• الدكتورة شرين: تهديدات مساعد وزير الداخلية بتصفية زوجي ليست جديدة
• المقايضات الرخيصة مستمرة لفك الإضراب
• سئمت التصريح عن انتهاكات لا تسفر عن إجراءات جادة ولا بديل عن إغلاق العقرب
• وزير الشباب يقبع بغرفة مظلمة لونها الأسود لا يسمح لساكنها بالتمدد أثناء نومه
• نجل الوزير: الإضراب صرخة إنسانية للاحتجاج على ممارسات الداخلية المبتذلة
• على التاريخ أن يعدل ويراجع موقف أبي ودوره في تطوير العمل الشبابي
حوار: سماح إبراهيم
يبدو أن التوصية التي أصدرتها اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، الثلاثاء 8 مارس 2016م- والتي أوصت بتحويل الدكتور أسامة ياسين، وزير الشباب والرياضة السابق بحكومة هشام قنديل، والمعتقل بسجن العقرب شديد الحراسة، في مكان مخصص للعلاج والتحقيق بواقعة تعرضه للتعذيب, وإخطار اللجنة خلال خمسة عشر يوما بالخطوات المتخذة بهذا الصدد- قد لاقت استجابة وقبولا فوريا يليق بحماقة صبيان النظام, تمثلت شواهدها في فرض نوع جديد من التعذيب النفسي والبدني باستعراض أمني لعضلات مساعد وزير الداخلية، وتهديد الوزير المعني بالتوصية بتصفيته جسديا.
وكمحاولة بائسة لإخماد نيران إثارة الرأي العام بما يدور بالداخل من انتهاكات جسيمة, توجه حسن السوهاجي، مساعد وزير الداخلية، إلى زنزانة الدكتور أسامة ياسين، قائلا له متوعدا: فارد جناحك؟.. هكسرهولك, دماغك ناشفة؟ ..هكسرهالك , معندكش المرض؟! هجبهولك.. هكبرك 40 سنة عن عمرك.. هوديك الوادى الجديد وتروح جلساتك وتيجى فى بوكس لوحدك ومحدش هيعرف عنك حاجة".
يأتي هذا تزامنا مع فشل مساعي إدارة السجن لإجبار سجناء العقرب على فك إضرابهم، الذي يخوضه المعتقلون للأسبوع الثالث على التوالي، والمعروف إعلاميا بعنوان "أنا إنسان"؛ للمطالبة بزيارة أسبوعية للأهالي بدون حائل زجاجي مدتها ساعة، وفقًا لقانون السجون، وتحسين طعام ومياه السجن نوعًا وكما، وإدخال كل المستلزمات الشخصية مع الزيارة، وأبسطها الطعام بكمية مناسبة، وأدوات النظافة الشخصية، والأدوية والملابس والأغطية، وحق المعتقلين في الخروج من الزنزانة للتريض بالمدة المحددة يوميًّا في قانون السجون".
"الحرية والعدالة" التقت أسرة وزير الشباب والرياضة في حوار يكشف تفاصيل التهديدات التي يلاقيها الدكتور أسامة ياسين عبد الوهاب من داخل محبسه, والوقوف على حقيقة الاتهامات الموجهة له, ودوافع سجناء العقرب من تدشين حملة "أنا إنسان"، لبث ما يدور في السجن من انتهاكات للرأي العام, فإلي التفاصيل:
بحالة من الانفعال تقول الدكتورة شيرين, زوجة وزير الشباب: "العقرب يغلق.. ولا بديل عن غلقه, زوجي ليس مكانه السجن, سئمت من كافة الإجراءات والتصريحات التي لا تسفر عن نتائج جادة, آهي الكلمات فقدت آثارها في انتزاع حق وإنقاذ بريء؟، أم أن الدولة تعاقب من يخدم شعبها ومصير من يتولى وزارتها يوما ما التنكيل والتهديد والقتل البطىء بالسجون؟ اصرخوا بأن وزير الشباب والرياضة يعذب, بل يموت بالداخل ويتعرض لأسوأ وأرخص وسائل التهديد والإذلال".
