كتب: أسامة حمدان
يؤكد خبراء ومراقبون أن سلوك مختطف الطائرة المصرية، صباح اليوم الثلاثاء، ليس أسلوب إرهابيين يحترمون المهنة، حيث إنه عمد بعد وصول الطائرة برفقة عدد من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لمطار قبرص، إلى إطلاق سراح الركاب فيما عدا ثمانية، أطلق سراحهم فيما بعد، واستسلم للقوات القبرصية بكل سهولة ووداعة وكأنه قط منزلي!.
وطرح المراقبون عدة علامات استفهام حول "فيلم" الاختطاف، الذي لا يرقى حتى لنوعية الأفلام الهابطة التي تنتجها شركة "السبكي"، التي تسيطر على السينما في مصر، وكان أهم تلك العلامات:
– هل قضية الطائرة مفتعلة للتعمية على إقالة هشام جنينة؟
– من خرج من مصر، أو ماذا خرج خلال ساعات الاختطاف؟
– هل هربت شخصية كبيرة خلال هذه العملية الغريبة؟
– هل هربت على متن الطائرة مستندات تدين الانقلاب؟
– من ركب الطائرة ولم يعد فيها، وماذا يمكن أن يكون قد تم تفريغه في قبرص؟
"شغل مخك!"
يفتح "فيلم" خطف الطائرة وتحويل وجهتها نحو مطار لارنكا بقبرص، باب الأسئلة على مصراعيه بشأن الهدف منها والغاية من ورائها، خاصة أن هذه الحادثة تأتي في توقيت إقالة المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وعقب أشهر من سقوط طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء، وتعهد سلطات الانقلاب بتشديد أمن مطاراتها.
وتتواتر الأسئلة ومعها تتواتر التفاصيل التي أشارت في البداية إلى أن دوافع الخاطف ليست "إرهابية"، بل شخصية بحتة، ثم كُشف فيما بعد عن دوافع سياسية للعملية التي طالب فيها الخاطف بإطلاق سراح سجينات في مصر!.
دوافع الخاطف الذي قيل إنه طلب رؤية زوجته السابقة القبرصية لم تتضح بعد، "لكنها في مطلق الأحوال لا علاقة لها بالإرهاب"، كما قال الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، وهو ما من شأنه توجيه النظر إلى الأصابع التي تقف وراء هذا "الفيلم" الهابط، حيث يشبه تأليفه إلى حد كبير، فيلم العصابة التي تخصصت في اختطاف الأجانب وقتلت جوليو ريجيني.
"تايم لاين" فاضح
وبتتبع "تايم لاين" تفاصيل "فيلم الطائرة"، فإن "راكبا يشتبه في ارتدائه حزاما ناسفا" اختطف الطائرة التي كانت في رحلة داخلية من مطار برج العرب بالإسكندرية إلى القاهرة على متنها 81 راكبا، وأجبرها على التوجه إلى قبرص، وكان التوقيت الزمني للسيناريو الهابط كالتالي:
8.25: خطف طائرة ركاب مصرية وإجبارها على الهبوط في قبرص، وقيل إن المختطف يرتدي حزاما ناسفا.
9.00: الإعلان عن الإفراج عن عدد من ركاب الطائرة المصرية المختطفة.
9.03: الإعلان عن إغلاق مطار لارناكا وتحويل الرحلات للمطارات المجاورة.
9.12: اتصال هاتفي بين السيسي ورئيس قبرص للتنسيق بشأن أزمة الطائرة المختطفة.
9.16: مصر للطيران تعلن أن المفاوضات مع المختطف تسفر عن الإفراج عن جميع ركاب الطائرة، فيما عدا طاقم الطائرة و4 أجانب.
9.18: 8 بريطانيين و10 أمريكيين بين ركاب الطائرة المخطوفة.
9.31: وكالة الأنباء الرسمية تعلن أن خاطف الطائرة مصري ويدعى إبراهيم سماحة.
9.48: مصادر أمنية: عدم وجود متفجرات على متن الطائرة المصرية المخطوفة.
10.00: رئيس وزراء الانقلاب يطلب من وزير الطيران تحقيقا عاجلا.
10.12: خاطف الطائرة ألقى رسالة بالعربية على مهبط الطائرات بالمطار، وطلب تسليمها إلى مطلقته وهي قبرصية.
10.30.: الموقع الإلكتروني لجامعة الإسكندرية: خاطف الطائرة المصرية أستاذ بكلية الطب البيطري.
10.30: الشرطة القبرصية: طليقة الخاطف في طريقها لمطار لارناكا.
10.40: نائب عام الانقلاب يأمر بفتح تحقيق عاجل في حادث اختطاف الطائرة.
