4 أسباب وراء دعم السيسي لحفتر وإشعال حرب أهلية بليبيا

- ‎فيتقارير

كتب يونس حمزاوي

يراهن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي على الجنرال الدموي الطامح للسلطة خليفة حفتر، لذلك يقدم له الدعم المتواصل من أجل بسط نفوذه على مجمل الأراضي الليبية، ومده بما يحتاج للقضاء على معارضيه من القوى السياسية والثورية.

وبلا شك، فإن السيسي أصيب بصدمة جراء الهزائم التي مني بها حفتر مؤخرا، وطرد ميلشياته من منطقة الهلال النفطي وأكبر موانئ تصدير النفط الليبي؛ الأمر الذي دفع السيسي إلى استدعاء حفتر في زيارة سرية حاليا إلى القاهرة لدراسة المأزق الراهن، وبحث وسائل تدعيم حفتر بمزيد من المعدات العسكرية والمخابراتية، حتى لو احتاج الأمر إلى تدخل مباشر من سلاح الطيران التابع للسيسي لقصف مواقع سرايا الدفاع عن بنغازي التي ألحقت الهزائم بقوات حفتر.

تسريب يفضح السيسي

وكشف تسجيل صوتي مسرب بين المستشار السياسي السابق لمجلس نواب طبرق الليبي محمود المصراتي، وشخص من "عملية الكرامة" التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، اسمه علي، عن وعد من سلطات الانقلاب في مصر بقصف سرايا الدفاع عن بنغازي، بعد سيطرتهم على حقول وموانئ الهلال النفطي الليبي.

وبحسب التسريب الذي بثته وسائل إعلام ليبية موالية للثورة، فقد اعترف المصراتي، الذي يدير موقع صحيفة "الحدث" من تونس، بقيادة حملة إعلامية، تتهم قوات سرايا الدفاع عن بنغازي بالانتماء إلى تنظيم القاعدة، عبر اختلاق قصص مفبركة، ينشرها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في "فيسبوك" و"تويتر"؛ بهدف إثارة الرأي العام المحلي ضدهم.

كما فضح التسريب العلاقات المشبوهة التي تجمع ميلشيا حفتر بعناصر تنظيم داعش التي يستعين بها حفتر في معاركه، رغم أنه يوظف وجودها من جهة أخرى لتخويف الغرب من التنظيم لجلب مزيد من الدعم والمساعدات، والتعويل عليه لحكم ليبيا مستقبلا.

وبحسب مراقبين، فإن هناك 4 أسباب وراء دعم عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب، للجنرال خليفة حفتر وميلشياته المتمردة في ليبيا، في محاولة لتمكين الجنرال الطامح من الحكم على كل الأراضي الليبية.

توافق في الأفكار والتوجهات

أول هذه الأسباب هو التوافق في التوجهات بين الجنرالين الدمويين، فالسيسي جنرال عسكري دموي وحفتر كذلك، إضافة إلى زهو كل منهما بخلفيته العسكرية، التي أورثتهما عجبا بالنفس وكبرا واستعلاء على كل ما هو مدني.

أضف إلى ذلك أنهما يؤمنان بقدرة الحسم العسكري على إخضاع المخالفين بعيدا عن التوافقات السياسية، فالحكم بالحديد والنار هو السمت المشترك بين السيسي وحفتر. ولدي كل منهما الإيمان الراسخ بأن القمع وسفك الدماء كفيل بإخضاع الشعوب العربية لحكم الجنرالات وتكريس الحكم الاستبدادي الذي- باعتقادهما- هو الحل الوحيد لتحقيق "الاستقرار"، وفق مفهوم كل منهما.

كما أن حفتر لا يخفي إعجابه الشديد بالسيسي وتجربة انقلابه العسكري في مصر، فهو حريص كل الحرص على المضي قدما على خطى السيسي وتنفيذ انقلاب مماثل لحكم ليبيا بالحديد والنار.

العداء للإسلاميين

السبب الثاني هو العداء للمشروع الإسلامي وللحركات الإسلامية، بل يعد هذا هو العامل الأهم المشترك بين الجنراليين الدمويين.

السيسي نفذ انقلابه الدموي على أول تجربة ديمقراطية حقيقية تشهدها مصر في العصر الحديث، وأطاح بكل مكتسبات ثورة يناير، وزج بأول رئيس مدني منتخب في السجن بتهم مضحكة ومثيرة للسخرية، وقتل الآلاف وزج بعشرات الآلاف في السجون ولفق القضايا، وشن حربا دموية بلا هودة على الإسلاميين، استخدم- ولا يزال- كل الوسائل المشبوهة من تلفيق وافتراءات وأكاذيب وحملات دعاية سوداء. وحفتر شديد الإعجاب بكل هذا، ويعلن إصراره على تنفيذ كل ذلك خطوة خطوة، والقضاء على الإسلاميين الذين يتهمهم بالإرهاب والتطرف، لا لشيء إلا لأنهم يرفضون سيطرته على ليبيا، ما يعزز ذلك علاقته الحميمة بعناصر تنظيم داعش والسلفيين الموالين للمداخلة؛ لإيمانهم بمشروعه ودعمه عسكريا وإعلاميا.

الوصاية الإماراتية

السبب الثالث هو تبعية السيسي لتوجهات دولة الإمارات، التي تعد من الرعاة الداعمين لانقلابه الدموي، ومن المعادين للمشروع الإسلامي بقوة، والدعوة صراحة للعلمانية حتى لو جاءت على ظهور الدبابات وإكراه الشعوب عليها بالحديد والنار، لذلك تدعم الإمارات كل من يعادي الإسلاميين؛ تدعم تل أبيب ضد حماس وحركات المقاومة، وتدعم ديكتاتورية السيسي وتطلعات حفتر؛ لأنه يعلن صراحة عداءه للمشروع الإسلامي، فالإمارات تجهر بالسوء دائما في حق الإسلاميين، وتبرر قتلهم والقضاء عليهم بأي صورة كانت.

والسيسي على خطى الإمارات، إرضاء لحكامها من جهة، ولجلب مزيد من الرز من جهة أخرى، وتماشيا مع توجهاته الاستبدادية من جهة ثالثة، لذلك يدعم حفتر حتى يكون أيضا في نفس مربع الإمارات.

الطمع في النفط الليبي

رابع وأهم الأسباب هو أطماع السيسي في البترول الليبي، حيث كشفت تقارير مسربة عن ضخ مئات الآلاف من الأطنان من الوقود الليبي إلى القاهرة، وأن هذه الصفقات المشبوهة بين سيسي مصر وحفتر ليبيا تضمنت الوقود الليبي مقابل الدعم المصري من سلاح ومعدات ومعلومات ودعم سياسي وإعلامي ولوجيستي.

وبحسب مراقبين، فإن وقف البترول السعودي، منذ شهر أكتوبر الماضي، لم يسفر عن أزمة كما توقع مراقبون؛ لأن البترول الليبي كان جاهزا وبديلا سريعا للوقود السعودي وبأبخس الأثمان.

وهو ما يكشف إصرار قائد الانقلاب على الرهان على حفتر ودعم مشروعه الدموي في ليبيا، حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس في الدولة الشقيقة، ما دام يصب في صالح بقاء السيسي وتثبيت حكمه العسكري الاستبدادي.