“ماضي”: النظام الانقلابي غير قابل للإصلاح لهذا السبب

- ‎فيأخبار

كتب أحمدي البنهاوي:

قال المحلل السياسي والباحث الأكاديمي المصري د.عبدالفتاح ماضي: إن "الأنظمة التي تعيش بالعنف والقمع -في إشارة للانقلاب الواقع في مصر- لا يمكن إصلاحها من الداخل للأسف بسبب طبيعتها".

وأكد "ماضي" -في ورقة عمل مختصرة بعنوان "مصر: حول الدعوة للمنافسة عبر الانتخابات"، نشرها قبل قليل "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية"- أن "نظام مبارك الذي كان أقل قمعا وتسلطا من النظام الحالي لم تصلح معه كل محاولات الإصلاح الجزئي والتدريجي من الداخل بسبب سياساته واختياراته هو في المقام الأول، لينتهي الأمر بثورة شعبية عارمة".

وبنى الباحث السياسي "ماضي" –الذي تنشر الجزيرة دراساته بشكل دوري- رأيه على جزأين رئيسين؛ الأول: "عدم قابلية النظام للإصلاح"، والثاني: "شروط النضال عبر الانتخابات" حال قبل الرافضون للإنقلاب والمعارضة الشريفة المشاركة.

وأشار إلى أن هناك "مطالب" التي يمكن أن توفر الحد الأدنى من الأطر الدستورية والقانونية والسياسية اللازمة لإجراء انتخابات حقيقية وحصرها في خمسة وهي: تغيير الإطار الدستوري والقانوني، وإنهاء تدخل الأمن في السياسة، وإنهاء تضليل الناس إعلاميا، واستقلال القضاء استقلالا تاما، وتحرير الدين.

وخلص إلى أنه "لو تحققت هذه الأمور فإنها كفيلة بأن تحقق انتقالا حقيقيا من أي نظام مطلق وبدء مسار الانتقال إلى حكم مختلف تماما يقوم على القانون ودولة المؤسسات والعدالة والشفافية".

وأكد أن هذه المطالب "من أبجديات أي انتخابات حقيقية والمطالبة بالحد الأدنى الضروري منها قبل أي انتخابات قد تساعد في إنقاذ البلاد وإضعاف شرعية كل الممارسات القمعية، شريطة أن تتم؛ ضمن استراتيجية واضحة الأهداف والوسائل والمراحل".

وتأتي الورقة التي يطرحها "ماضي" بالتزامن مع ما طرحه الدكتور عصام حجي المستشار العلمي السابق لقائد الانقلاب العسكري بقوله: "نجهز فريق رئاسي لخوض انتخابات الرئاسة 2018"، وإعلان حزب د.عمرو حمزاوي في 2014، إلى "تأييده حمدين صباحي فيما "انتخابات" الرئاسة"!.

تكرار الأخطاء
واستهل عبدالفتاح ماضي ورقته، بانتقاده لبعض الرموز العامة –دون تسميتهم- قائلا: "يكرر بعض الرموز العامة أخطاءهم دون أدنى تقدير لعواقب اختياراتهم غير المدروسة.. فمنذ شهور بدأ موسم الاعتذارات عن 30 يونيو وسمعنا عددا من الشخصيات تعترف بخطأ تقديرها للأمور أثناء الأحداث التي انتهت بالقضاء على المسار الديمقراطي والتمكين للثورة المضادة".

وأضاف "الاعتذار فضيلة ومطلوب من كل الذين خُدعو (أو تآمروا)، لكن الاعتذار في مثل هذه الأمور التي أدت لمقتل الآلاف واعتقال عشرات الآلاف وتقسيم المجتمع وإجهاض ثورة يناير وبقية ثورات الربيع العربي واقحام الجيش في صراع سياسي مدمر أمر يتطلب أمورا أخرى، منها على الأقل ترك المجال العام لجيل جديد تماما، ومحاسبة من تورط في القتل والتحريض".

الإصلاح المستحيل
وأشار الباحث والكاتب الصحفي، إلى أنه بنى رأيه القائم على "عدم قابلية النظام الحالي للإصلاح من الداخل"، إلى أنه "أسند بقاءه على أساس الصراع الصفري مع خصومه، ولم تقف قبضته الأمنية الباطشة عند خصومه الإسلاميين كما كان يتصور البعض وإنما امتدت إلى كل من لا يصطف مع النظام من الإسلاميين وغير الإسلاميين على حد سواء".

وأوضح أن النظام مستمر في سياساته الهادفة إلى السيطرة على كل مؤسسات الدولة من جيش وقضاء وإعلام ومؤسسات دينية واجتماعية ومجتمع مدني وجامعات، ويرفض إتاحة أي مساحة للمشاركة البناءة، ويستمر إعلاميا في تخوين كل من لا يؤيده، ويزرع يوميا اليأس والخوف والخرافات في نفوس الشباب والجماهير، بجانب قيامه بوضع منظومة قانونية تحمي الفساد، وفشله في الاقتصاد وإغراق البلاد في كم هائل من الديون.