وتابعت بشىء من الهدوء "قبل تدشين معتقلي العقرب لإضرابهم, شرعت قوات من رجال الأمن بنقل زوجي وعدد من الشخصيات الهامة، أمثال الدكتور أحمد عبد العاطي, وسكرتير رئيس الجمهورية السابق أمين الصيرفي وآخرين، إلى عنبر التأديب بدون أسباب واضحة!، في غرفة مظلمة ليس بها إضاءة، لونها الأسود، مساحتها ضيقة جدا لا تسمح لمن يسكنها بالتمدد أثناء نومه".
وتضيف "يمنع المعتقل في الحبس الانفرادي من كل شيء من طعام صحي أو مياه نظيفة أو ملبس أو غطاء, كما أنه يمنع من ساعة التريض المسموح له فيها يوميا, الزيارات سواء للأهل أو المحامين, يوجد فيها فقط التعذيب بألوانه, أما عن زيارة المحامي داخل سجن العقرب تكون في غرفة رئيس المباحث أو غرفة معاون المباحث، وبدون دخول ورقة أو قلم ومدة زيارة المحامي لا تتعدى خمس دقائق.
وتستطرد "أما عن الزيارات في سجن العقرب فتتم من خلف حاجز زجاجي, العشرات من النساء يقفن أمام باب السجن الخارجي من الساعة العاشرة أو الحادية عشرة مساء اليوم السابق فقط؛ لتُسجَّل أسماؤهن فى أول 20 اسما, ثم تجلس أمام السجن في العراء على قدميك في الشارع، من الليل إلى الصباح، ومنا الجد والجدة والأطفال والحامل, وفاقد اﻷمل فى الزيارة، وإذا لم توفق للزيارة ستضطر أن تكرر ذلك مجددا فى اليوم التالى".
إن تمكنت من الزيارة فتتجه للمقبرة الأخرى، حيث الإهانات المتتالية من التفتيش، وابتزاز الأهالي لتجويع ذويهم بمنع دخول كل شيء، حتى الوجبة الصغيرة لا يسمح بها إلا بعد تفريغها في كيس رديء، ويمنع عنهم الأطعمة التي تحتوي على بروتين أو أى قيمة غذائية, دقائق الزيارة معدودة من 3 دقائق، وقد تتزايد على فترات متباعدة لمدة أقصاها 15 دقيقة عبر سماعة تليفونية، لتسجيل ما يدور من حوار والتصنت علي أحاديثنا.
وحول مراسم الزيارة تقول: "تبدأ مراحل الزيارة بالمراقبة من كل جهة، إدارة السجن تصرح في بعض الأوقات للنزيل بالسلام اليدوي بينه وبين أهله, وكثيرا ما نمنع من الدخول".
الهيئة التي أرى بها زوجي تجعلني في قلق دائم, ملابس متهالكة رديئة, وجه شاحب، نقصان مستمر في الوزن, لحيته طويلة والإدارة تتعمد إظهارهم بتلك الهيئة، بعدم توفير حلاق لهم بالداخل, ولعل المهازل التى أذهلتنى ما قاله زوجى: "إنه تناول الأسبوع الماضى كوبا من الشاي لأول مرة منذ سنة"، وعندما سألته كيف هذا؟، أجابني: "هى جات عالشاى!"؟.
وتضيف: التهديدات التي يلاقيها زوجي من مساعد وزير الداخلية لم تكن الأولى من نوعها, فسبق خلال زيارتي قبل الأخيرة أن أعطت إدارة السجن أوامر لحراس البوابة الخارجية بمنعهم من دخولي للمقايضة على فك الإضراب، ولمنع نقل أي معلومات لما يتعرض له المعتقلون بالداخل".
كما طالت التهديدات عددا من المعتقلين، منهم كمال السيد، حيث قيل له نصا: "مش هتكملوا معانا شهر، كلكم كبار وبتاخدوا أدوية، هنمنع عنكم الأدوية وننقلكم الوادي الجديد، الترحيلة 8 ساعات، السليم فيكم هيقع والعيان هيموت".
