إبريل 2016.. صدام وشيك أم مصالحة حذرة بين أردوغان والسيسي

- ‎فيتقارير

كتب – هيثم العابد

يجري العمل على قدم وساق من أجل وضع اللمسات النهائية للقمة الإسلامية المقبلة التى تستضيفها مدينة أسطنبول فى إبريل 2016، فى حدث من المرتقب أن يجذب انتباه العالم نحو المدينة التركية، غير أن الأهمية لا تتعلق بتوقيت تلك القمة الاستثنائية التى تأتي فى ذروة اشتعال الموقف بين المعسكرين السني والشيعي على خلفية تنامي التوتر بين السعودية وإيران، وإنما باعتبارها أول مواجهة مباشرة بين قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئيس القمة المنتهية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يبحث عن آلية استلام الراية من الجنرال في قلب المدينة التاريخية وبحضور زعماء نحو 57 دولة.

القمة الإسلامية كانت إحدى مداخل المملكة العربية السعودية من أجل التعجيل بمصالحة بين الطرفين تصب فى صالح الرياض على خلفية إذابة الجليد بين أهم الأرقام فى العالم السني ليمثلا أوراق ضغط على الجانب الإيراني المدعوم بطبيعة الحال من روسيا والجيوب الشيعية فى العواصم العربية؛ حيث تضمن الرياض موالاة السيسي عبر حفنة من "الرز" فيما تبحث تحالف مع أنقرة بتوثيق العلاقات وتقارب الرؤي فى الملفات الشائكة فى المنطقة.

"روسيا اليوم" –عبر تقرير له- اليوم الاثنين، رصد المساعي السعودية الحثيثة من أجل رأب الصدع بين أنقرة والقاهرة، عبر حزمة من الخطوات التى تصب فى هذا الاتجاه، منذ استقبال السيسي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، لعرض ما تعتزم الأمانة العامة القيام به من مبادرات وبرامج في المرحلة القادمة والتحضيرات الجارية للقمة الإسلامية التي ستنعقد في إسطنبول في منتصف شهر أبريل المقبل، نحو دعم العمل الإسلامي المشترك.

وبعد ساعات من لقاء مدني مع قائد الانقلاب العسكري، كان على موعد آخر نهاية الأسبوع الماضي في جدة الرئيس أردوغان قبيل توجهه لأداء العمرة في مكة المكرمة، فيما كشفت تقارير دبلوماسية أن السيسي قام بإيفاد وزير خارجيته سامح شكري لمهمة عاجلة في المملكة ترتبط بهذا الشأن، لكن الأمر ﻻ يزال محاطا بالسرية، حيث التقى كلاً من ولي العهد وولي ولي العهد السعوديين، فيما اتصل الملك سلمان بن عبد العزيز بالجنرال هاتفيا، الأمر الذي رأى فيه البعض مفاوضات واضحة بشأن العلاقة بين أنقرة والقاهرة.

وبحسب التقرير، لم تكن تلك المرة الأولى التي تسعى فيها المملكة السعودية للمصالحة المصرية التركية، فقد سبق وزار السيسي السعودية في مارس الماضي، وبعد بدء زيارته بيومين، جاء أردوغان للمملكة في زيارة رسمية، وقبلهما كان هناك الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، وهو ما يصعب أن يأتي مصادفة على الإطلاق، وفق متابعي ملفات المنطقة.

واعتبر المراقبون أن خطوات الرياض المتعجلة فى هذا الشأن، تستثمر فى الأزمات المتلاحقة التى ضربت القيادة التركية مع روسيا والعراق وتفاقم المشهد على نحو مقلق فى سوريا، من أجل حاجتها الماسة للتقريب بين الفرقاء في إطار تحالفها العسكري الإسلامي الوليد الذي لم يتقدم حتى اللحظة خطوة واحدة على الأرض.

وشدد على أن تحالف السعودية الإسلامي الذى يبقي حبرا على ورق يحتاج إلى تفعيل فى تلك اللحظات على وجه التحديد بعد الأزمة الحادة مع إيران على خلفية إعدام القيادي السيعي نمر باقر النمر قبل أيام فى المملكة، بينما يقف حجر عثرة فى سبيل تحقيق ذلك فرقاء المشهد "مصر وتركيا" بالتحديد، لأنهما يكونان معها المحور الذي تسعى إليه المملكة لمواجهة ما تراه تصعيدا إيرانيا في اليمن والبحرين ولبنان والعراق وسوريا وكلها ملفات مفتوحة، يرى السعوديون أنها لن تحل إلا بتعاون ثلاثي يضم القاهرة والرياض وأنقرة.

وأشار التقرير إلى أن حالة التوتر الإيراني السعودي، وما حدث من مهاجمة للمقرات الدبلوماسية والقنصلية السعودية في إيران، وما تبعه من إخلاء للبعثة الدبلوماسية السعودية عن طريق الإمارات، ومطالبة المملكة للبعثة الدبلوماسية الإيرانية بمغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، وإدانة القاهرة والأزهر الشريف للاعتداءات التي تعرضت لها المقرات الدبلوماسية السعودية في إيران، ورفض التدخل الإيراني في الشأن السعودي فيما يخص تنفيذ أحكام إعدام؛ وتصاعد المشهد بطرد السفير الإيراني فى البحرين والسودان وتجميد العلاقات الإماراتية مع طهران، كلها عوامل تستدعي من الرياض الدفع لتعجيل المصالحة المصرية التركية.

الكاتب المتخصص في الشؤون العربية يوسف أيوب، بدوره رصد محاولات حثيثة تبذلها السعودية للمصالحة بين مصر وتركيا، وأن الرياض في حاجة لهذا الأمر من أجل إنجاح تحالفها الإسلامي، زاعما أن  تركيا باتت في حاجة إلى المصالحة أيضًا بعد أن تلقت ضربات موجعة منذ التدخل الروسي في المنطقة، وموقفها المتوتر في العراق، فيما تصب المصالحة فى صف السيسي المتوتر؛ حيث تعد أنقرة شوكة حادة فى حلق الانقلاب العسكري وأحد أبرز خصومه.

إبريل المقبل، بات موعدا لمصالحة حذرة بين نظامين متنافرين فى العالم الإسلامي، أو حلبة لصراع جديد ومباشر وغير قابل للتأويل أو تحليل ما بين السطور على خلفية أزمة مشهد تسلم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان راية القمة الإسلامية من قائد الانقلاب، وكيف يمكن أن تنجح الدبلوماسية السعودية فى إحداث تقارب يرجح كفتها فى معادلة الصراع الأزلي مع دولة الملالي.