على كوبري قصر النيل، يوم ٢٨ يناير "جمعة الغضب" قبل 10 سنوات.. كان موعد الشاب مصطفى الصاوي مع الشهادة؛ بعد تلقيه 25 رصاصة اخترقت جسده النحيل، ولقبه أصدقاؤه بـ"الشهيد عاشق الأقصى" و"شهيد القرآن"؛ حيث كان يحفظه عن ظهر قلب، وكان مع سنه الصغير إماما لمسجد الحصرى.
وكأنه كان يدرك أنه سينال الشهادة؛ رفض طلب والدته بعدم التظاهر، مصمما على أن يكون في الشارع حتى يستقبل رصاص العسكر الذي نقله من الدنيا إلى الآخرة؛ ليصعد أولى درجات الخلد شهيدا مضرجا في دمائه الزكية.
تحكي والدته ما حدث في تلك الليلة قائلة: "سهرنا الخميس ليلة جمعة الغضب.. صلينا الفجر وطلبت منه عدم الذهاب للتظاهر غدا فأسرع ليرد "أنا ذاهب طبعا لأني سوف أستشهد غدا بإذن الله.. كيف تريدين مني عدم النزول للمظاهرة.. سأتزوج غدا من خارج الدنيا بإذن الله.. قولى لبابا إنه خلف رجالة"، وكان آخر هتاف يصرخ به: "الشعب يريد إسقاط النظام" قبل أن يتلقى 5 رصاصات أسفل الظهر أسفرت عن استشهاده على الفور.
وفي إشارة أخرى غريبة كان يرد على من يقترح عليه الزواج خلال الأسبوع الأخير قبل استشهاده بأنه "سيتزوج قريبا من خارج الدنيا".
والشهيد مصطفى الصاوي، من ابناء جماعة الإخوان المسلمين، والذين استشهد منهم نحو 800 شهيد، وكان يبلغ من العمر 26 عاما وقت استشهاده، وهو خريج كلية التجارة، ويقطن بالعقار رقم 18 بشارع الجامع بالحوتية في منطقة العجوزة، وترتيبه الرابع بين إخوته الخمسة: منى، إيهاب، مريم، مروان.
وكان "الصاوي" يعمل إلى جوار نشاطه القرآني في تحفيظ القرآن لأطفال منطقته، في إحدى شركات التكييف، وشارك فى الثورة منذ البداية الى أن استشهد فى نفس يوم عيد ميلاده، يوم 28 يناير الذي أصبح أشهر أيام الثورة وأطلق عليه "جمعة الغضب".
وكان الشهيد هو الأول بين الذين ارتقوا فوق الكوبري بعد الاعتداء الوحشي عليهم من داخلية العسكر، وخلال جنازته هتف المشيعون: "يا مصطفي اتهني اتهني واستنانا علي باب الجنة"، وكانت جنازته، كما باقي الشهداء، حاشدة حتى ميدان عابدين مرورا بالتحرير.
