فيصل القاسم للانقلابيين: لا تحلموا بإدخال الأجيال الصاعدة إلى زريبة الطاعة

- ‎فيأخبار

انتقد الكاتب والإعلامى السورى د. فيصل القاسم أبواق الديكتاتوريات العربية الآفلة، التى تتوعد بإعادة الشعوب إلى حظيرة الطاعة بالقبضتين الأمنية والعسكرية.

ووصف القاسم فى مقال بعنوان "لا تحلموا بإدخال الأجيال الصاعدة إلى زريبة الطاعة" نشرته صحيفة القدس العربى هذه التصريحات بالتافهة والساذجة، مؤكدا أنها تنكر التحولات التي يشهدها الإنسان العربي عموماً والسوري خصوصاً، وكل من يعتقد في سوريا وبقية العالم العربي أن طرق الهيمنة والسيطرة التقليدية ما زالت ناجعة في إخضاع الأجيال الصاعدة فهو إما مغفل أو ابن ستين ألف ناكر.

وأضاف، الكثيرون يركزون في تحليلهم لأسباب الثورات على الفقر والتهميش، لكنهم ينسون سببا في غاية الأهمية، ألا وهو أن السموات الإعلامية المفتوحة، وأنظمة التعليم الحديثة لعبت دوراً مهماً جداً في إنتاج أجيال وعقليات ثورية جديدة لا يمكن السيطرة عليها بالطرق الأمنية القديمة، لأنها تختلف تماماً عن الأجيال السابقة التي تربت على الخضوع السياسي والاجتماعي والثقافي.

وتابع القاسم لا بد من التركيز ونحن نستشرف المراحل القادمة في عالمنا على طبيعة الإنسان العربي الجديد، فهو إنسان لا يمت للمواطن الذي سبقه بصلة، من حيث قدرته على التمرد والعصيان والمواجهة، لافتا إلى أن الإنسان العربي التقليدي درج على العمل بمقولة: ‘إمش الحيط الحيط، وقل يا ربي السترة’، لأنه تربى على الخنوع والخضوع وتجنب المواجهة، خاصة بعد ما عايشه من قهر سياسي وأمني فاشي ووحشي بامتياز. لكن لو طلبت من الأجيال الصاعدة أن تسير على الوصفة ذاتها، لضحكت عليك، وسخرت من خنوعك.

واستطرد قائلا إذا أردت أن تتعرف على الفروق بين الأجيال القديمة والجديدة، فقط قارن نفسك إذا كنت من الجيل القديم، بابنك أو بنتك، التي ولدت في العقود الأخيرة من القرن الماضي، فستجد أنه شتان بين الثريا والثرى، أول ما ستلاحظه أن الجيل الجديد جيل معتد بنفسه وحريته وكرامته، لا يقبل الأوامر، متمرد، ويسخر من كل أنواع السلطة، وأولها السلطة المنزلية، ومن يستطيع أن يُسقط سلطة الأب والأم الديكتاتورية، سيُسقط أعتى الأنظمة السياسية.

ولفت إلى أن السبب في ذلك، بالإضافة إلى التأثيرات التعليمية والإعلامية والثقافية الجديدة، يعود أيضاً إلى أن الجيل القديم – الذي تربى على الذل والهوان – بات هو نفسه يرفض تربية أبنائه وبناته على الخضوع والخنوع، حتى لو تمردوا عليه، فلا يمكن لمن عانى القمع′والقهر بكل أنواعه أن يطلب من ذريته أن تقبل بما كابده وعاناه هو من مذلة وركوع.

وتساءل القاسم لا أدري لماذا ما زالت الأنظمة الأمنية كالنظام السوري الفاشي وغيره تتجاهل المؤثرات الثقافية والإعلامية والتعليمية الجديدة، التي بدأت تصوغ أجيالاً وعقليات جديدة مستعدة أن تزلزل الأرض تحت كل من يحاول تدجينها وإخضاعها. حتى لو امتلكت الدولة الأمنية الساقطة أعتى الأسلحة والأساليب التركيعية الفاشية، فهي لم تعد’قادرة على منافسة وسائل الإعلام الحديثة، وخاصة مواقع التواصل والفضائيات في صياغة العقليات الجديدة.

وأكد أن الإعلام الخارق للحدود نجح في تكسير الهيمنة الأمنية على عقول الأجيال الصاعدة، فبدأ يخرج إلى العلن نمط جديد من التفكير يقوم على التمرد والاستقلالية والتحرر والانعتاق. وهذا النمط لا يمكن لأي قوة أمنية أن تخضعه، لأنه أصبح قادراً على المواجهة، وبات يدوس على المثل الشعبي الذي يدعوه بأن ‘يمشي الحيط الحيط’.

وقال القاسم لاحظوا أن من أشعل فتيل الثورات العربية وقادها هو الجيل الشاب تحديداً في الساحات والميادين، ثم التحقت به الشرائح القديمة. لهذا تدرك الأنظمة الطاغوتية أن الشباب يشكل تحديا كبيراً بالنسبة لها، لهذا فهي تعمل على إفراغ بلادها من الشباب، كما يفعل نظام بشار الأسد منذ عقود.

وحذر من إن الأجيال الجديدة مستعدة أن ترد لأجهزة الأمن الإرهابية الصاع صاعات، إذا لجأت إلى أساليبها العنفية القديمة، مؤكدا أن الشباب السوري بات قادرا على مواجهة القبضة الأمنية بالقوة، مما جعل الأجهزة الأمنية تنسحب شيئاً فشيئاً من الشوارع، وتلجأ إلى أساليب العصابات القائمة على مبدأ: اضرب وأهرب، لأنها باتت تخشى ردة الفعل في الشوارع. ففي الماضي كان عنصر أمن واحد قادراً على اعتقال أي شخص من بيته، وترويع الحي بأكمله، أما الآن فإذا أرادت أجهزة الأمن السورية اعتقال شخص، ترسل له عشرات العناصر المسلحين لاعتقاله، وفي الليل أو تستدرجه الى مكان خال، لأنها باتت تدرك أن الزمن الأول تحول.

وخلص القاسم إلى القول لم أعد أخشى من الاستبداد في بلادنا، فالأجيال الصاعدة لن تسمح للمستبدين أن يسودوا كما سمحت الأجيال السابقة، مؤكدا أن الإنسان العربي الجديد سينتج قيادات جديدة قادرة على التعامل مع الأجيال الجديدة بعقلية الأجيال الجديدة. لهذا لا تحلموا أيها الطواغيت بإدخال الأجيال الصاعدة إلى زريبة الطاعة، التي تربيتم فيها!