الصناديق الخاصة: “سبوبة” العسكر المخفية!

- ‎فيتقارير

كتب: أسامة حمدان

ماذا تعرف عن "الصناديق الخاصة" التي يديرها العسكر؟ إنها كل ما يتم تحصيله واقتطاعه من أموال من الشعب، دون أن تدخل الموازنة العامة للدولة، وقد تم إنشاؤها عام 1973، وأغلب مصادرها إيصالات يتم تجميعها منك في أى مكان من خلال المؤسسات الرسمية، ووفقا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات 100 مليار جنيه سنويا يتم توزيعها على الجهات التي تقوم بتحصيلها (بالحب)!

في أحد أيام شهر مارس الماضي، أرسل "هشام جنينة" رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، رجاله إلى مبنى وزارة الداخلية، بهدف كشف مخالفات من السجلات المالية، بعد معلومات أكدت استنزاف عدد من المسئولين في الوزارة أموال الشعب، التي تقارب الـ12 مليون دولار كمكافآت ومزايا مالية، وقبل أن يقوم رجالة جنينة بمراجعة الحسابات، تم إلقاؤهم خارج مبنى الوزارة.

بعد ثمانية شهور اشتكى "جنينة" إلى قائد الانقلاب "السيسي" بأن عناصر وزارة الداخلية قاموا بالسطو على غرفة يتردد دائمًا عليها رجاله، حيث قام عناصر الداخلية بالاستيلاء على سجلات التحقيق وأجهزة كمبيوتر محمولة، وبررت داخلية الانقلاب هذا العمل تحت باب “الحرب على الإرهاب"، مدعين أن الطريقة التي تُنفق فيها أموالُ الدولة يجب أن تبقى سرًّا.

تاريخ النهب!
في عهد المخلوع "مبارك" تشعبت صناديق العسكر السيادية أو الخاصة، وانتشرت في كل الوزارات والمحافظات والشركات القابضة، ففي هذه المرحلة صدرت سلسلة من القوانين تعطي الحق للعديد من الجهات في إنشاء صناديق خاصة، مثل قانون التعليم رقم (139) لسنة 1981، وقانون الجامعات رقم (49) لسنة 1992.

ودائمًا ما يخبأ فيها العسكر الأموال المنهوبة التي لا يتم تحويلها إلى خزينة وميزانية الدولة، لكنها في المقابل كانت بمثابة حصالات بنكية للجنرالات والمسئولين الكبار، هذا سمح لهم تجميع مكافآت بعيدًا عن رقابة الشعب، فيما يعرف باسم "الصناديق الخاصة".

إن ما حاول رجالة "جنينة" البحث عنه في وزارة الداخلية هو مجرد غيض من فيض، فوفقًا لسجلات رسمية لم يكشف عنها سابقًا، هناك حوالي 9.4 مليارات دولار خبئت في حوالي 6.700 حساب بنكي غير خاضعة للتدقيق في البنك المركزي المصري، وبشكل غير قانوني في عدد من البنوك التجارية المملوكة للعسكر.

في آخر السنة المالية 2012/2013 التي سبقت الانقلاب العسكري، الذي صاحبه تدفق "رز" الخليج، أصبح واضحًا أن 9.4 مليارات دولار تم إيداعها داخل حسابات مدارة من الجيش في البنك المركزي.

مواسير فساد!
باتت "الصناديق الخاصة" توصف في مِصْر بأنها أوعية فساد يديرها العسكر، تستقبل حصيلة الخدمات والدامغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة، هذه الحصيلة لا تدخل إلى خزينة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها، ومن ثم لا يناقشها مجلس الشعب، ولكنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

وفي عبارة مختصرة؛ هي كل مبلغ يدفعه المواطن في أي مؤسسة أو هيئة حكومية خلاف الضرائب، ولكي نقرب الصورة أكثر يمكن استعراض نماذج منها، فنجد مثلا رسوم مواقف السيارات العامة التابعة للمحليات والمصاريف الإدارية والدمغة التي يدفعها المواطن للحصول على بطاقة رقم قومي أو رخصة قيادة أو رخصة بناء أو ترخيص سيارة أو ترخيص محل تجاري أو ترخيص عداد كهرباء أو عداد مياه أو غاز طبيعي أو تعريفة سيارات السيرفيس (الكارتة).

بلغت حصيلة الصناديق الخاصة 14.1 مليار دولار في بداية السنة المالية 2010/2011 بنهاية عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.

بلغت هذه الحصيلة مبلغ 9.4 مليارات دولار في بداية العام المالي 2012/2013، وفقًا لإحصاءات الجهاز المركزي للمحاسبات مع نهاية فترة حكم المجلس العسكري، بما يعني أن 4.7 مليارات دولار من حصيلة هذه الصناديق قد تم فقدها.

في أغسطس الماضي 2014، ادعى وزير المالية، هاني قدري دميان، أن الحجم الكلي لأموال الصناديق الخاصة لم تزد على 3.8 مليارات دولار، لكنه فشل في توضيح حقيقة الـ5.6 مليارات دولار التي فقدت من إجمالي حجم أموال الصناديق الخاصة للسنة المالية 2012/2013 (المقدر بـ9.4 مليارات دولار).

وصف هشام جنينة شبكة الأموال الهائلة بـ"الباب الخلفي للفساد، التي من خلالها يتم تبذير أموال الدولة بأسوأ طريقة"، هذه الأموال الممتدة بين وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، والتي كان يرأسها السيسي قبل توليه الرئاسة، ويقول جنينة إنه تعرض لتهديد لفظي من قبل اللواء خالد ثروت، الرئيس السابق لقطاع الأمن الوطني.

وفقًا لتحقيق فإن بعض العناصر داخل وزارة الداخلية أبلغتها، حصول كبار الضباط على جزء من الأموال المسروقة، قادمة من سلسلة من حسابات بنكية سرية تستخدم في إخفاء الأموال التي يتم جمعها بواسطة الوزارة مقابل خدمات مثل المخالفات المرورية ومبيعات لوحات أرقام السيارات.. إلخ، هذه الأموال التي يتم جمعها تستخدم في تغطية نفقات الوزارة بما فيها شراء الملابس الرسمية والطعام والمعدات.

ووفقًا لعناصر داخل الوزارة، فإن أكبر سبعة مسئولين في الداخلية قد سرقوا من الأموال المخصصة للمعاشات التي تستقطع من مرتبات الضباط الصغار الهزيلة، وقال أحد عناصر الداخلية: إن هذه الحسابات تدار داخليًا بواسطة موظفين قليلي الخبرة ولكن موثوق فيهم، والذين تم ترقيتهم لهذه المناصب بالمحسوبية، ليقوموا بإخفاء بعض الأرقام.