وحذر من أن هذه الأنظمة تشجع وجود منافسين لهم كديكور للديمقراطية المزيفة ولكسب بعض الشرعية الزائفة من الخارج وخاصة من الدول الديمقراطية الغربية التي تعاملنا بإزدواجية واضحة.

طريق التغيير
وأشار عبدالفتاح ماضي إلى ان الوضع الحالي يفرض "طريقة التغيير التي تمر بها الأنظمة، وفي حالات الانتقال المماثلة كان مصير معظمها إما انقلاب على الانقلاب أو ثورة عارمة أو حرب أهلية أو غزو خارجي. وهذه كلها طرق عنيفة وقد تكون مدمرة".

ورأى أن المطلوب "أن يغير النظام (أو يُدفع دفعا إلى تغيير) كل ما سبق حتى يمكن الحديث عن الإصلاح وحتى يمكن انقاذ الدولة والمجتمع والاقتصاد والجيش وبقية مؤسسات الدولة".

ولهذا على الجميع الانتباه جيدا فإذا لم يتحد الجميع ويتفقوا على مشروع وطني جامع لانقاذ مصر بكل الطرق السلمية الممكنة فإن الثمن الذي سيدفعه الجميع سيكون باهضا جدا.

رؤية للتغيير
ولمن يرى إمكانية التغيير عبر الانتخابات، قال "ماضي"، "فليرفع مطالب حقيقية (كما حدث في حالات أخرى) بدلا من مجرد الدفع بأسماء للتنافس في ظل نفس المنظومة الأمنية والقانونية القائمة أو بدلا من تصور أن النظام يمكن أن يتغير من تلقاء نفسه".

ومن بين الأطر التي طلبها:-
1- رفض الدستور الحالي والمطالبة بوضع دستور ديمقراطي حقيقي لأنه (مثله مثل دستور 2012) يشرعن لهيمنة المؤسسة العسكرية على المؤسسات المنتخبة، ولأنه أيضا يشرعن المحاكمات العسكرية، ولا يحتوي على ضمانات حقيقية لتمكين الشعب من التمتع بالحريات والحقوق. فضلا عن المطالبة بتعديل المنظومة القانونية المرتبطة بالانتخابات والحريات السياسية.

2- وقف هيمنة مؤسسات الأمن والمخابرات على الحياة السياسية والتدخل في الانتخابات كما حدث فيا سمى "انتخابات البرلمان"، ومحاسبة كل المسؤولين عن التجاوزات التي تمت في كل ما سمى "مناسبات انتخابية" منذ 2013.

وإسقاط كل الأحكام المسيسة والافراج عن كل المعتقلين ووقف عمليات التعذيب والاختفاء القسري وإلغاء قرارات المصادرة، ومحاسبة المسؤولين عن كل الانتهاكات أمام نظام عدالة انتقالية مستقل تماما عن السلطة التنفيذية والنظام القضائي. وإعادة هيكلية وزارة الداخلية وإخراجها تماما من المشهد السياسي.

3- وقف هيمنة أجهزة الأمن على الإعلام الحكومي والخاص، وتقديم الأذرع الإعلامية ومن يحركها من أجهزة الأمن للعدالة لمحاسبتهم عن كل الأكاذيب التي روجت وعن عمليات التحريض والكراهية خلال السنوات الثلاث السابقة، وتشكيل هيئة من الخبراء المحايدين لإعادة هيكلة قطاع الإعلام ووضع كافة الآليات لضمان حيدته ونزاهته قبل وأثناء وبعد الانتخابات.

4- المطالبة والعمل على استقلال تام لمؤسسة القضاء عن السلطة التنفيذية، وكذلك استقلال كافة مؤسسات الرقابة الأخرى، ووضع كافة الضمانات اللازمة لوقف تسييس الأحكام من جهة، وكذا وقف تدخل القضاة في السياسة والصراعات الحزبية من جهة أخرى.

5- رفع اليد عن الدين والمؤسسات الدينية؛ كالأزهر ودار الإفتاء والكنيسة، ووضع كافة الضمانات الكفيلة بإستقلال هذه المؤسسات عن السلطة التنفيذية وقيامها بأدوارها الدينية والاجتماعية دون تحيز للسلطة أو هيمنة عليها من السلطة، بجانب وضع الضمانات الكفيلة بعدم استغلال الدين لتحقيق أهداف حزبية ووقف استخدام المشايخ ورجال الكنيسة لترويج الأكاذيب التي تدعم الممارسات القمعية واخضاع الناس.

الورقة البحثية
http://www.eipss-eg.org/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3%D8%A9-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA/2/0/954