كتب سيد توكل:
في ليلة الجمعة 11 فبراير 2011، وفي أثناء إلقاء البيان رقم 3 للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقف اللواء "الفنجري" يؤدي التحية العسكرية للثوار في الميادين، فيما كان المجلس نفسه قد أنهى اتفاقاته مع المخلوع مبارك، بل تم تحضير سيناريوهات إعادة الشعب إلى حظيرة القمع العسكري مرة أخرى.
وظلت ثورة يناير، التي أطاحت بنظام حسني مبارك، تتصدر الخطاب الرسمي، خلال فترة حكم المجلس العسكري التي امتدت حتى يونيو 2012، فضلاً عن عام رئاسة الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب (يونيو 2012-يونيو 2013).
بينما تحل اليوم الأربعاء الذكرى السادسة للثورة التي قام بها الشعب المصري في 25 يناير 2011، فيما انطلقت أبواق العسكر منذ الصباح الباكر توجه السباب واللعنات إلى الشعب الذي قام بها، وحملوها مسؤولية فشل جنرال 30 يونيو في إدارة شئون البلاد، وغرق المصريين في بئر سحيق من الفقر والغلاء والانهيار الاقتصادي الذي تواجهه البلاد في الوقت الراهن، ووصفوها في نهاية المطاف بـ"المؤامرة".
أرجع الدكتور حسام عيسى، نائب رئيس وزراء الانقلاب الأسبق، اختفاء ذكر ثورة 25 يناير أو الإشارة لها في خطابات المؤسسات الرسمية أو إعلام السيسي، إلى عدم إيمان سلطة الانقلاب بها، مُشيراً إلى أن دولة العسكر تروج لـ" يناير" على أنها مؤامرة.
"نافعة": العسكر لعبوا بالثورة
من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة، المؤيد للانقلاب العسكري، أن "انحسار حضور ثورة يناير في الخطاب الرسمي"، منوهاً إلى أن "الأمر يمتد إلى خطاب الأحزاب السياسية أيضا".
وبلهجة الشماتة فيما جرى للثورة قال "نافعة" لـ"الأناضول"، إن "الأمر طبيعي؛ لأن الثورة لم تُحقق أيًا من أهدافها وفشلت في إرساء مبادئها".
ورأى أن "المؤسسة العسكرية احتوت الثورة حتى تُسقط رأس النظام السابق؛ للقضاء على مشروع توريث الحكم من الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى نجله جمال، إلا أنها أبقت النظام كما هو وحالت دون انهياره".
وتابع نافعة: "المتصدرون للمشهد الرسمي حالياً لا يؤمنون بالثورة، بل ينقمون عليها ويعتبرونها مضادة لمصالحهم".
فيما قالت المخرجة إيناس الدغيدي، إنها ترى أن ثورة 25 يناير جزء من مؤامرة دولية تعرضت لها مصر، والدول المحيطة في المنطقة العربية.
وأضافت "الدغيدي"، خلال حوارها ببرنامج "يحدث في مصر" على قناة "إم بي سي مصر"، أنها إذا قدمت فيلم عن ثورة 25 يناير ستقدمها كما تراها باعتبارها مؤامرة دولية.
"ثوار أحرار.. هنكمل المشوار"
وبعد تنحي مبارك في 11 فبراير 2011، احتفى المجلس العسكري بثورة يناير، وحظي شهداؤها بتحية عسكرية من جانب اللواء محسن الفنجري، عضو المجلس العسكري آنذاك، أثناء إلقائه بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة للشعب المصري على شاشة التليفزيون الرسمي حينها.
فيما ركز الرئيس المنتخب محمد مرسي في معظم خطاباته على تضحيات الثوار، مشدداً على أنه يعمل لـ"استكمال المشوار"، في استحضار لهتاف جماهيري تردد كثيراً في الشارع المصري وقتها، وهو "ثوار.
وقدم الدستور المصري الصادر في عام 2012، ثورة يناير باعتبارها مرجعية التغيير السياسي في البلاد، وأساس الانطلاقة الوطنية لتحقق الآمال التي عبر عنها المصريون في مختلف ميادين البلاد بشعارهم "عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية".
وجاء بديباجة الدستور: "تستمر ثورة هذا الشعب التي بعثت فيه روحاً طاهرة، جمعت المصريين والمصريات على كلمة سواء".
صفعة الانقلاب
فيما دبر المجلس العسكري احتجاجات مفتعلة طوال السنة التي حكم فيها الرئيس محمد مرسي، ونال دعم أذرعه في الأزهر والكنيسة في انقلاب 30 يونيو 2013، وكانت أول قرارات الانقلاب وقف العمل بدستور ثورة 25 يناير، بالتزامن مع اعتقال الرئيس من قصره، من قبل قيادات الجيش والحرس الجمهوري تساندهم أذرع الدولة العميقة السياسية والدينية، وزعمت قيادة الانقلاب إن هذه الإجراءات تشكل بداية مرحلة انتقالية جديدة لـ" تصحيح مسار ثورة يناير"، التي "حاول البعض أن يحيد بها عن أهدافها الوطنية"!
يقول الكاتب الصحفي، المؤيد للانقلاب "محمود الكردوسي" :"بالنسبة لى.. -رغم فاشيتى فى محبة السيسي- يقينى بأن ما جرى فى هذا يوم 25 يناير الأسود كان «مؤامرة» بكل ما سبقه من مقدمات ولحقه من نتائج".
مضيفاً:"واللى ما يشوفش من الغربال يبقى أعمى"، وتابع:"إذا كان يظن أنه ليس أعمى فإننى على استعداد أن أقرطس له عشرات الوثائق التى تدينه، وأفقأ بها عينيه".
فيما قال ياسر عمر عضو برلمان العسكر، خلال لقائه ببرنامج "العاشرة مساء" المعروض علي فضائية "دريم"، إن ثورة 25 يناير مأساة و مؤامرة و الدليل علي ذلك ما قاله دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الجديد بأنهم أنفقوا 6 تريليون دولار في منطقة الشرق الأوسط حتي يغيروا الأنظمة!
الثورة المضادة تحكم الآن
في تقدير السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي الناصري، لا يعد تراجع ذكر ثورة 25 يناير في الخطاب الرسمي "أمراً مفاجئاً"، والسبب، كما قال، إن "الثورة المضادة هي من تحكم الآن".
وأشار مرزوق إلى أن "القائمين على الحكم حالياً لا يؤمنون بأهداف يناير ويرى كثير منهم أنها كانت أمراً سلبياً".
وتابع أن "الثورة المضادة تمكنت بعد 30 يونيو بشكل كبير من الحكم في مصر، وأصبحت تُسيطر على غالبية مفاصله".