قال الكاتب الصحفي وائل قنديل، إنه "لا يجوز للقاعدين في مرافئ الغربة الوثيرة، أمثالي، أن يلتقطوا الورقة والقلم، أو يمسكوا بتلابيب الميكروفون، وينهالوا تقريعاً وتعنيفاً و"أستذةً" على من يكبشون النار، ويذوقون المرار على أرضية الحراك الثوري الحقيقي في الشوارع والميادين".
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الأربعاء، أنه لا يزعم أحد من المعارضين في الخارج، ولا يستطيع، أنه يدير الثورة عن بُعد، أو يتحكم في إيقاع الحراك الغاضب في الداخل، أو يمارس وصاية، أو سلطة اختيار التوقيتات، والتقاط المواعيد المناسبة للتظاهر، فالفعل كله في الداخل، وما كل ما يصدر عن الخارج إلا ردود للأفعال، أو انعكاسات لما يدور على الأرض، من إنجازات وإخفاقات.
ونوه إلى أن الإقرار بذلك كله لا يمنع أن يكون لدى معارضي المهجر والمنفى رؤى وتصورات، يرون أنها تفيد الثورة في الداخل، ولا يصادر حقهم في التعبير عن هذه الرؤى، و"اقتراف" تقديم النصح والمشاركة في التفكير، من دون أن يجد هؤلاء الذين خرجوا، أو أُخرِجوا، أنفسهم في مرمى نيران تنطلق بكثافة هذه الأيام، تستهدف التثبيط والتحبيط، وتعتبر كل من يرى أنه دقت ساعة الغضب، من المرفّهين في الفنادق الذين يريدون دفع الجماهير إلى الجحيم والتهلكة.
ولفت قنديل إلى تنشيط ماكينة دعاية نظام السيسي، في هذه الفترة الحرجة من شهر الثورة، مستخدمةً كل الأوراق والأصوات، التي تعمل على موضوع واحد، هو محاولة إثناء المصريين عن الخروج للتظاهر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. وفي ذلك، تستعمل نماذج من المعارضات اللطيفة، التي ترتدي مسوح الخائفين على الجماهير من الخروج ضد النظام، وتروّج مثبطات ومعطلات من نوعية أن البيئة ليست مواتية للغضب، أو أن كفة القمع والبطش السلطوي هي الأرجح.. كما تطل وجوه من المحسوبة على "الشرعية" برأسها، في توقيت مدروس بعناية، لتمارس اللمز في معارضي الخارج، وتتهمهم بأنهم لا يبالون بدفع الجماهير إلى المحرقة، بينما هم يتنزّهون وراء البحار والمحيطات.
ووصف هذا السلوك بـ "الفحيح" الصادر من زوايا وأركان صغيرة في الداخل، تتهم الخارج بنوع من "الرفاهية الثورية"، وتشيع مناخاً من الإحباط، وتمارس تخويفاً من الخروج، انطلاقاً من أن لحظة "وأعدّوا" لم تأت بعد، موضحا أنه لكل إنسان أن يكون له قراره الشخصي بالخروج من عدمه، وأن يختار اللحظة المناسبة للتظاهر أو الإذعان للواقع بسطوته وقبحه، شريطة ألا يمارس وصاية، أو ابتزازاً، أو يتحول إلى آلة تحبيط وتفتيت وإثارة للغبار، وإشعال للفتن، تصب في مصلحة السلطة الحالية، وتحقق لها ما تريد.
ونوه إلى أن هذا الأمر يطرح علامات استفهام تتعلق بظهور هذا الخطاب، بالتزامن مع مواعظ حمدين صباحي وغيره من كوابح الغضب التي تطلقها السلطة، في مواجهة الاستعدادات لاستحقاق 25 يناير.
وقال"لقد اجتهد هؤلاء، حين وجدوا أنفسهم وحدهم يحملون شعلة الحراك المناهض لأبشع عملية قرصنة على ثورة يناير، فكان لابد أن يصيبوا ويخطئوا، وأن يصادفهم التوفيق تارة، والإخفاق تارة أخرى، ومهما كانت أخطاؤهم، يبقى الذين يعافرون، وسط محيط هادر من الإجراءات القمعية التي تتجاوز حدود الإرهاب والجريمة ضد الإنسانية، هم المرتكز لأية محاولة جادة لاستعادة "يناير" من خاطفيها، ليسوا وحدهم الذين يدفعون الثمن.. نعم، لكنهم أول من دفع وأكثر من تكبد وعثاء المقاومة والنضال ضد آلة مجنونة".