شاهد “صباحي” يقود حملة “تخدير الشارع”.. و”السيسي” يقطع البث

- ‎فيأخبار

كتب – هيثم العابد

فى توقيت مثير للجدل، ظهر المرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي قبيل الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير فى إطلالة جديدة، لأداء دور قديم جديد يجيده مؤسس التيار الشعبي فى المشهد السياسي، ليطلق العديد من التصريحات المنمقة فى حضرة أحد أبرز الأذرع الإعلامية فى دولة السيسي، قبل أن ينتهي المشهد المسرحي بقطع البث.

صباحي ظهر دون سابق إنذار مع الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية وائل الإبراشي، ليتباكى على الأوضاع المعيشية التى تنهش المِصْريين وعودة الدولة البوليسية بوجهها القبيح وإقصاء جماعة الإخوان من الحياة السياسية، دون أن ينسى شهداء رابعة العدوية وحملات المداهمات اليومية بحق مناهضي النظام العسكري.

وبعد صمت طويل -ربما منذ حصوله على المركز الثالث فى مسرحية انتخابات الرئاسة خلف الأصوات البطالة- انتقد صباحي الانتهاكات التى ترتكبها الأجهزة الأمنية بحق المعارضين، واختراق خصوصياتهم واغتيالهم معنويا وجسديا لكل من يختلف مع الحكم العسكري، مطالبا بمراجعة حقيقية لما نص عليه دستور الدم من احترام خصوصية المواطن.

وحول عسكرة الدولة فى أعقاب استيلاء السيسي على السلطة، دخل صباحي فى وصلة غزل للجيش المصري، مشددا على أنه يحترم تلك المؤسسة الوطنية، ولكنه يرغب أن يبتعد عن لعبة السياسة وألا يتم استخدامها لأغراض بعيدة عن مهمته القومية، أو أن يتحمل أعباء ليست من وظيفته وتعمل على إرهاق القوات المسلحة.

وأضاف المرشح الخاسر أنه ليس من المنطق أن يكون بيع الخضروات ومنافذ البيع و"تسليك البلاعات" ضمن مهام الجيش، كما أنه لا يجب أن يدخل طرفًا منافسًا لشركات المقاولات فى المشروعات، خاصة بعد أن تحول منهج الإدارة لمراقبة مؤسسات الدولة وهى تنهار وتبقى المؤسسة العسكرية وحدها هى الطرف الفاعل فى حل الأزمات وحده، لأن تلك جريمة فى حق الجيش وفى حق مؤسسات وهيئات ومنظات الدولة، معقبا: "ميصحش كده".

وشن صباحي هجوما حادا على الأذرع الإعلامية على خلفية نشر صور فاضحة لصديقه المخرج خالد يوسف وغيره من الساسة، مشيرًا إلى أن ما حدث يمثل انتهاكًا لخصوصية المواطنين وانتهاكًا للدستور الذى أقره العسكر، والمفجع أنه يتم على الهواء وعلانية، ما يؤكد أن الإعلام المِصْري لم يفقد المصداقية فحسب وإنما المعايير المهنية أيضا، وهو ما يحتاج إلى وقفة جادة أمام إعلام البذاءة وبث الكراهية والاغتيال المعنوي.

وأوضح أن من قام بنشر تلك الصور الفاضحة ليس أصلا من دعاة الفضيلة، بل يجب محاكمة من قام ببث تلك الفضائح علانية، مشيرًا إلى أن تلك الجريمة تقود إلى تسائل أهم حول من يقوم بزرع تلك الكاميرات داخل غرف المصريين لتغتال خصوصية المواطنين؟ إذا كان أحد خصوم السياسة فتلك جريمة، وإن كانت جهة أمنية يدفع الشعب رواتبها من أجل أن تحمي الشعب وتسترها هى من تفضحها فتلك جريمة مكتملة الأركان، ويجب أن يتم التحقيق على أعلى مستوى.