وتواصل: "لا تتخيلين حجم الصعوبات التي نجدها فقط لاستخراج تصريح للزيارة, قد تصل للشهور, ومن جهة أخرى نرى معاملة الجنائيين الزائرين بشكل أكثر رقيا, في محاولة لاستفزاز أهالي سجناء الرأي, أو قد يكون لأنهم الأقرب إليهم فكرا ونفعا.
وبلهجة متفائلة مخالفة لمشاعر يائسة بدأت بها الحديث، تقول زوجة الوزير السابق: "صامدون ثابتون حتى إغلاق مقبرة العقرب, حتى تبرئة زوجي من قضايا كيدية ملفقة, كفى النظام ظلما وفسادا وتعسفا وإهانة لمن كانوا بالأمس كوادر للوطن".
وحول الوضع القانوني، يتحدث نجل الوزير أحمد أسامة, الطالب بكلية الطب، قائلا: "والدى اعتقل فجر يوم ٢٦ أغسطس ٢٠١٣م, تم تلفيق ٤ قضايا حتى الآن, قضت المحكمة عليه في ثلاث قضايا, كالتالي: قضية قطع طريق قليوب (مؤبد), تعذيب محام فى التحرير (٣سنين)، والطعن الذي تقدم به المحامي الموكل بالقضية، تم رفضه من قبل المحكمة, قضية المقطم (مؤبد)، وتم قبول النقض فيه, أما عن القضية الرابعة فهي تضم عددا كبيرا من المعتقلين، وحتى الآن لم يتم معرفة الاتهامات الموجهة إلى أبي ومن معه، أو حتى السماح لهم بالاطلاع على اسم القضية, أو حضور جلسات العرض النيابي.
وأشار إلى أن الإضراب رد فعل طبيعي وصرخة إنسانية للاحتجاج على ممارسات إدارة السجن بحقهم وذويهم, والتعدي عليهم أثناء الزيارة، ولفت انتباه المؤسسات الحقوقية لما يحدث من انتهاكات فجة، والتعنت في دخول المستلزمات إلى المعتقلين.
ولفت النظر إلى ضرورة إنهاء حالات الحصار الطبي، ومنع المعتقلين من العلاج, مؤكدا أنها جريمة بكل المقاييس, ويجب معاقبة كل من يتورط فيها أيًّا كان, قائلا: لو أن جدران السجن تتحدث لشهدت على مقتل أكثر من حالة بسبب الإهمال الطبي، متسائلا: "أليست كل هذه دوافع تستحق الاحتجاج في ظل تصاعد أعمال الضرب والسب والإيذاء النفسي والبدني والتهديدات للمعتقلين؟!".
وتابع "كان أبي يرجع من عمله بالوزارة بعد الواحدة والنصف ليلا, كان لديه انتماء سياسي وصرح بذلك إعلاميا في أكثر من حوار صحفي، قائلا: أنا وزير لكل شباب مصر، لا فرق بين شاب وآخر على أساس انتمائه الأيدلوجي, وسوف أعمل على تمكين الشباب من الثورة الإنشائية لوزارة الشباب، بما تملكه من مراكز شباب ومنتديات للشباب ومراكز تعليم مدني, لتكون هذه ملكا للجميع, وسيشاركني الرؤية شباب مصري من كل الاتجاهات والتوجهات".
ويسترسل "على التاريخ أن يراجع مواقف أبي ودوره في التطوير خلال فترة توليته لصياغة رؤية جديدة للعمل الشبابي, يتواصل مع الشباب والوزارات الأخرى لتحقيق مشروع التطوير الذي كان يحلم بتحقيقه ليل نهار, فمن العدل إذا أن يكون الجزاء من جنس العمل, الوزير يحيا في مقبرة العقرب باتهامات فارغة لا أصل لها ولا سند, أي عقل يصدق بهذا؟!".
ويختتم "يرهقني أن أرى رجلا يحب بلده مثل أبي خلف القضبان, رغم أن الحالة النفسية لأبي ومن يخوض الإضراب معه في أعلى مستوياتها, حياتهم ما بين صلاة وذكر ودعاء, ونحن واثقون أن ساعة الظلم وإن طالت لن تدوم, ولكن في الحقيقة لكم يؤلمنا الصمت الحقوقي والإعلامي!".