كتب: أسامة حمدان
غيب الموت أجسادهم ولم يغيب آثارهم، من بين هؤلاء الحاج عويس عبد الوهاب، الذي وافته المنية مقبل على الدعوة غير مدبر، مسطرًا طفولة قاسية، وشباب ذاخر بالنشاط الدعوي والجهادي والسياسي، وكهولة كانت- وإلى عهد قريب- مليئة بالحيوية والنشاط لرفع راية الدعوة.
نعى الإخوان الحاج "عويس" وشيعوه بالدعاء والعبرات، وخيمت ذكريات وأحداث حفرت مكانها في ملامح الفارس المترجل، ذلك الوجه ذي القسمات البسيطة لتسطِّر لنا ملحمة جهادية ودعوية قلَّما نجدها في زماننا الآن.
رحلت ذاكرة قوية لا تتناسب وسنوات عمره التي راوحت التسعين عامًا، فهو من مواليد 31/6/1920م بقرية إدفا محافظة سوهاج، حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة، والتحق بتحضيرية المعلمين عام 1935م، وكان الأول على أقرانه الذين بلغ عددهم 400 دارس، تخرج فيها عام 1940م، وتم تعيينه مدرسًا بمدرسة برديس الابتدائية بسوهاج، ومكث فيها عامين ثم انتقل إلى مدرسة البلينا النموذجية.
وهو أحد الأبطال المجاهدين ضد عصابات الاحتلال الصهيني في حرب فلسطين 48، وأحد قيادات المقاومة الشعبية ضد الاحتلال البريطاني في القنال.
ارتبط بجماعة الإخوان المسلمين في شبابه حينما انتقل إلى مدرسة البلينا حيث نشأت أول شُعبة للإخوان في البَلْينا فانضم إليها، ثم اختير مسئولا لجوالة الإخوان بها.
ثم اختير عضوا في النظام الخاص لمقاومة العصابات الصهيونية في فلسطين والاحتلال الإنجليزي في القنال، وخاض مع الإخوان حرب فلسطين عام 1948.
تولى عويس تدريب المجاهدين إلى أن وقعت حادثة دير ياسين وبقر بطون النساء الحبالى في فلسطين فعاد للإمام البنا يطلب منه الخروج للجهاد مع المجاهدين في أرض الميدان والتحق بهم وتولى قيادة الفصيلة الثانية في فلسطين.
أبلى عويس بلاء حسنا في معارك فلسطين وظهرت بطولاته مع إخوانه في تدمير آليات العدو الصهيوني والاستيلاء على بعضها وصد هجماتهم حتى فوجئت الحكومة المصرية ببطولات الاخوان وانتصاراتهم ورأوا غنائم الحرب بيد الاخوان وعلق قائد الجيش اللواء المواوي للإخوان مندهشًا: "أنتم إما مجانين أو متفقين مع اليهود"!! ثم اتهمت الحكومة اللواء المواوي بالتعاطف مع الاخوان وعزلته.
خاض الحاج عويس أيضا معارك أخرى في حرب القناة عام 1951 واعتقل خمس مرات، وفي عام 1954 مكث في السجن الحربي عشرين شهرًا على خلفية "مسرحية" المنشية، وخرج عام 56 وحارب في قناة السويس، واعتقل مرة ثانية في نفس السنة لمدة شهر ، كما اعتقل عام 1965 ومرة أخرى عام 1981م.
حصل علي نوط الجدارة الذهبي من الجيش المصري لجهده في تحرير التبة 86 أثناء حرب فلسطين ، كما سافر إلى العديد من الدول داعيا الى الله فسافر ماليزيا والصين وألمانيا.
يقول الحاج عويس عن حياته وسط الإخوان : لو لم أكن من الإخوان لوددتُ أن أكون منهم؟ ، ولو عاد بي الزمن لبذلت أضعاف ما قدَّمت، رحم الله الحاج عويس عبد الوهاب، وجعله في صحبة الأنبياء والصالحين والمجاهدين.