كتب- جميل نظمي:
يأتي تأجيل محكمة النقض نظر الطعن المقدم من المتهمين في هزلية "اقتحام قسم كرداسة" ضد الحكم الصادر من جنايات الجيزة بإعدام ١٨٣ والسجن عشر سنوات لحدث وبراءة اثنين آخرين، من بينهم 149 حضوريًّا، بينهم السيدة "سامية شنن"، لجلسة 20 يناير الجاري، ليضع مزيدا من علامات الاستفهام حول تسييس القضاء المصري، إلى على ما يبدو يتم استخدامه كأداة سياسية للضغط على رافضي الانقلاب العسكري، لتمرير ذكرى ثورة يناير الخامسة، وسط دعوات للحشد لإسقاط الانقلاب العسكري.
وشهدت الأوساط السياسية والحقوقية سجالاً متصاعدًا، في الفترة الأخيرة ، وسط مطالبات حقوقية بإلغاء أحكام الإعدام خارج إطار القانون بحق ١٨٣ في "قضية كرداسة"، من بينهم 149 حضوريا، وإعادة محاكمة المتهمين في محاكم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة وتعويض المتهمين عن التعذيب الذي تعرضوا له أثناء فترة اعتقالهم، استنادا لنص المادة المادة 14 من اتفاقية "مناهضة التعذيب"، التي تنص على واجب الدولة في "إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن".
وكانت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" قد أرسلت نداء عاجلا في 9 ديسمبر 2014 ، إلى المقرر الخاص بالقتل خارج القانون في الأمم المتحدة عقب صدور حكم من المحكمة، ومرة أخرى في 3 فبراير 2015 إلى الأمم المتحدة حول تلك التطورات في القضية، مبينة ضرورة إرسال لجان تقصي حقائق للتحقيق في تلك الجرائم المرتكبة على أيدي السلطات القضائية والمطالبة بإسقاط كل تلك التهم ضد المتهمين وعدم تنفيذ هذه الأحكام أو إصدار مثلها مجددا في مسلسل الاستهتار بحياة المواطن المصري.
مراحل القضية
وكانت محكمة الجنايات المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطره، قررت في 2 ديسمبر 2014 إحالة أوراق 185 من المتهمين في "قضية كرداسة" إلى المفتي في القضية رقم 12749 لسنة 2013، في حكم يعد الثالث من نوعه فيما يتعلق بأحكام القتل الجماعي خلال عام 2014، في محاكمات وإجراءات غير عادلة انتهكت فيها جميع حقوق المتهمين ولم يتوفر فيها أدنى معايير المحاكمة العادلة.
وفي 2 فبراير 2015 وبعد ذكرى ثورة 25 يناير، صدر الحكم بإعدام المتهمين، وتحدد حكم النقض ، قبيل ذكرى الثورة في عام 2016، الأمر الذي يثير الشكوك حول استخدام السلطة الأحكام القضائية سياسيا.
كانت القضية قد أحيلت إلى محكمة الجنايات بعد أن وجهت النيابة العامة إلى المتهمين تهما بالاشتراك في الهجوم على مركز شرطة كرداسة في 14 أغسطس 2013 ، والذي تزامن مع أحداث مجزرتي فض رابعة العدوية والنهضة، وقتل مأمور القسم ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة وإتلاف مبنى القسم وسرقة معدات وأسلحة.
واستمرت المحاكمة لـ 25 جلسة بدءا من 27 مارس 2014 وحتى 2 فبراير 2015 ، في محكمة استثنائية غير مختصة ، كما عزلتهم عن سماع المحاكمة ووضعتهم في قفص زجاجي ورفضت طلبات الدفاع بالاستماع لشهود النفي ، واكتفت بمساع شهود الإثبات ومنهم 85 من أفراد الأمن، واستندت على تحريات الشرطة في مخالفة لأحكام محكمة النقض التي نصت على عدم اعتباره كدليل إدانة منفرد.
وقد ارتدى المتهمون في تلك القضية ملابس الإعدام منذ عام كامل، وهم 149 متهما حضوريا من بينهم امرأة وهي سامية شنن البالغة من العمر 50 عاما والتي تعرضت لشتى أنواع التعذيب لإجبارها على الاعتراف بالتهم الموجهة لها.
انتهاكات على يد السلطة القضائية
فيما دشن حقوقيون ونشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي حملة لوقف إعدام متهمي قضية كرداسة، منددين بالانتهاكات التي عاشها المتهمين خلال سنوات نظر القضية، ومنها: اقتحام وتحطيم محتويات عشرات المنازل ، (17 منزلا بشكل كامل) ومصادرة ما بها من ذهب وأموال وأجهزة إلكترونية وهواتف محمولة وحواسب، بالإضافة إلى حرق 5 منازل ومنع الأهالي من إخماد الحريق بها واعتقال كل من حاول إطفاءها، كما تم الاعتداء على النساء والأطفال أثناء عملية إلقاء القبض على المطلوبين وتهديدهم بالسلاح وكذلك اعتقال النساء وذوي المطلوبين لإجبارهم على تسليم أنفسهم وذلك في 19 نوفمبر 2013.
كما تعرض المعتقلون للضرب والسحل منذ لحظة اعتقالهم وأثناء نقلهم بسيارات الترحيلات ونقلهم إلى معسكر الأمن المركزي بـ"الكيلو عشرة ونصف"، لتستمر معاناتهم وتعرضهم للمزيد من الانتهاكات والمعاملة المهينة ” تجريد من الملابس والضرب بأسلاك حديدية والضرب بالهراوات والصعق بالكهرباء والتعليق في الهواء”” بشكل انتقامي لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها.
فيما غضت النيابة الطرف عن المخالفات القانونية في عمليات الضبط والإحضار ووقائع التعذيب ، الذي بدا واضحا عليهم أثناء العرض على النيابة، بل وقامت النيابة بالسماح للضباط بحضور التحقيقات مع المعتقلين لإجبار المتهمين على الاعتراف بالتهم التي وجهتها لهم وتهديدهم بتكرار تعذيبهم في حالة عدم اعترافهم بتلك التهم.