رفض تعذيب السجناء وراء هجمة الإمارات على العمالة الموريتانية

- ‎فيعربي ودولي

كتب – محمد مصباح:

فوجئ الموريتانيون أمس الثلاثاء قيام السلطات الأمنية بدولة الإمارات بتسريح مئات العمال الموريتانيين من وظائفهم بوزارة الداخلية الإماراتية، وطلبت مغادرتهم البلاد قبل نهاية مارس 2017 بحسب وكالة الأنباء الموريتانية. ولم تُعرف أسباب هذا القرار المفاجئ من السلطات التي بدأت تعتمد خلال السنوات الخمس الماضية، على رجال أمن من جنسيات أفريقية ولاتينية تدين بالمسيحية، بسبب ما قيل إنه تعاطف من رجال الأمن المسلمين مع المحتجزين ورفضهم عمليات التعذيب الممنهجة في السجون.

 

وأضافت وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة: «أبلغت شركة “حماية”؛ المتعاقدة مع الداخلية الإماراتية مئات الموريتانيين العاملين فيها بإنهاء عقودهم وتسريحهم من العمل قبل نهاية مارس المقبل».

 

وأبلغت الشركة – التي يقدر عدد العاملين الموريتانيين فيها بالمئات- عمالها بضرورة إنهاء إجراءات نهاية العمل قبل آخر مارس 2017 وذلك بناء على رسالة من الداخلية الإماراتية وصلت الشركة التي بدأت تعاقدها مع الداخلية منذ حوالي 15 عاما.

 

ودعت الشركة عمالها لتوقيع وثائق إنهاء التعامل، ومنحتهم مهلة للمغادرة قبل إلغاء إقاماتهم.

 

وقالت الوكالة: «وجد المئات من الموريتانيين أنفسهم في وضعية صعبة، بسبب التسريح المفاجئ من العمل، وذلك في ظل وجود بعض الأسر هناك، ودراسة أبنائهم في المدارس، إضافة لتحمل بعضهم لقروض من البنوك في الإمارات، وضيق الوقت الممنوح لهم لتسوية أوضاعهم قبل إلغاء إقاماتهم».

 

فوبيا  الإخوان

 

العلاقات الإماراتية الموريتانية كما يصفها المراقبون “سمن على عسل” وسبق أن دفعت رئيس موريتانيا «محمد ولد عبد العزيز» أثناء زيارته للإمارات في مايو 2016 ليكون موضوع محاصرة «الإخوان المسلمين» في موريتانيا – على حد قول نشطاء ومدونون – هو العنوان الأبرز للزيارة.

وكتبت صحيفة «القدس العربي» أثناء الزيارة أن الرئيس الموريتاني جاء إلى أبو ظبي لاستنجاز وعود إماراتية سابقة بتقديم دعم مالي لبلاده التي تمر بسنة مالية «صعبة» والتي كان من آثارها  فشل موريتانيا من استضافة القمة العربية في يوليو 2016 إضافة لتنشيط حكومة الإمارات بمناسبة الزيارة، للاستثمارات الإماراتية التي تنتظرها موريتانيا بفارغ الصبر منذ سنوات.

 

وفي هذا السياق أكد المدون الموريتاني «محمد الأمين ولد أشفاغه» في تدوينة له، أنه في جعبة «ولد عبد العزيز» ملف حزب «تواصل» المحسوب على الإخوان المسلمين في موريتانيا.

 

وأضاف أن خصوم الحركة، سبق وأن أبدوا للسلطات الموريتانية خشيتهم من قيامهم بالتشويش على زيارة «السيسي» خلال القمة العربية، خاصة وأن الحركة لديها سوابق في هذا المجال.

 

وأشار المدون إلى أن «الجانب الموريتاني تعهد بدوره بالعمل على ضبط مناضلي الحركة مصرحاً باستعداده لحل الحزب وتفكيك البنية الهيكلية للتنظيم مقابل الحصول على امتيازات مالية».

 

ووفق المدون ذاته، فإنه من أجل جس النبض، بدأت الحملة على حزب «تواصل» والدعوة لحله، لدرجة ما يمكن أن نسميه بالإبتزاز السياسي لإخوان موريتانيا.

 

وأضاف المدون ولد اشفاغه قائلاً: «المواجهة المفتوحة مع التيار الإسلامي سبق أن جربها الرئيس معاوية في آخر أيامه، ودفع فاتورتها غاليا، ومن الصعب على النظام الحالي تحمل تبعاتها خاصة أن الإخوان باتوا أكثر تنظيما وأشد صلابة ولديهم من الحلفاء السياسيين من يكون لهم ظهيرا».

 

وخلص المدون إلى القول «هو موقف سيكون له ما بعده، وكثيراً ما أعمى الناس الطمع»، على حد قوله.

 

العلاقات بين موريتانيا والإمارات

 

تحتفظ موريتانيا بعلاقات قوية مع الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1973، وهناك اتفاقيات عدة حصلت موريتانيا بموجبها على تمويلات إماراتية سخية بينها القرض الذي قدمته سنة 1979 لموريتانيا بمبلغ أربعين مليون درهم إماراتي لتمويل جزء من طريق «الأمل» الرابط بين كيفة والنعمة شرقي موريتانيا، وكذا القرض الذي حصلت عليه موريتانيا في عام 1980 من صندوق أبوظبي للتنمية بمبلغ 24 مليون درهم إماراتي لتمويل مشروعات واستصلاحات زراعية وبناء سدود.

وتنشط التجارة البينية بين الإمارات وموريتانيا، حيث بدأت الأسواق الموريتانية منذ سنوات، تستورد الكثير من بضاعتها من الأسواق الإماراتية، مما يعني تخلي معظم المستوردين الموريتانيين عن أسواقهم التقليدية.

 

وبلغت التجارة البينية بين البلدين سنويا 48 مليون دولار, وتقدر عائدات السياحة والصيد البري الإماراتي في موريتانيا بأكثر من 10 ملايين دولار حسب معطيات 2007.

 

كما وقعت الإمارات وموريتانيا شهر أكتوبر2016 اتفاقيتين بشأن تجنب الازدواج الضريبي وحماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين.

 

وسبق أن اتهم إسلاميو موريتانيا أبوظبي بالقيام بدور وصفوه بـ”التحريضي” ضدهم ودفع النظام للاستقواء عليهم، على حد قولهم.

 

وبات معروفا ومعلنا توجهات أبوظبي في مواجهة الإسلام المعتدل بذريعة محاربة الإرهاب، وعندما فشلت في إثبات تورط الإسلام الوسطي بالإرهاب والعنف بدأت تتحدث عن محاربة التطرف الذي لم تستطع إثباته أيضا، بحسب ناشطين في هذا التيار واسع الانتشار في العالم العربي.

 

وتدعم الامارات حربا شرسة ضد حركات الاسلام  "السياسي" وفق مشروع صهيو –امريكي، لتجفيف منابع الاسلام الحركي، ونزع معالمه الحياتية وحيويته التي يراد منها حصرها بالمساجد والزوايا بعيدا عن مناحي الحياة، وهو ما بدا واضحا في دعم الامارات للانقلاب العسكري في مصر ضد الرئيس منحمد مرسي، وما نفذته في دعم الانقلاب على الربيع العربي في تونس، ومحاربتها لافشال التوافق السياسي بالمغرب الذي يعجز حزب التنمية والعدالة، عن تشكيل حكومة، كما تحارب الامارات لاستمرار اشعال الحرب في ليبيا لكبح قوة الاسلاميين في ليبيا، وكما يحدث في تركيا من تحريك قوى الانقلاب في تركيا على تجربة اردوغان.