وأشار مؤسس التيار الشعبي إلى أن الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى ليس إعلاميًّا وإنما مخبر، والجهاز الذى يعمل لحسابه وضعه أمام الكاميرات من أجل انتهاك أعراض الناس والقيم الأخلاقية والمهنية ويسفه الدولة والسلطة، فى ظل احتمالية تورط أحد أجهزة الدولة فى الوقوف وراء تلك الانتهاكات بالنظر إلى من أذاع تلك الفضائح الذى يمثل صوت سيده.

وزعم صباحي أن يتعاطف مع -من وصفهم- بالإخوان السلميين، مستنكرًا حملات المداهمات والمطاردات اليومية التى تحدث بحق أعضاء الجماعة وأنصارهم واقتحام منازلهم وترويعهم وتهديدهم فى أمنهم ومعيشتهم وفى كرامتهم، والتعذيب الممنهج فى السجون وحرمانهم من الدواء والكساء؛ لأنه أمر لا يمكن أن يقبله رجل عنده ذرة كرامة أو إنسانية.

واعتبر أن الحملات الفاشية التى تمارسها مليشيات الأمن بحق الإخوان من إهانة وتضييق فى رزقهم وأعمالهم غير مقبولة ولا يمكن السكوت عليها، مشددًا على أن الدماء التى أريقت فى رابعة العدوية هى دماء مِصْرية حرام، مثل باقي دماء شهداء الوطن، لا يمكن لأحد أن ينكره أو يستعلي عليه أو يتم تحقيره.

وعاد صباحي ليؤكد أنه لا يزال يرى أن فض اعتصام رابعة والنهضة كان واجبًا ولم ينكر تأييده، معتبرًا أن اعتراضه على طريقة الأمن فى الفض التى افتقدت للمهنية أو احترام الروح الإنسانية، أو الالتزام بالحد الأدنى لقواعد الاشتباك.

وطالب الدولة الاعتراف بتلك الدماء التى أريقت وعدم إنكارها؛ لأن الاستعلاء على ما حدث فى رابعة وغيرها بحق كل مِصْري مسالم لم يحمل سلاحًا أو يروع الآمنين يبعث الشعور على الأخذ بالتار، وعلى البرلمان "العسكري" أن يسن تشريعات العدالة الانتقالية حتى يندمل الجرح المصري ويتوقف نزيف الدم، ويتم الوقوف على المظالم التى تملأ بيوت المِصْريين، ونزع تلك الفتنة قدر المستطاع.

وألمح المرشح الخاسر إلى أن النظام نزع عن أعضاء جماعة الإخوان حقهم فى التنظيم، ولكن ليس من حق العسكر أن يحظر حقهم فى المواطنة؛ لأن من حق كل مواطن أن يتبنى الفكر الذى يعتقد، سواء إخوان أو ماركسي أو يساري، مشيرًا إلى أن التعامل الأمني مع الجماعة أبرز أخطاء الأمن؛ حيث يتعامل مع الكافة دون تمييز.

وأكد أن هناك قطاعًا كبيرًا من الشعب متعاطف مع الرئيس محمد مرسي ومع الجماعة، باعتبار أنه انتخبه رئيسًا للجمهورية، مشددًا على أنه لا يمكن بحال قبول ما يحدث فى مِصْر الآن من حملات تضييق وانتهاك لكرامة الشعب واعتقال المؤيدين للإخوان أو المعارضين للنظام الحالي.

وعاد صباحي ليستنكر حملات الكراهية التى يتم بثها يوميا عبر أبواق فضائيات الأذرع الإعلامية، والتى تعد بمثابة سموم تقتحم بيوت المِصْريين، مشددًا على أن الشباب بات معذورًا فى حالة الغضب واليأس والعداوة مع السلطة، خاصة عندما يرى عبد الفتاح السيسي يزعم أنه يحترم "25 يناير و30 يونيو"، ثم يوقع على تعيين فى البرلمان أنكر الأصوات التى تنهش فى ثورة 25 يناير.

وأشار إلى أنه يبدو أن السيسي غير منتبه لتلك المعاني عن بسطاء الشعب المِصْري، وهل يمكن للمواطن أن يصدقه عندما يقوم بتعيين من يسب الشعب المؤيد لثورة 25 يناير ليل نهار؟ مطالبا قائد الانقلاب بأن يمتلك القليل من الرشد عندما يقدم على مثل تلك القرارات، حتى وإن أعلن أنه يؤمن بالثورة؛ لأن "الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل".

