضموا إلى صفوفها، معركة دمشق.

وأحكمت قوات النظام سيطرتها على العاصمة، فيما استهدفت الفصائل المعارضة المتمركزة على أطرافها، وبعد ثلاثة أيام، أعلنت الفصائل المعارضة انطلاق معركة مدينة حلب، التي انقسمت بين أحياء تحت سيطرة النظام وأخرى تحت سيطرة فصائل المعارضة، وشهدت منذ ذاك الحين معارك شبه يومية حتى بدء سريان الهدنة في 27 فبراير.

3- 30 إبريل 2013:
تحدث حسن نصرالله، الأمين العام لمليشيا "حزب الله" الشيعية، للمرة الأولى عن مشاركة عناصره في القتال إلى جانب قوات النظام في سوريا.

4- 21 أغسطس 2013:
تعرضت منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، لهجوم اتهمت قوات النظام باستخدام غاز السارين خلاله، ما تسبب بمقتل نحو 1400 شخص وفق واشنطن.

وفي سبتمبر، أبرمت الولايات المتحدة وروسيا اتفاقا حول تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، وجاء هذا الاتفاق في اللحظة الأخيرة بعد تهديد واشنطن بشن ضربات على دمشق.

5- 14 يناير 2014:
سيطر "الدولة الإسلامية بالعراق" والمنبثق عن تنظيم القاعدة في العراق في إبريل 2013 على الرقة، بعد معارك طاحنة مع فصائل المعارضة التي تقود الثورة ضد نظام الأسد.

وحول التنظيم المتطرف الرقة إلى معقله الرئيسي في سوريا، لتصبح الرقة المحافظة الأولى التي تخرج عن سيطرة النظام السوري منذ اندلاع الثورة.

وفي نهاية يونيو، بات التنظيم يعرف باسم تنظيم "الدولة الإسلامية" وأعلن تأسيس "الخلافة الإسلامية" في مناطق سيطرته في سوريا والعراق المجاور، ومنذ عام 2013، عززت جبهة النصرة حضورها الميداني في سوريا وتحديداً في شمال البلاد.

6- 9 مايو 2014:
تمكنت قوات النظام من استعادة سيطرتها على مدينة حمص القديمة، والتي كان معارضو النظام أطلقوا عليها لقب "عاصمة الثورة"، بعد حصار استمر عامين ومعارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة.

وفي نهاية عام 2015، تمكنت قوات النظام من السيطرة على آخر حي كان تحت سيطرة الفصائل، إثر اتفاق تخلله إجلاء المئات من المقاتلين المعارضين.

7- 26 يناير 2015:
نجحت القوات الكردية بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة أمريكية، الذي شن أولى ضرباته في سوريا في سبتمبر عام 2014، في طرد "الدولة الإسلامية" من مدينة (عين العرب) الحدودية مع تركيا، بعد معارك استمرت أكثر من أربعة أشهر، ويشكل الأكراد 15% من سكان سوريا.

8- 28 مارس 2015:
تمكن ائتلاف فصائل "جيش الفتح" -الذي يضم "جبهة النصرة" وفصائل إسلامية أبرزها حركة "أحرار الشام"- من السيطرة على مدينة ادلب بالكامل، واعترف الأسد في شهر مايو من العام ذاته بالخسائر التي مني بها جيشه، قبل أن  يقر في يوليو بوجود نقص في القتلة المأجورين.

وتمكن ائتلاف الفصائل من السيطرة الصيف الماضي على كامل محافظة أدلب، ليقتصر وجود قوات النظام على مسلحين محليين موالين لها، في بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.

9- 30 سبتمبر 2015:
بدأت روسيا تنفيذ حملة جوية في سوريا ضد فصائل المعارضة والثوار، تحت أكاذيب استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية"، وتتهمها دول الغرب والفصائل المعارضة باستهداف المجموعات المقاتلة لدعم قوات الأسد وتقوية مركزه أما المعارضة، وترك تنظيم الدولة ينعم بالأمن والأمان في الأماكن التي سيطر عليها.

وبعد بدء الغارات الروسية، أطلقت قوات النظام هجوما بريًّا واسعًا، بهدف استعادة المناطق الخارجة عن سيطرتها، في محافظات عدة، أبرزها في اللاذقية وحلب.

10- 27 فبراير 2016:
تم التوصل إلى اتفاق غير مسبوق لوقف الأعمال القتالية في سوريا، بموجب اتفاق أمريكي روسي مدعوم من الأمم المتحدة، وأكبر خرق للاتفاق هو أنه يستثني الاتفاق مناطق تحت سيطرة تنظيم "الدولة" و"جبهة النصرة"، اللتين تسيطران على أكثر من 50% من الأراضي السورية، وهو ما يعد "مسمار جحا" لأي ضربات توجه ضد الثورة السورية مستقبلاً.

11- 14 مارس 2016:
أعلنت روسيا انسحابا جزئياً من الأراضي السورية، ووقف طلعاتها العدوانية الجوية، ولكن هذا الانسحاب لا يحول بوتين إلى حمامة سلام ويجب أن يحاكم على جرائمه ضد الإنسانية السورية، وعلى روسيا أن تدفع تعويضات للشعب السوري وضحاياه و لذويهم، جراء ما اقترف العدوان الروسي من جرائم.

وأيًا كان وضع الانسحاب فالثورة مستمرة بتوفيق من الله ثم صمود الشعب السوري، وستنتصر الثورة إن شاء الله بفضل أبنائها ومجاهديها ،وسيكتب التاريخ بأن ثورة الشعب السوري حاربت العالم، لتنال حريتها فالثورة اليوم ليست ثورة شعب بل هي ثورة أمة.