10.54: الرئيس القبرصي: إطلاق سراح 49 من ركاب الطائرة المصرية.
11.00: 11 شخصا حتى الآن على متن الطائرة المختطفة بينهم أفراد الطاقم الـ7.
11.00: الرئيس القبرصي يؤكد أن خطف الطائرة المصرية "لا علاقة له بالإرهاب".
11.00: وزير الطيران في حكومة الانقلاب يرفض الإدلاء بمعلومات في مؤتمر صحفي.
11.37: الانقلاب يعلن أن مختطف الطائرة سيف الدين مصطفى وليس إبراهيم سماحة.
11.50: اعتذر المتحدث باسم مجلس الوزراء للدكتور إبراهيم سماحة، بعد ورود اسمه بالخطأ.
12.03: الإذاعة الرسمية القبرصية: خاطف الطائرة المصرية يطالب بالإفراج عن سجينات في مصر.
12.08: روسيا تعلن توقف أي مباحثات لاستئناف الرحلات الجوية مع مصر.
12.40: مصر للطيران: إقلاع رحلة من مطار القاهرة في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا، متجهة إلى مطار لارناكا لعودة الركاب الذين تم إطلاق سراحهم.
1.00: صرح مصدر مسئول بمصر للطيران في بيان رسمي، بأنه لا يزال حتى الآن 3 ركاب وقائد الطائرة ومساعده و3 من أفراد من الركب الطائر، بالإضافة إلى المختطف على متن الطائرة.
1.17: الخاطف طلب تزويد الطائرة بالوقود والتوجه إلى تركيا.
1.18: التلفزيون القبرصي يعلن إحاطة قوات الأمن بالطائرة المخطوفة استعدادا لاقتحامها.
1.22: التلفزيون القبرصي يعرض لقطة لشخص يخرج من نافذة قمرة قيادة الطائرة المصرية المختطفة.
1.33: أربعة أشخاص إضافيين يغادرون الطائرة المصرية المخطوفة في مطار لارنكا.
1.39: التلفزيون القبرصي يعرض لقطات لخروج شخص خامس من الطائرة المصرية.
1.41: هيئة الإذاعة القبرصية: 3 أشخاص آخرين شوهدوا وهم يخرجون من طائرة مصر للطيران.
1.47: هيئة الإذاعة القبرصية: الخاطف يخرج من طائرة مصر للطيران رافعا يديه.
ثغرات الفيلم
أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة إكستر البريطانية بلندن عمر عاشور، قال إن السؤال الرئيسي الذي يطرح سيكون عن كيفية الدخول بالحزام الناسف أو بأي سلاح مزعوم، خاصة بعد سقوط الطائرة الروسية في سيناء وتحطمها ومقتل جميع ركابها.
وبيَّن عاشور أن هذه العملية تأتي في وقت تؤكد فيه سلطات الانقلاب تشديد إجراءاتها الأمنية في المطارات، ومضاعفة الجهد منعا للخروقات الأمنية.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات قد استهدفت فقط المطارات الخاصة بالسياح على الأرجح، ولم تكن الرحلات الداخلية بذلك المستوى نفسه من التشديد، "بل ربما وقع هناك تساهل".
أما المختص في قضايا السلامة والأمن في الطيران الكابتن "جهاد أرشيد" فقد أوضح أن الخاطف لا بد أن يكون مسلحا حتى يتمكن من اختطاف الطائرة، فلا يمكن لأي شخص أن يهدد سلامة الطائرة أو سلامة الركاب أو الطاقم دون سلاح.
وبيَّن أن هذا السلاح يمكن أن يكون مدسوسا أو محمولا من شخص، وفي كلتا الحالتين هناك اختراق أمني وثغرات أمنية، أثناء دخول الخاطف إلى المطار، فإما أن التفتيش لم يكن كما يجب في حال حمل السلاح، وإما أن أحدا من منظومة المطار يكون متواطئا بدس السلاح!،
بينما يستبعد الخبير في شؤون الطيران المدني والعسكري زهير غرايبة، الحديث عن ارتداء الخاطف لحزام ناسف، وتساءل: كيف دخل الخاطف الطائرة وهو يحمل الحزام؟ كيف استطاع اجتياز كل أجهزة المسح الضوئي دون التفطن إلى حزامه؟.
لكن هذه الأسئلة وغيرها لا تزال معلقة في انتظار الإجابة، التي ربما تفجر مفاجأة من الحجم الثقيل، وتؤكد أن فيلم "الاختطاف" كان قنبلة غاز للتغطية على مصيبة يتكتمها الانقلاب.