“مضايا” تفضح جرائم “حزب الله” وتواطؤ “طواغيت العرب”

- ‎فيتقارير

* القطط أوراق الشجر وجبات يومية.. وكليو الأرز بـ 2100 جنيه
* المجتمع الدولي يخشي الغضب الروسي.. وإيران ترتكب مذابح طائفية
* ارتفاع حصيلة شهداء "مضايا" إلى 32.. والمعارضة تتوعد

كتب – هيثم العابد

الحصار محكم والصور المسربة من داخل بلدة مضايا السورية تكشف عن واقع مأساوي وقتل بطيء لقرابة 40 ألف سوري جل جريمتهم الصمود فى وجه براميل بشار ومذابح مليشيات حزب الله اللبناني، وسط حالة من الصمت المخزي من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التى تنشط على وقع تفجيرات مسرحية فى باريس بينما تتجاهل كوارث إنسانية إذا تعلق الأمر بهذا الجزء الإسلامي من العالم أو التوطؤ مع أجندة الغرب الفاشية فى الدفاع عن طواغيت العسكر فى الشرق الأوسط.

«مضايا».. يكفي أن يتردد الأسم على مسامع من بقي فلا داخل بقايا من إنسانية حتى يتسرب الشعور بالعار إلى نفس كل مسلم أو عربي، يقف عاجزا أمام مشهد القتل المروع لآلاف السوريين تحت وطأة الحصار "الشيعي-العلوي"، حتى باتت المعادلة الدموية فى عرف دولة بشار وأعوانه القتلة فى روسيا وإيران ومليشيات حسن نصر الله، أنه من لم يمت بالبراميل المتفجرة والغارات الكيماوية مات جوعا أو غرقا أو مجمدا فى مخيمات العار.

المدينة السورية المحاصرة منذ يوليو الماضي، تعاني من أحوال معيشية مزرية دون طعام أو شراب أو دواء بعد أن تخلى عنهم العالم وتركهم فريسة لحزب الله وشبيحة بشار، حتى وجدوا ما يسد رمقهم للبقاء قليلا على على قيد الحياة فى أوراق الشجر والأعشاب اليابسة وتناول القطط والحشرات وشرب الماء العكر، ووصل كيلو الأرز –إن وجد- إلى نحو 250 دولارا؛ أى ما يعادل قرابة 2100 جنيه مصري.

وعلى وقع مشاهد لأطفال لم يبق منهم سوى عظام بارزة، ورجال ذبحهم الجوع من الوريد إلى الوريد، اعترف أهالى "مضايا" أن بشار ومعاونيه يرفعون شعار "الجوع أو الركوع" فى تلك الحرب الطائفية والقتل على الهوية، مؤكدين أنه جاء الوقت الذى يموت فيه الناس من الجوع فى الطرقات دون أن يكون من يغيثهم أو يرحم صراخ أطفالهم.

وفى إمعان لحالة السادية المسيطرة على مليشيات حزب الله الدموية، قامت بإحاطة المناطق الزراعية بحقول من الألغام، وراحت تراقب المحاصرين وهم يحاولون اختراق المتفجرات فى رحلة الموت من العودة بقليل من الطعام لسد رمق بلدة بأكملها، قبل أن تلمع أعين المليشات المدعومة من إيران على مشاهد انفجار لغم هنا وآخر هناك لتتطاير معه ما بقي من أشلاء أبناء "مضايا" فيما يعود من نجا منهم بذراع مبتور أو بساق ممزقة.

إبراهيم عباس -منشق الجيش السوري- أوضح أن أهالى المدينة المحاصرة سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا، وسواء كانوا في السبعين أو العشرين من عمرهم، فقد الواحد منهم نحو 15 كجم من وزنه، مضيفا: "لن ترى طفلا إلا وعيناه غائرتان في وجهه ويحدق من شدة الجوع".

ويقول سكان البلدة المحاصرون إنهم يعاملون كدمى في لعبة الحرب القذرة وطائفية بشار الأسد ومؤيديه، ويعاقبون على معاناة قريتين تبعدان مئات الكيلومترات تحاصرهما القوات المناهضة للنظام الفاشي؛ حيث انتزع ائتلاف "جيش الفتح" مساحات واسعة من نظام الأسد في شمال غرب سوريا ليحاصر جيوب الشيعة في محافظة إدلب هما الفوعة وكفريا، ولهذا يصب النظام غضبه على بلدة مضايا والزبداني.

المعارضة السورية وجهت نداءات استغاثة لإنقاذ سكان "مضايا" من كارثة إنسانية، بعد تفاقم المعاناة بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام ومليشيا حزب الله وسوء الأحوال الجوية، ووجّه رئيس المجلس الثوري نداء استغاثة إلى العالم والعرب والمسلمين لإنقاذ المدينة من الحصار المفروض منذ أكثر من سبعة أشهر.

