– انفق خلال 6 أشهر 12 مليار دولار قروض ومنح من دول الخليج..
– 9 مليار دولار وديعة حرب العراق..
– اقترض محليا أكثر من 200 مليار جنيه .. يطبع مليارات الجنيهات شهريا..
– عبد الحافظ الصاوى: الانقلاب يسعى لإطفاء حرائق الأزمات بالاقتراض
– صلاح فهمى: الاقتصاد المصرى ينهار ولا يوجد خيار أمام حكومة الانقلاب سوى الاقتراض
صافيناز صابر
انتهجت حكومة الانقلاب طيلة الأشهر الماضية سياسة إطفاء الحرائق فى تعاملها مع الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها البلاد، فهى تقوم باللجوء إلى المسكنات لتهدئة الرأى العام لكنها فى الحقيقة تدمر الاقتصاد وترتكب جريمة بشعة فى حق الأجيال القادمة.
حكومة الانقلاب انفقت خلال 6 أشهر فقط نحو 12 مليار دولار كانت قادمة من دول الخليج فى شكل قروض ومنح، بالإضافة إلى 9 مليارات دولار وديعة حرب العراق، إلى جانب الاقترض محليا أكثر من 200 مليار جنيه كانت وزارة المالية أعلنت في وقت سابق عنها، مقابل 175 مليار جنيه في الربع الأول من العام المالي الماضي 2011-2012، فضلا عن طباعة النقود بمليارات الجنيهات شهريا.
لم تنتهِ سلسلة الاقتراض المحلى بعد حيث اقترضت هذه حكومة الانقلاب الإثنين الماضى من البنوك الحكومية نحو 4 مليارات جنيه لسد عجزها فى الموازنة، أما على مستوى الاقتراض الخارجى فقد اتجهت تلك الحكومة من جديد إلى دول الخليج "السعودة والإمارات والكويت" بعد أقل من شهرين على حصولها على منحة الـ12 مليار دولار منها، للحصول على حزم تمويلية إضافية للبلاد خلال العام 2014 .
وكانت دول الخليج الثلاثة حولت إلى مصر منحة بـ12 مليار دولار، ما بين مواد نفطية تغطي السوق المصري حتى نهاية ديسمبر، وأموال تم تحويلها لحساب البنك المركزي لتدعيم الاحتياطي النقدي بنحو 8 مليار دولار، قبل أن يصدر قرار جمهوري بشراء هذه الأموال لحساب المالية، لتعديل الموازنة العامة للدولة .
والمعلوم أن اقتراض أى دولة سواء كان من الداخل أو الخارج أمر وارد لكن اعتماد الحكومة عليه دون البحث عن إقامة مشروعات قومية أو استخدام تلك الأموال في استثمارات تدر ربحا، تستطيع من خلاله رد تلك الأموال يزيد من مديونياتها وهذا ما يحدث حاليا.
وكانت مصر والإمارات، وقعتا اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري تقدم بموجبها الإمارات مبلغ 4.9 مليار دولار “”لتنفيذ مشروعات لتطوير القطاعات والمرافق الخدمية والارتقاء بالأوضاع المعيشية والحياتية والتنمية البشرية للشعب المصري “”.
وبعدما لم تجدِ المعونات الخليجية ولم تؤتِ بثمارها بدأت حكومة الانقلاب فى "التفتيش فى دفاترها القديمة" لحل المشكلات التى تواجهها حيث قامت بتسييل 9 مليارات دولار وديعة حرب الخليج، حيث أصدر المستشار عدلى منصور قرارا بقانون رقم 105 للعام 2013 بفتح اعتماد إضافى بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2013-2014، بمبلغ 60 مليارا و758 مليون جنيه مصرى من المساعدات العربية، والموافقة على تحويل وديعة حرب الخليج إلى وزارة المالية واستخدام نصفها فى خفض عجز الموازنة والنصف الآخر فى حزمة لتحفيز الاقتصاد .
ولعل ما اضطر تلك الحكومة إلى تسييل هذه الودائع هو ارتفاع الديون المحلية والخارجية لها، إذ أشارت التقارير الصادرة من البنك المركزى المصرى مؤخرا ارتفاع الديون المحلية إلى 533ر1 تريليون جنيه فى نهاية يونيو الماضى، كما ارتفعت الديون الخارجية إلى نحو 43.2 مليار دولار.
تجدر الإشارة إلى تقرير البنك الدولى الصادر بعنوان الآفاق الاقتصادية العالمية الذى يكشف عن بلوغ معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى فى مصر 2% خلال العام الماضى، واستمرار العجز بميزان المعاملات الجارية بنسبة سالب 1ر2 % من الناتج المحلى الإجمالى بالعام الماضى .
كما أشار التقرير إلى بلوغ نسبة البطالة 7ر13% خلال الربع الأول من عهد حكومة الإنقلاب، وهو المعدل الذى بلغ 8ر13 % بشهر سبتمبر الماضى حسب التقرير .
وخلال الربع الأول من الانقلاب الممتد ما بين يوليو الى سبتمبر، تراجع الإنتاج الصناعى بنسبة 51 % ، كما تراجعت قيمة الصادرات السلعية بنسبة 7ر15 % .
بينما عن ارتفعت الأسعار في الوقت الذى سيرافق تطبيق الحد الأدنى للأجور الذى لم يتم على أسس اقتصادية وإنما استنادا لعوامل سياسية وأمنية تستهدف التهدئة الاجتماعية .