وأوضح المرشح الخاسر أن من ينكر ويسب 25 يناير ليس قطاعًا شعبيًّا وإنما جماعة مصالح، تدافع فقط عن الأموال التى نهبوها من "لحم الشعب الحي" طوال سنوات طويلة ماضية، مشيرًا إلى أنه لا يصادر على من يهاجم الثورة أو يعبر عن رأيه بحرية ولن يعتقل المخالف فى الرأي أو يقمعه، ولكن فى المقابل لا يقبل تعيينه فى المؤسسة التشريعية التى يأتى على رأس أعمالها تحويل الدستور الذى يقر بـ25 يناير إلى قوانين، فهل يقبل أن يأتى لسن تلك القوانين من يسب الثورة؟ وإذن فليجيب لماذا لم يعيين فى البرلمان من يرى أن 30 يونيو انقلابًا؟

وبرر صباحي حالة الغضب المتنامي فى أوساط الشباب إلى اعتقال الثوار، والظلم الواقع على المواطنين، والاختفاء القسري، وتجاوزات الأمن، وتزايد القبضة الأمنية فى مقابل ضمور فى عقلية إدارة الدولة، وافتقاد العدالة الانتقالية، لكن ليس هذا فحسب وإنما عبر تسفيه الثورة التى يفخر بها ووأد ملامح ميدان التحرير التى ألهمت قادة العالم، وتجاهل شهداء الثورة وسب رموزها وحصار أهدافها.

وحاول صباحي انتقاد السيسي -على استحياء- من خلال تبني سياسات دولة المخلوع التى لا تؤدي فى النهاية إلا لمزيد من الفشل، مشيرًا إلا أن الانحياز أو الطريق الذى تسير عليه السلطة لا تتماهى مع أهداف ثورة 25 يناير، بل ربما لا تحقق مصالخ الشعب المصري.

وأشار إلى أن النظام الحالى ليس لديه رؤية واضحة يلتزم بها القابع على رأس السلطة ويرضى عنها الشعب، ولكن الرؤية فى عرف السلطة الحالية غائبة أو غائمة، مشيرًا إلى الإطمئنان بات مفقودًا فى أوساط الشعب المِصْري، ويمكن أن تلمس ذلك فى رفض تعيين أبناء البسطاء والفلاحين فى النيابة، وافتراش حملة الماجستير والدكتوراه على سلم نقابة الصحفيين، فيما يورث أبناء البشوات المسيطرين على البلد الوظائف على حساب المتفوقين، فى تمييز مرفوض وظلم، وإضعاف لمؤسسات الدولة فى ظل تفشي الرشوة والمحسوبية.

واعترف صباحي أن أبسط مطالب الشعب يتجاهلها النظام الحالي، فى الوقت الذى لا يلتفت فيه إلى أهداف ثورة 25 يناير "عيش- حرية- عدالة اجتماعية"، ولكن للأسف السيسي عاقب من أيده برفع فواتير الكهرباء والمياه ورفض تعيين أبنائهم فى الوظائف الحكومية وحرمان المواطن البسيط من حقه فى الحياة، فيما يواصل حلف النفاق الإعلامي ليكذب على الشعب بأنه مِصْر فى أحسن حال ليستثمر فى غباء المواطن المنكوب.

ورغم محاولات صباحي الرقص على الحبال وعدم إطلاق تصريحات مباشرة تثير غضب النظام الفاشي، أو التخلي عن دور "الكومبارس" الذى أجاده فى مسرحية انتخابات الرئاسة من أجل تمرير وصول السيسي إلى السلطة، وحقن الشارع المِصْري بمخدر المعارضة الرشيدة قبيل ذكرى ثورة 25 يناير، إلا أن النظام الفاشي لم يترك المسرحية لتكتمل وإنما قرر أن يقطع الكهرباء على المرشح الخاسر ويوقف البث، ويؤكد أنه لا صوت يعلو فوق صوت العسكر.