بدوره، طالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بتحرك دولي عاجل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وأصدقاء الشعب السوري لإدخال مساعدات إغاثية فورية لمدينة مضايا، مشيرا إلى أن عدم التزام النظام وحزب الله ببنود اتفاقية "الزبداني الفوعة"، التي تقضي بإدخال مساعدات إلى مضايا، هو السبب المباشر في حالات الوفاة التي شهدتها المدينة.

وأعلن المكتب الطبي في مضايا -في بيان رسمي- وفاة 31 مدنيا جوعا خلال الأيام القليلة الماضي وقتل آخرون فى حقول الألغام، فيما خرجت مظاهرات في عدة مدن وبلدات بريف إدلب طالبت المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ المدنيين في مضايا وفك الحصار عن المدينة التى تحاصرها كذلك العواصف الثلجية.

تهديدات المعارضة
المعارضة السورية للجزيرة أكدت أنها لن تصمت على تلك الجريمة الإنسانية فى "مضايا"، مشيرة إلى أن هناك تحركات في الكواليس لتأمين دخول المواد الغذائية إلى المدينة بأي ثمن، إلى جانب تحركات على استحياء من الهلال الأحمر السوري في الساعات المقبلة لإدخال أول دفعة.

وأشارت المصادر إلى أن جيش الفتح توعد بتجهيز عملية واسعة في كفريا والفوعة إذا لم تدخل المساعدات إلى مضايا خلال 24 ساعة، مشددة على أنه لا يمكن بأي شكل فصل ما يحصل في مضايا عن أحداث الزبداني.

وشددوا على أن الحصار الذي يمارسه حزب الله والجيش السوري قد أصبح عملية انتقامية ومحاولة للضغط على المسلحين الذين لا يزالون في الزبداني عبر أهاليهم في مضايا، فيما يدفع الأطفال الرضع حياتهم بشكل يومي جراء نقص الألبان والرعاية الطبية ما يهدد حياة 850 رضيعا.

من جانبه، وصف المسئول الإغاثي في "مضايا" محمد الدبس الوضع بالكارثي، موضحا: "نحن في البلدة المحاصرة يمكن تلخيص الوضع بالمجاعة الغذائية، وهذا عار على كل الضمائر العالمية والمنظمات والحكومات المدعية الدفاع عن حقوق الإنسان، ورغم ذلك تحولت المدينة إلى أكثر منطقة بالعالم ارتفاعًا في الأسعار، حيث يصل سعر مادة غذائية إلى مئة دولار.

المفاوضات والحصار
نجيب الغضبان -سفير الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الولايات المتحدة- أكد أنهم يواصلون التحرك في الأمم المتحدة؛ حيث اتصلوا بعدد من الدول وطلبوا اجتماعًا طارئا لمجلس الأمن "نطالبهم فيه بأن يطبقوا القرارات التي اتخذوها".

وقال الغضبان: إنهم طالبوا بشكل مباشر أن يتم إدخال مساعدات إنسانية تنفيذًا للقرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة مثل القرار 2139 والقرار الأخير 2258 وحماية للمدنيين في مضايا وفي أنحاء سوريا من البراميل المتفجرة ومن العدوان الروسي.

وأكد السفير أن الائتلاف يتحرك على مدار الساعة، وأنه يحرك هذا الأمر على كل المستويات، مشيرًا إلى أنهم يتلقون "كلامًا إيجابيًّا من الكثيرين"، وهناك أيضًا محاولة للضغط على حزب الله ومطالبة الدول العربية بأن "تقوم بدورها".

وقال الغضبان: إن حجم المأساة مروع وقد بدأنا بتحركات منذ عدة أيام على مستويات متعددة، و"حاولنا أن نركز على الأبعاد الإنسانية والمأساة وألا نسيس هذا الموضوع"، ولكن مجلس الأمن والأمم المتحدة محكومة باعتبارات سياسية، فالجميع يحاول ألا يغضب روسيا.

وأضاف أنهم قالوا للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إنه لا يمكن الحديث عن عملية سياسية قبل أن يتم رفع الحصار، وهذه كانت من الشروط التي تضمنها القرار 2254 قبل الأخير.

صمت إسلامي مخزٍ.. وتواطؤ أنظمة القمع فى الوطن العربي مع غارات روسيا الغاشمة على الشعب المنكوب، وحصار طائفي تتزعمه إيران وذراعها المسلح فى لبنان حزب الله على البلدات المناهضة لحكم بشار، بينما تنهال براميل النظام السوري على المدنيين دون توقف أو رحمة، والمحصلة حصاد لا ينتهي من القتل والتدمير والتشريد.. ومشاهد لا تنمحي من ذاكرة الإنسانية.

واقرأ أيضا:

قطط ونفايات وأوراق شجر.. طعام أهل "مضايا" السورية