ويبقى التخوف الأكبر من حدوث طفرة بالأسعار، مثلما حدث فى مايو 2008 عندما تم رفع أجور العاملين بالحكومة بنسبة 30 % ؛ لأنه مع زيادة كمية النقود فى أيدى الأفراد دون زيادة مواكبة فى الكم المعروض من السلع والخدمات ، فمن الطبيعى أن ترتفع أسعار تلك السلع والخدمات.
ونظرا لكون الفقراء يوجهون حوالى 80 % من دخولهم الى الغذاء، فإن تضرر هؤلاء من ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيكون أشد، خاصة فى ظل ارتفاع نسبة الفقر.
لذا يصبح الأهم لدى الناس هو مدى تحقق تحسن حقيقى بالظروف المعيشية، وهذا أمر يتطلب جهودا مجتمعية تشمل زيادة الإنتاج من السلع والخدمات، ورفع انتاجية العامل، وتحسين مستوى الخدمات وقوة العملة واستقرارها فى ظل استيراد معظم الإحتياجات الغذائية .
الخطر الداهم
تعقيبا على الأوضاع الاقتصادية الحالية وسياسات الحكومة الانقلابية يوضح عبد الحافظ الصاوى- الخبير الاقتصادى- أن حكومة الانقلاب تسير على نهج إطفاء الحرائق فى تعاملها مع الأزمات حيث تضطر إلى الاقتراض سواء من الداخل أو الخارج، فضلا عن اللجوء إلى بدائل مختلفة كتسييل الودائع فى البنوك مثلما حدث مع ودائع حرب العراق التى تُقدر ب9 مليار دولار، ناهيك عن وطباعة أوراق البنكنوت "النقود"؛ وذلك لإرضاء الرأى العام بحيث تكون فى نهاية العام قد خفضت نسبة العجز فى الميزان التجارى الذى تجاوز الآن 13%.
ويؤكد أن اقتراض حكومة الانقلاب مؤخرا 4 مليارات جنيه من البنوك الحكومية ما هو إلا مجرد إجراء روتينى وأمر طبيعى فالعبرة فى آخر العام هل الدولة دائنة أم مدينة، مشيرا إلى أن الدولة تقترض 5 مليار جنيه شهريا من البنوك، موضحا أن خطورة هذا الأمر تكمن فى أن الحكومة حولت هذا الإجراء من استثناء إلى أصل، بالإضافة إلى أنها لم تضع سقف للدَيْن العام.
ويضيف الصاوى"وصلنا مرحلة الخطر حيث تزايد الدين العام فى ظل تزايد معدلات النمو الاقتصادى الذى تخطى 60% ووصل إلى 90% من محل الناتج الاجمالى".
ويتابع قائلا: "المشكلة الأساسية فى عملية الاقتراض هذه هو الإسراف من الاقتراض من الجهاز المصرفى الحكومة، إذ حادت عن الوظيفة الأساسية للبنوك وهى توظيف مدخرات العملاء فى مشروعات من شأنها تزود من المشروعات وتخلق فرص عمل وتزيد من الإنتاج".
ويوضح الخبير الاقتصادي"طباعة أوراق البنكنوت زادت فى مصر منذ عام 2011 حيث تقوم الدولة بطباعة 5 مليار جنيه شهريا، وهذا يؤثر على قيمة الثروة والمدخرات لدى العملاء والموجودة فى البنوك، لافتا إلى أن جنيه يتم طباعته لابد من أمامه سلع وخدمات منتجة وإذا لم يحدث ذلك يزيد معدل التضخم وتقل قيمة تلك المدخرات.
الاقتصاد ينهار
ومن جانبه، يقول الدكتور صلاح فهمى- أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: "الاقتصاد المصرى ينهار وهو واقف ولا يتحرك للأمام، إذ لا يوجد هناك إنتاج فى ظل وجود متطلبات أساسية ومستلزمات ولا يوجد أمام الحكومة سوى الاقتراض على أمل أن تتحسن الأوضاع"، لافتا إلى أنه لا يوجد شئ ملموس على أرض الواقع لكن تلك الآمال تنعش الاقتصاد وتدخل الدولة فى طور التنمية فيما بعد.
ويضيف:"الخيار الوحيد لدى حكومة الانقلاب فى ظل هذه الأوضاع هو الاقتراض سواء من الداخل أو الخارج"، مؤكدا أن طباعة النقود تؤدى إلى مزيد من التضخم الذى لا يتحمله المواطنون خاصة فى ظل احتمالية ارتفاع الأسعار، وزيادة المعاشات 50% فضلا عن البدء فى تطبيق الحد الأدنى للأجور .
ويشير فهمى إلى أن هذا الاقتراض يأخذ أنواعا مختلفة، حيث ابتكرت وزارة مالية الانقلاب أداة تمويلية جديدة عبارة عن سندات الخزانة ذات الإيراد، بمعنى أن الحكومة تلجأ إلى المشاركة فى عملية التمويل من خلال العمل على استغلال إمكاناتها المتاحة والأدوات واستغلال مدخرات المواطنين على أن تعطى للمواطن جزء من عائد الإيراد وهنا يصبح المواطن شريك وليس دائن للدولة.
ويتابع قائلا، "هناك أداة تمويلية أخرى وهى أن تكون هناك سندات خزانة صفرية بمعنى أن تكون الفائدة صفر وكأن البنوك يعطى للدولة القرض الحسن؛ وذلك خوفا من حدوث التضخم"، منوها إلى أن مؤشرات البورصة ترتبط بالأحداث السياسية والاستقرار السياسى والأمنى فى البلاد وهذا ينعكس على الاقتصاد.