صافيناز صابر
لم يقف أهل الانقلاب في مصر عند حد خطف الوطن وسرقة مقدراته وإرادته بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بـ"النصب" على المصريين بتسويق اكتشافات وابتكارات وهمية في محاولة منهم لتكريس صورة ذهنيه بأنهم على الطريق الصحيح لجعل مصر "أد الدنيا" كما قال كبير الانقلاب عبد الفتاح السيسي!
إلا أنه لا يمكن لدولة تقتل العملاء والباحثين في شوارع مصر لمجرد خلاف سياسي أن تحقق نجاحا في المجال العلمي والطبي، ذلك المجال الذي يتطلب إطلاقا لعنان العقول وضمان حريات المبدعين.
خرج علينا منذ عدة أيام أحمد علي -المتحدث الرسمي للقوات المسلحة- ليعلن عن الاكتشاف التاريخي والإنجاز المبهر للقوات المسلحة لعلاج مرضى فيروسات الالتهاب الكبدي الوبائي "سي" وفيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، زاعما أنه قد سجلت براءات الاختراع لها باسم رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية باسم "سي فاست"؛ وذلك بعد تصريح وزارة الصحة والسكان، على حد قوله.
وأوضح أن القوات المسلحة توصلت إلى أحدث المبتكرات العلمية والبحثية المصرية لصالح البشرية والمتمثلة في اختراع أول نظام علاجي في العالم لاكتشاف وعلاج الإيدز و فيروس سي بتكلفة أقل من مثيله الأجنبي بعشرات المرات وبنسبة نجاح تجاوزت 90%، ودون الحاجة إلى أخذ عينة من دم المريض والحصول على نتائج فورية وبأقل تكلفة وذلك عن طريق البصمة الكهرومغناطيسية.
وأضاف "بنفس النظرية تم ابتكار جهاز للكشف عن أنفلونزا الخنازير، وأثبت نجاحه في مستشفى حميات القوات المسلحة وبنسب تجاوزت 90%، وينتظر أن يتم تجربة نفس أسلوب العلاج على المرضى المصابين بأنفلونزا الخنازير للحصول على نفس النتائج التي حققت لعلاج مرضى الإيدز وفيروس«C».
وكان بيان القوات المسلحة قد أوضح أنه من المخطط البدء في استقبال المرضى بعد استكمال مطالب العلاج بالسوق المحلية والخارجية، وتتميز هذه المنظومة لعلاج هذه الفيروسات عما سواها أنها ليس لها أضرار جانبية.
من المتعارف عليه أنه عند اختراع أي جهاز طبي عملاق يمكنه معالجة مثل هذه الأمراض لا بد أن يتم دعوة منظمات صحية عالمية؛ ليتم الإعلان عنه في مؤتمر ضخم يحضره لفيف من علماء التخصص ويتم شرحه والتسويق له عالميا بأنه أصبح مسموحا بتداوله وخرج من قيد التجربة، لكن هذا لم يحدث.
بل إن احد المرتبطين بدوائر الانقلاب وهو الدكتور عصام حجي -المستشار العلمي للرئيس المعين عدلي منصور شن هجومًا حادًا على اختراع القوات المسلحة الذي أعلن عنه خلال افتتاح عدد من المشروعات التي نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، السبت الماضي، بحضور عدلي منصور وحازم الببلاوي رئيس الوزراء المقال وعبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، واصفًا الابتكار بأنه فضيحة علمية لمصر بالأدلة والوثائق.
وبحسب صحيفة الوطن المحسوبة على الانقلاب قال «حجي»: إن الاختراع غير مقنع وليس له أي أساس علمي واضح من واقع العرض التوضيحي للجهاز، الذي أذيع في القنوات التليفزيونية، إضافة إلى أن البحث الخاص بالابتكار لم ينشر في أي دوريات علمية مرموقة، مشيرًا إلى أن «موضوعًا بهذه الحساسية في رأيي الشخصي يسيء لصورة الدولة، وستكون له نتائج عكسية في البحث العلمي، وتمنيت أن يكون هناك حذر أكبر حول ما قيل في نشر هذه المعلومات".

وأضاف المستشار العلمي لعدلي منصور: أريد أن أكون واضحًا وصريحًا، ما قيل ونُشر عن اختراع القوات المسلحة يسيء لصورة العلماء والعلم في مصر، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن الصحف الأجنبية ستقوم بترجمة المؤتمر الصحفي الذي أعلن خلاله عن الاختراع الطبي، لاستخدامه سلبيًا في الإساءة لصورة مصر دوليًا.
ونفى أحد المسئولين بالإدارة المركزية للصيدلة التابعة لوزارة الصحة، إصدار الإدارة أية تصريحات للقوات المسلحة بشأن إنتاج دواء جديد لعلاج مرضى الفيروسات الكبدية "سي"، وأنفلونزا الخنازير H1N1، والإيدز.
ونفى علمه بموافقة وزارة الصحة على تسجيل براءة اختراع للجهاز الضوئي المكتشف من قبل رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والذي أطلق عليه اسم "سي فاست"، وآي فاست، أو جهاز الكشف عن أنفلونزا الخنازير، كما لم توافق حتى الآن على إنتاج أية عقاقير لفيروسات "سي" والإيدز وأنفلونزا الخنازير، والمثير للدهشة أن نقابة الصيادلة بدورها أعلنت أنه لم يصلها أي إخطار باختراع هذه الأمراض.
ينبغي الإشارة إلى أن مصر تعد الدولة الأولى على مستوى العالم في انتشار مرض الالتهاب الكبدي "سي"، حيث يصاب كل عام أكثر من 200 ألف شخص بالمرض وتصل نسبة المصابين لـ10% من إجمالي عدد السكان.
"صباع الكفتة"
ومن الطريف أن اللواء إبراهيم عبد العاطي مخترع جهاز علاج فيروس سي والإيدز قال في مؤتمر يكشف فيه عن اختراعه: إن الجهاز قادر على قهر الإيدز بنسبة 100% وقهر فيروس سي بنسبة تزيد عن 98%، وأضاف" سنأخذ من المواطن الإيدز ونعطى له صباع كفته يتغذى عليه".
وأكد أنه بنهاية العام الجاري سوف يتم الكشف عن بحث في غاية الخطورة والأهمية سوف يغير مجريات الأحداث الطبية في العالم، وسوف يعجز الغرب قائلا: "سوف يكون كشفا علميا غير مسبوق ..إن سابونى".
كلام غير علمي
وتعليقا على هذا الاختراع يقول الدكتور وائل هلال -أمين صندوق مساعد نقابة الصيادلة- الكلام المثار حول النظام العلاجي الذي قدمته القوات المسلحة لاكتشاف وعلاج مرضى الإيدز وفيروس سي غير واضح أو مفهوم بالنسبة لي، إذ إن ما قرأته بشأن هذا يخلط ما بين العلاج والكشف، فلا نعرف أهو يكتشف المرض أم أنه يستخدم في علاجه.
وائل هلال: "الصيادلة" لم يصلها إخطار باختراع جهاز كشف أمراض الإيدز وفيروس سي وأنفلونزا الخنازير |