«مسرحية 2018».. جمهور مُغيب ومُخرج يبحث عن كومبارس

- ‎فيتقارير

كتب: سيد توكل
التضارب والتناقض يسيطران على رسائل السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بشأن مستقبله السياسي، وفرص البقاء في سدة الحكم لولاية مغتصبة ثانية تمتد حتى 2022، ما جعله يرفع من حالة الرعب لدى المصريين، وتُنفذ مخابراته تفجير مسجد "الروضة" ببئر العبد بالعريش.

وتوقع رئيس مجلس إدارة مؤسسة "رزكوازان إنكوربوريتد" الأمريكية، محمد رزق، ألا يفوز السفيه السيسي بالانتخابات مهما قدم من كشوف إلا بالتزوير، قائلا: "أظن أن حالة الغضب العام لن تجعل السيسي يفوز بالانتخابات، ولكنه سيفوز بها بالتزوير، فدخول الجيش بصفة عامة في الاقتصاد أمر لا يبشر بالخير لا للبلد ولا للمواطن المصري".

وأعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، عن نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها عام 2018، وذلك لإضفاء الشرعية على انقلابه الغاشم الذي قاده منذ عام 2013، ضد أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث الدكتور محمد مرسي.

يتزامن ذلك مع أوضاع اقتصادية متدهورة منذ الانقلاب العسكري على الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو 2013، وشهد الجنيه انهيارا كبيرا أمام الدولار، وسط موجة جنونية من الغلاء وارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة، وانهيار السياحة، وتفاقم الفساد، فضلا عن إجراءات قمعية ضد معارضي الانقلاب، أسفرت عن اعتقال عشرات الآلاف، وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير، وإعادة البلاد إلى حكم الطوارئ.

وتخيم أجواء من الضبابية على موقف المؤسسة العسكرية في مصر، إزاء السباق الرئاسي، وملامح إخراجه، وما إذا كانت ستُبقي على رجلها الذي منحها نفوذًا متصاعدًا في البلاد، أو ستتجه إلى دعم بديل آخر ينتمي للمؤسسة، ويحافظ أيضا على إمبراطوريتها الاقتصادية، على أن ينزع فتيل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تحكم الشارع المصري منذ أكثر من 3 سنوات.

مسرحية الفشل

وفي ظل مشهد يبدو شديد الإرباك والتعقيد، وفي ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية متأزمة، تلوح في الأفق مسرحية "انتخابات الرئاسة"، المزمع عقدها في مايو 2018 القادم، لتمثل مفصلا جديدا في مسار المشهد المصري المتأزم، والذي سيلقي بظلاله على المسارين الثوري والسياسي، وفي ظل نظام انقلاب سلطوي رسَّخ وجوده من خلال ممارسات قمعية ومذابح لم يُشهد لها مثيل في تاريخ مصر الحديث، كان من نتائجها آلاف القتلى واعتقال عشرات الآلاف، واستمرار التضييق والملاحقات الأمنية لكل من يُبدي أي معارضة للانقلاب.

يأتي الحديث عن مسرحية "انتخابات 2018" ليُحدث حالة من الجدل داخل القوى السياسية الرافضة والمعارضة للانقلاب، بين من يرى بأهمية ووجوب المشاركة في تلك المسرحية، واعتبارها فرصة يمكن استثمارها، وبين من يرى بوجوب الامتناع عن المشاركة في مسرحية سيكون المستفيد الأول منها هو الانقلاب نفسه.

من جانبه أكد المستشار وليد شرابي، المتحدث باسم حركة "قضاة من أجل مصر"، أن الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها عام 2018، ما هي إلا "مسرحية"، واصفًا من سيترشح أمام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بـ"الكومبارس".

وقال شرابي، في تغريدة على حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر": "مسرحية انتخابات 2018 الفائز فيها معروف، لكن المُخرج الآن يبحث عن الكومبارس الجديد، فهل تحظى مسرحيتهم بجمهور مغيب يصدق تمثيلهم السخيف؟".

حصاد الدم!

وبرأي مراقبين، ليس اليوم هو الأمس، فبعد انقلاب عسكري واضح في 2013، قامت به المؤسسة العسكرية، بدعم كامل من التيار المدني، أصبح الوضع مختلفًا، وتغيرت المعادلة كثيرًا، فالسفيه الذي استحوذ على السلطة من خلال هذا الانقلاب أثبت فشلا ذريعا على مستويات متعددة.

وبدا واضحًا انتهاجه سياسة المقامرة، والخروج من أزمة أصغر إلى أزمةٍ أكبر، للتغطية على الفشل الذي أصبح ملازمًا له ولسياساته، فبدءًا بسياسة العداء مع الجميع، وتحول الجيش ودخوله في حربٍ مفتوحة مع الإرهاب، مرورًا ببيع الأرض، وضرب العقيدة العسكرية التي أسست على أساسها الجيوش، وهو الدفاع عن الأوطان، وتحويل الجيش إلى بائع سمك وجمبري، والتفريط في حقوق مصر التاريخية الخاصة بنهر النيل.

أصبح الوضع بالنسبة للمؤسسة في غاية التدهور، والعلاقة التي قامت بتحسينها بعد 2012 مع الشعب، واستطاعت من خلالها تمرير الانقلاب، الآن في أسوأ أحوالها، لذا لا بد من الذهاب إلى الانتخابات، لكن، في أي شكل وبأي صيغة ستكون؟.

يبدو واضحًا أن السفيه الذي استولى على زمام السلطة أصبح عبئًا على المؤسسة، ولذا سيكون التفكير في الإطاحة به هو المرحلة التالية، لن تكون إطاحة على غرار الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، بل من خلال أسسٍ تضعها المؤسسة نفسها في إدارة العملية الانتخابية، لتتجنب المؤسسة كسر مسألة الثبات والولاء التي تتمتع بها منذ عقود.

بالتالي، تكون الإطاحة عبر هذا الوسيط الديمقراطي في شكله، لكنه انقلابٌ في جوهره، لاحت في أفقه بعض الدلالات، فإطاحة رئيس الأركان الذي يعتبر العمود الفقري للسفيه السيسي تؤكد أن هناك علاماتٍ وتوجهًا داخل المؤسسة العسكرية إلى تقليم أظافره ومحاصرته، واللعب من أجل مصلحة المؤسسة، لفرض أمر واقعي في المستقبل.