كتب: أسامة حمدان
لا يرى قائد الانقلاب العسكري من ثقوب "الغربال" لأنه أعمى عن الحقيقة، يطرح الفنكوش تلو الفنكوش دون أي اكتراث بانعدام مصداقيته، ويتجاهل أن البنك الدولي دق ناقوس الخطر أكثر من مرة حتى كلت يده، وكشف عن أن معدل البطالة في مِصْر بعد 3 يوليو 2013 وحتى نهاية 2015 تجاوز مستوى 25%.
في حين تساءل البنك عن مصير أطنان "الرز" الخليجي التي انهالت في جيوب العسكر، وطالب بإنفاق جزء منها لتوفير فرص عمل للشباب.
"السيسي" الذي أطلق تسمية عام الشباب في مستهل 2016، بدأ بالحديث عن تمكين الشباب ورفع قدراته بطرح "فنكوش" بنك المعرفة، إلا ان الماء كما يقال يكذب الغطاس، ولأن السيسي يغطس دومًا في الكذب خرج وزير داخليته يبشر الشباب بمليون زنزانة في الطريق، وببناء سجن واسع ومريح يسع أمل المستقبل على مساحة 103 ألف فدان، بعدها قام أستاذ مساعد في جامعة القاهرة، يدعى خالد أبو الليل، يعمل مخبرًا لأمن الدولة، بالتسبب في وفاة طالبة في كلية الآداب بجامعة القاهرة تدعى "ميادة محمد"، كل جريمتها رنين الموبايل!
وما يجعل هذا "الفنكوش" مجرد وهم لا طائل منه، هو أن "بنك المعرفة" الذي أعلنه "السيسي" ما هو إلا نافذة تقود الزائر لتصفح "الموسوعة البريطانية"، ومحاولة "ترقيع" الانقلاب بغرض ملء سجل الجنرال الأعمى بالإنجازات، لحفظ ماء الوجه ولو بمجرد الإعلان عن فناكيش وهمية كأنها نبت شيطانى ينمو فى صحراء جرداء عليها لافتة ممنوع الاقتراب أو التصوير.. هنا يحكم العسكر!
اليأس وفقدان الأمل
"الشيطان يعدكم الفقر".. هذا ما ينطبق على فنكوش "بنك المعرفة" الذي طرحه شيطان العسكر، تفاهة الطرح تشبه لعبة "بنك الحظ" حيث يحاول السيسي بـ"الحظ" الخصم من رصيد "العشم" لدى أتباعه، ومن هلل ورقص له وهو الآن يضرب نفسه بـ"الجزم" من فرط الندم.
الفنكوش موجه كما هو واضح للشباب، الذى أصبح بعد الانقلاب يملأ المقاهى ويفترش الأرصفة، ويغلب على من لم ينتحر منه روح اليأس وفقدان الأمل فى تحقيق الذات وبناء المستقبل، فى ظل صعوبة الحصول على فرصة عمل كريمة لدى نظام شعاره "مفيييش"، ومن ثم يجدون أنفسهم أسرى لصراع نفسى رهيب ما بين تصديق "فنكوش" المعرفة وبطالة تآكل ثمن "ساندوتش" على عربة فول، وشبح سؤال يلاحق صفوف العاطلين من أول حملة الدكتوراه مرورا بالماجستير وصولا إلى أقل مؤهل.. وهو "ما الفائدة؟!".
البطالة علينا حق!
تشير تقديرات "الانقلاب" نفسه فيما يخص التشغيل والبطالة، إلى أن البطالة تتركز فى الأعمار الأولى من سن العمل، حيث أن 61% من المتعطلين أعمارهم أقل من 25 سنة، بدءًا من 15 عامًا حتى 24 عامًا، وترتفع النسبة لتصل إلى 91% من المتعطلين وصولاً لسن 29 عامًا، ما يعنى أن الغالبية العظمى من المتعطلين من الشباب حديث التخرج، بحسب تقرير أعدته شعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية التابعة للمجالس القومية المتخصصة عام 2014.
بينما قدر المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي خالد إكرام معدل البطالة في مصر بأكثر من 25%، يأتي هذا بينما تظهر تقديرات "الانقلاب" المتلاعب بها أن نسبة البطالة عند حدود 13% فقط!
ودعا "إكرام" حكومة الانقلاب لاستغلال المساعدات المالية الخليجية؛ لتوفير فرص عمل للشباب، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وطالب بإعادة فتح 1500 مصنع أغلقت أبوابها منذ العام 2011.
السيسي يعدكم الفقر!
تعانى مصر من أوضاع اقتصادية واجتماعية قاسية منذ 3 يوليو 2013، فوفقًا لتقرير صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء، بلغت نسبة المصريين تحت خط الفقر 26.3%، لتصل نسبة محدودى الدخل إلى رقم أكبر من ذلك بكثير، فى ظل المعاناة والغلاء المستشرى الذى يواجهه المواطن حاليًا على كافة المستويات، فالحديث هنا تقديرًا عن أكثر من 50% من المواطنين لا يستطيعون امتلاك "كومبيوتر" كى يتمكنوا من الاستفادة من فنكوش السيسي.
وفي الوقت الذي تتضاعف فيه رواتب الجيش والشرطة والقضاء، يطالب "السيسي" -أمير الفناكيش- المواطنين المحبطين من التردي الاقتصادي بالصبر، متحججاً بمحدودية الموارد، وواعداً الأجيال التي ستأتي في علم الغيب ربما بعد 100 سنة، بمستقبل زاهر ينتظر مصر في 2115!
تعليم ع الناشف!
