شاهد.. الرز قادم.. القوة الإفريقية “سبوبة” انتظرها السيسي

- ‎فيتقارير

كتب- أسامة حمدان

"فركة كعب" تلك التميمة التي أطلقها قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، على طريقة عصابات المافيا ومجرمي "بلاكووتر" مع بداية تسويق الجيش المصري، في "سوبر ماركت" الخدمات القذرة حلول العالم، وهو ما أكده إعلان سفير الانقلاب العسكري لدى إثيوبيا، أبو بكر حفني، قبيل انطلاق أعمال قمة «الاتحاد الإفريقي»، أن مصر تولت قيادة ملف القوة العسكرية في شمال إفريقيا. 

 

الصفقة الجديدة للسيسي كشفت النقاب عنها وكالة سبوتينك الروسية، التي قالت : "أن هذه القيادة تأتي في إطار الجهود الرامية لإنشاء قوة عسكرية إفريقية مشتركة للحفاظ على السلم والأمن في إفريقيا"، وهو الغلاف "الجميل" الذي يخفي تعفن العسكرية المصرية التي باتت ترفع لافتة "تحت الطلب".

 

الأمر الذي اضطر سلطات الانقلاب للتصريح بخجل، عبر وكالة الأنباء الرسمية أن اللواء "محسن الشاذلي"، مساعد وزير الدفاع في حكومة الانقلاب، :"تولى هذا الملف المهم الذي يمثل لبنة مهمة في تشكيل القوة العسكرية الإفريقية"، وفيما يبدو أن "الفنكوش" الإفريقي الجديد يحمل سبوبة "طرية" طال انتظارها للعسكر!.

 

غموض الصفقة

 

لم يكشف الدبلوماسي المصري، أي تفاصيل حول طبيعة صفقة "القوة العسكرية" المزمَع ارسالها لمناطق الصراع في القارة بموجب "الرز" الأمريكي، ولا عدد أفرادها أو مقرها أو قيادتها، وهو ما يجعل الأمر سراً، ويبشر بمزيد من التوابيت وارتفاع اعداد القتل في صفوف المجندين المصريين، الذين يجبرهم القانون على أداء الخدمة العسكرية وطاعة الأوامر، حتى ولو كانت الأوامر داخل الحدود الليبية، او في مكان ما في مجاهل القارة السوداء.

 

وأعلنت سلطات الانقلاب، يوم الخميس الماضي، أنه تم اختيارها لعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي عن إقليم شمال إفريقيا، لمقعد الثلاث سنوات (2016-2019)، بعد تأييد 47 دولة لذلك خلال اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد.

 

تدخل أمريكي بالوكالة

 

"الرز" القادم قريبا في جيوب العسكر، يعكره تعرض تونس لهجمات مسلحة "غامضة" دفعها لإغلاق قنصليتها في طرابلس، مع عدم ارتياح من جانب الجزائر وفرنسا للتدخل الأمريكي في ليبيا، والاستقطاب في شمال إفريقيا بحجة مكافحة الإرهاب.

 

وتفاقمت الأوضاع الأمنية في تونس، بعد لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره التونسي الباجي قائد السبسي، وتأكيد أوباما عزمه منح تونس وضع حليف رئيسي للولايات المتحدة خارج حلف الناتو.

 

الرئيس السبسي الذي يعيد انتاج نظام المخلوع زين العابدين بن علي، تلقف "هدية" أوباما وأشار من جانبه إلى أن تونس اتفقت مع الجانب الأمريكي على التصدي لظاهرة "الإرهاب" ، ومبرراً للتدخل الأمريكي لوأد الثورة في ليبيا قال إن :"الإرهاب منتشر في مختلف أنحاء العالم خاصة في الجارة ليبيا التي تفتقر لمعايير الدولة"!

 

ومن الواضح أن هناك تفاصيل غير معروفة، أو حلقة مفقودة في خدعة "عمليات مكافحة الإرهاب" في شمال إفريقيا، وإذا تحرينا الدقة، يمكن أن نقول إن هناك خلافات بين الولايات المتحدة وفرنسا في شمال إفريقيا عموما، وفي ليبيا على وجه الخصوص.

 

ففي شهر فبراير 2014 كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، عن وجود قوات كوماندوز أمريكية على الحدود الليبية الجزائرية، والتي يرجح أن تكون قد تدخلت دعماً للجيش الذي يقوده الانقلاب الإماراتي اللواء خليفة حفتر.

