كشفت مصادر في مؤسسة الرئاسة التي استولى عليها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، عن أنه أعطى أوامره لعدد من الإعلاميين والصحفيين التابعين له في المؤسسات الحكومية أو الخاصة، بشن حملة واسعة ضد المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أصدر السيسي قرارًا بعزله أمس الثلاثاء، على خلفية تصريحاته ضد فساد دولة الانقلاب الذي بلغ 600 مليار جنيه.
وأكدت المصادر في تصريحات خاصة لـ"الحرية والعدالة" أن السيسي أمر إعلامييه عن طريق سكرتارية مكتبه بشن هجوم حادٍّ على المستشار جنينة في الأيام المقبلة تمهيدا لمحاكمته واستصدار حكم قاس بسجنه، لمنعه من الإدلاء بأية تصريحات ضد دولة الفساد لوسائل الإعلام، أو تسريب أي معلومات من داخل الجهاز المركزي لأي صحيفة أو وسيلة نشر من شأنها ان تفضح الانقلاب وفساد دولته.
وأضافت المصادر أنه من المتوقع أن يصدر السيسي قرارًا بحظر النشر في أي قضية تخص عزل المستشار جنينة، فضلا عن استصدار أمر آخر بمنعه في التحدث لوسائل الإعلام، خوفا من التصريح بأي معلومات تحرج الانقلاب، فضلا عن البدء بخطوات فعلية في محاكمته والترويج من خلال فقهاء قانون الانقلاب وترزيته بأن تصريحات المستشار جنينه عن الفساد من شأنها أن تؤدي إلى سجنه بالمؤبد، وذلك بعد زعم ترزية قوانين السيسي أنه سيعاقب على افتراءات ضد دولة الفساد، بعد زعم لجنة السيسي التي تم تشكيلها للتحقيق في تصريحات جنينة بأن كلامه عن الفساد ملفق وغير حقيقي.
وبدأت صحيفة "اليوم السابع" التي يديرها مخابرات السيسي، في شن هذه الحملة بالفعل بعد أن روجت في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء إلى ان المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات "المقال"، من شأنه أن يواجه عقوبات تصل للسجن المؤبد "باعتبارها مصيرا حتميا للجرائم التى كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، برئاسة المستشار تامر الفرجانى، المحامى العام الأول، تورطه فى مؤامرة ضد أمن البلاد والسلم الاجتماعى، وتشويه مؤسسات الدولة. تحقيقات نيابة أمن الدولة، أكدت بما لا يدع مجالا للشك، ومن قبلها تقرير لجنة تقصى الحقائق المشكلة للتحقيق فيما زعمه هشام جنينة عن أن حجم الفساد فى 2015 بلغ 600 مليار جنيه، جاءت لتكتب نهاية كذب "جنينة" وفقدان الثقة فيه، بعد ثبوت تورطه فى الترويج لادعاءات كاذبة، ونشر تقارير من المفترض سريتها على الرأى العام بهدف إثارته"، بحد زعم الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن "نتائج التحقيقات لم تنته إلى أن تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات المقال بقرار جمهورى، التى أدلى بها لـ"اليوم السابع" بشأن الـ 600 مليار جنيه تكلفة الفساد فى مصر خلال عام 2015، كاذبة فقط، بل وصلت لما هو أبعد من ذلك، إلى دوافع الترويج لتلك الشائعات ومدى تأثيرها على مركز البلاد الاقتصادى والسياسى وأمور أخرى".
وأضافت الصحيفة: "البيان الصادر من نيابة أمن الدولة قبل دقائق من القرار الجمهورى بعزله من منصب رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، لم يتوارى عن كشف الحقائق التى توصلوا إليها، حيث قال نصا: إن تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، بشأن التصريح الصحفى الذى أدلى به المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات – وقت صدوره – وزعم فيه اكتشافه لوقائع فساد تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه خلال عام 2015 وحده يتسم بعدم الدقة، وأن الأرقام والبيانات التي قدمتها اللجنة المشكلة من الجهاز حول قيمة الفساد، غير منضبطة، وتتضمن وقائع سابقة على عام 2012 وتكرارا فى قيمة الضرر".
وتابعت الصحيفة "كشفت التحقيقات مع أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات، أن تقرير الدراسة التى روج "جنينة" أنها رصدت 600 مليار تكلفة الفساد فى مصر، تضمن احتساب مخالفات سابقة على عام 2012، كما أنه احتوى على أخطاء تمثلت في تكرار قيم الضرر. وفى طريق التأكيد وجمع الأدلة لبيان الحقيقة، طالبت نيابة أمن الدولة العليا تحريات هيئة الرقابة الإدارية، إذ أكدت فى تقريرها الرقابى قيام المستشار هشام جنينة بجمع المستندات والتقارير والمعلومات الخاصة بالجهاز المركزى للمحاسبات، واختلاسها والاحتفاظ بصورها وبعض من أصولها، مستغلا فى ذلك صلاحيات منصبه".
ونقلت الصحيفة عن مصادر قضائية قالت إنها مطلعة عن "أن المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الصادر قرارا جمهوريا بعزله، لا يواجه اتهاما بترويج بيانات كاذبة حول تكلفة الفساد فى مصر فقط. وأوضحت المصادر، أن التحقيقات توصلت إلى أن المستشار هشام جنينة، ارتكب جريمة ترويج شائعات وبيانات ومعلومات كاذبة، وبث دعاية مغرضة حول تكلفة الفساد فى مصر، من شأنها تكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب فى نفوس المواطنين، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة، وهى جرائم تصل عقوبتها للحبس. كما كشفت التحقيقات، أن "جنينة" استغل منصبه باعتباره على رأس الجهاز المركزى للمحاسبات، وقام باختلاس أوراقا ومستندات تقارير رقابية سرية جدا، مستغلا وظيفته، واحتفظ بها لشخص فى إحدى الجهات، وهى جريمة كبرى تصل عقوبتها للسجن المؤبد".
انتهت الصحيفة المخابراتية من تقريرها المزعوم حول المستشار جنينة لتدلل على حقيقة مخطط قائد الانقلاب بالاتجاه لسجن جنينة وتكميم فمه خوفا من أي تصريحات وعقابا على خروجه على دولة الفساد التي يؤسسها قادة الانقلاب العسكري، في الوقت الذي بدأت فيه بالفعل نيابة استئناف القاهرة، استجواب المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات المعزول، يوم 5 أبريل القادم، للتحقيق معه على خلفية بلاغ وزير عدل الانقلاب السابق المستشار أحمد الزند، لاتهامه بالإدلاء بتصريحات الغرض منها "الإساءة لجميع مؤسسات الدولة والتشكيك فى نزاهتها.
وجاء فى البلاغ الذى تقدم به الزند، أن المستندات التى تؤكد أن تصريحات المستشار هشام جنينة عن وصول تكلفة قضايا الفساد فى مصر إلى 600 مليار جنيه، ما هى إلا لإخافة المستثمر الأجنبى، قد ينتج عنها خوفه وتهربه من الاستثمار فى مصر. وشدد البلاغ على أن التقرير "غير مسئول"، ويؤثر على التقارير العالمية التى تصدر عن معدلات الشفافية والنزاهة بين الدول، وسيجعل مصر فى مراتب متأخرة بينها، على حد تعبير البلاغ.