ويأتي فنكوش "بنك المعرفة" في وقت يتجهل فيه النظام الدموي الديكتاتوري أوضاع المدارس المتهالكة، وأنها ذات بنية أساسية غير آمنة و بلا خدمات، وفصول مثل أصبع "المحشي" مكدسة بالطلاب، وميزانية ضئيلة جداً للتعليم، ومعلمون غير مؤهلين لتدريس المناهج التي يحرص العسكر كل الحرص على جعلها "أضحوكة" لا تتناسب مع العصر.
التصنيف العالمي لـ«جودة الحياة» أظهرت مؤشراته تذيل مصر قائمة التصنيف العالمي للتعليم على مستوى العالم؛ لعدة أسباب، منها ما شهدته المدارس تحت حكم العسكر من كوارث، ووجود معلمين غير مؤهلين للتدريس، بالإضافة إلى تحويل غرفة داخل إحدى المدارس إلى مقر لممارسة الأعمال المنافية للآداب، وضبط 9 أفلام إباحية على أجهزة الكمبيوتر بإحدى المدارس وغيرها من الأزمات.
ووصل عدد الطلاب داخل الفصول ببعض المدارس إلى 120 طالبًا، حسبما أكد بعض رؤساء ائتلافات وحركات المعلمين، وكأنه يوم الحشر، مما يضطر الطلاب إلى الجلوس على الأرض؛ لعدم وجود مقاعد.
بينما يعتلي "السيسي" منبر الفشر على الشعب ويعلن عن تشكيل لجنة "متخصصة" تشتمل على الوزارات المعنية والمجالس التخصصية، لتحديث المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية، لتراعي مجموعة من الأهداف منها مواكبة أحدث المناهج العالمية وترسيخ القيم والأخلاق في مختلف المراحل التعليمية، على أن تنتهى من عملها خلال 3 شهور!
وهو ما أثار سخرية نشطاء ومراقبين، وجعلهم يتذكرون السيسي حينما أطلق فنكوش "ترعة" السويس، ومنح الجنرال "مميش" مهلة عام واحد فقط للحفر على الناشف، وبعد الطبل والزمر في إعلام الانقلاب، وتغزل منافقي التحليل الاستراتيجي على قنوات وفضائيات العسكر بالفنكوش، اعترف مميش أن القناة تخسر ملايين الدولارات، مما جعله يقترض من البنوك لدفع رواتب العمال والموظفين!
وتعانى منظومة التعليم فى مصر تحت نعال العسكر، من ضعف شديد يكاد يصل إلى حد الانهيار، بمناهجها التى لا تطور الشخصية والعقل المصرى، باعتمادها على الحفظ و"الدش" وجعل الطالب "أسير شهادة" يعلقها على حائط غرفته فى النهاية، أو من باب الوجاهة الاجتماعية.
وتحتل مصر المركز 139 وقبل الأخير على مستوى العالم من حيث جودة التعليم، وفقا لتقرير التنافسية العالمية (GCI) لعام 2015، الذي يصدر سنويًا عن المنتدى الاقتصادي العالمي من إجمالي 140 دولة على مستوى العالم.
وبات السؤال ملحًا: كيف سيتعامل طالب هذه المنظومة "الفاشلة" مع بنك السيسي للمعرفة؟!
من الجامعة إلى المعتقل!
يعيش الشباب في مصر حاليًا حالة تناقض كارثية، خصوصًا رافض الانقلاب منه وصاحب الرأى، أو الحالم بالتغيير من خلال المشاركة السياسية أو الاجتماعية الفاعلة، والتى ربما تقوده إلى ظلمة الاعتقال فى ظل تغول قمع العسكر، خاصة أن المعرفة دائمًا ما تقوده وبشكل تلقائى إلى فحص وتحليل الأوضاع التى تحيطه، وما بها من أوجه قمع وتدنى سواء على المستويات السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، وأثار ذلك على المجتمع وقيمه، فالمثقف رافض الانقلاب دائمًا تدفعه مبادئه لمواجهة ديكتاتورية العسكر، وهو ما يقود في النهاية إلى كسر حاجز الخوف كما حدث فى ثورة 25 يناير 2011، وما أعقبها من سنوات انقلاب عجاف.
ويدرك الشباب المنتمي لثورة 25 يناير الرافض للانقلاب العسكري، أن سلطة "السيسي" تعاديهم، والدليل على ذلك تقارير "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، الذي تديره حكومة الانقلاب، والمنظمات الحقوقية التي تشير إلى وجود ما يقرب من 60 ألف داخل سجون العسكر من معتقلي الرأي، في الوقت الذي تأتى تأكيدات "الجنرال" في أكثر من مناسبة على إيمانه بدور الشباب!
ما يريده العسكر
ويحرص نظام العسكر على سقوط البلاد في وحل الجهل والتفاهة والشعوذة والإباحية، ومن أجل ذلك عمد إلى بث تسريبات إباحية من أول عنتيل الكاراتيه، مروراً بعناتيل حزب النور السلفي، وصولا إلى العنتيل مخرج 30 يونيو الذي أصبح نائبًا في برلمان الدم.
وتحتل مِصْر مكانة متقدمة، في ترتيب الدول الأكثر بحثًا على المواقع الإباحية حول العالم، وعن أكثر ما بحث عنه المصريين فى 2015 عبر الإنترنت تصدر المهرجان الشعبي "مفيش صاحب بيتصاحب" القائمة، وتلاها برنامج "رامز واكل الجو"، ثم أغنية "أنت معلم"، ونتائج أخرى ترتبط كلها بالأغاني والفنانين والترفيه.. لك الله يا مِصْر!