 

الصحيفة الفرنسية نقلت أيضا، عن مصدر عسكري فرنسي، أن تدخل القوات الخاصة الأمريكية جنوب ليبيا يثير قلق فرنسا، خاصة وأنه منذ نهاية عام 2013، تتواجد عناصر من وحدات "دلتا" متنكرة في زي البدو، مهمتها الأساسية أن تقوم بتدريب قوات "حفتر" على الحدود مع الجزائر، في هذا السياق كشف مصدر عسكري فرنسي عن مخاوف من خطر تفكك جنوب ليبيا.

 

على هذه الخلفية تظهر الخلافات الواضحة بين واشنطن وباريس، في شمال أفريقيا عموما، وفي ليبيا على وجه الخصوص، خصوصاً أن الأمر مرتبط بتقسيم ما يمكن أن نطلق عليه "كعكة الإرهاب"، أي تقسيم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الدول التي تم إغراقها بـ"الإرهاب" حاليا، وإحكام القبضة عليها لكي لا تشاركها دول وأطراف أخرى. 

 

ومن الواضح أن سيناريوهات وخطط باريس قد فشلت في تشجيع ودعم ودفع الولايات المتحدة في العراق وسوريا، مقابل أن تنفرد فرنسا بشمال أفريقيا، حتى مع صفقة طائرات الرافال التي اشتراها "السيسي" من باريس، على أمل أن يكون أحد أذرعها اذا ما تخلت عنه واشنطن.

 

"السيسي" في الخدمة

 

نجحت الولايات المتحدة في استقطاب تونس، بينما زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى الجزائر في 15 يونيو أظهرت أن فرنسا تسعى لاستقطاب الجزائر، ليس فقط تحت ستار خدعة "مكافحة الإرهاب"، ولكن في العديد من المجالات: الطاقة وبيع السلاح والهجرة غير الشرعية، واستخدام ورقة الجزائر كدولة عربية كبيرة لديها إمكانيات وقدرات هائلة. 

 

إضافة إلى النفوذ الجزائري في ليبيا والقطاع الضخم المشترك من الحدود بين البلدين،  من جهة أخرى تود فرنسا التي تتخبط في أزمة اقتصادية تجد صعوبة في الخروج منها، وكذلك الجزائر التي تعاني من تراجع في عائداتها النفطية، تكثيف "الشراكة الاستراتيجية" الموقعة بينهما عام 2012.

 

الاستقطاب واضح بسبب اختلاف مصالح الولايات المتحدة وفرنسا، وخلافهما على حجم تلك المصالح، فالولايات المتحدة سمحت لفرنسا بالغارات الجوية العدوانية في مالي، وفرنسا سمحت للولايات المتحدة بالغارات الجوية العدوانية في العراق وسوريا، ولكن باريس لا يمكن أن تسمح لواشنطن بغاراتها في ليبيا، سواء التي جرت في فبراير 2014، أو تلك التي جرت تحت غطاء تصفية أحد العناصر "الإرهابية" في ليبيا.

 

وفي وقت سابق، علق د. سامح العطفي مدير مركز لندن للدراسات السياسية، على الأنباء عن مشاركة "جنود مصريين" في الصراع الدائر في سوريا، بقوله :"الجيش المصري مؤسسة مرتزقة يحكمها جنرالات مرتزقة، وهذه ليست المرة الأولى التي ترسل قواته خارج حدودها وتحصل على عمولات".

 

وأضاف العطفي في مداخلة هاتفية لبرنامج مصر النهاردة على فضائية "مكملين"، أن :"الجيش المصري شارك في حرب تحرير الكويت بأوامر من الولايات المتحدة للقتال بجوار التحالف الغربي وحصل الديكتاتور المخلوع مبارك وقادة القوات المسلحة على عمولات بملايين الدولارات".

 

وأوضح العطفي أن :"وثائق وكيليكس ومذكرات القادة العسكريين الأمريكيين كشفت عن تلقى قادة الجيش المصري لعمولات كمكافأة على الاشتراك في حرب الخليج".

 

وأشار إلى أن "المؤسسة العسكرية المصرية تعتمد في تسليحها على الولايات المتحدة وتعتمد على المعونة الأمريكية، وتدير مشروعات تمثل أكثر من 55% من الاقتصاد المصري، ولا تخضع لأي جهاز رقابي، وبالتالي فتبعية الجيش المصري بالدرجة الأولى للولايات المتحدة وليس الشعب المصري".