كتب – هيثم العابد
50 يوما مضت على مأساة سقوط الطائرة الروسية فى سيناء ولم تبرح لجنة التحقيقات المصرية المربع صفر، حيث فشلت أذرع السيسي الأمنية التى انتشرت فى شبه الجزيرة المنعزل فى فك طلاسم الحادث أو استجلاء أسباب الكارثة، فى الوقت الذى انتهت فيه موسكو مبكرا إلى إثبات ما أعلنه تنظيم ولاية سيناء بزرع قنبلة على متنها بعد تحقيقات منفردة وفرض عزلة معلوماتية على أصحاب الدار وما تبعها من قرارات صادمة للحليف العسكري فى القاهرة.
وفى الوقت الذى استقر فى يقين العالم أن سقوط طائرة "كاجوليم أفيا" فى صحراء سيناء جاء نتيجة زرع عبوة ناسفة بدائية الصنع على متنها، لتفضح فشل منظومة الأمن المصرية واختراق أهم منشآتها، كانت لجنة التحقيقات فى دولة السيسي تنتهي إلى لا شئ وتعلن عن فشل جديد "لا نعرف سبب سقوط الطائرة".
شبكة "الجزيرة" الإخبارية رصدت الموقف المصري فى التعامل مع أزمة سقوط طائرة الـ"إيرباص" منذ تحولت إلى أشلاء فى سيناء، وحتى خيم الصمت على رؤوس لجنة التحقيقات طويلا، حتى رفعت رايات الاستسلام وأعلنت أنه "لا دليل على عمل إرهابي، ولا مؤشر على تدخل خارجي، ولا نعرف كيف سقطت".
ولأن الفشل لا يجر سوى مزيد من الفشل والتخبط، كان القرار المصري اعترافا جديدا على عدم ثقة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بمنظومة الأمن المترهلة، بالإستعانة بشركة أمن أجنبية لتفحص مطارات العسكر، فى ملخص مأساوي للموقف المصري وما انتهت له لجنة التحقيق في واقعة استهداف طائرة الحليف الروسي.
وأوضح التقرير أن سلطات الانقلاب اكتفت بنفي فرضية، دون تقديم ما يدعم فرضية آخري تدحض الأولي على الأقل، انطلاقا من بديهة أن الطائرات لا تسقط وحسب، غير أن الحادث الذى وقع فى بقعة خارج سيطرة العسكر كشف نظرة العالم الدونية لـ السيسي والتعامل معه باعتباره كم مهمل لا يرقي إلى مشاركته مسار التحقيقات أو تبادل المعلومات، حتى وإن كانت الحادثة على أرضه.
ومن الساعات الأولي للحادث الذى وقع في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي وأسفر عن مقتل 224 شخصا، شككت السلطات المصرية بأن الطائرة اسقطت بفعل فاعل، رغم إعلان ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة "داعش" مسؤليتها عن استهداف الطائرة بقنبلة تم دسها فيها، بل وبثت صورا للعبوة عبر وسائلها الإعلامية
وأشار التقرير إلى أن رد الفعل المصري المتباطئ والمتردي، أغضب الحليف الروسي بقدر غضب موسكو من إسقاط كبريائها فى سيناء، وأقامت ما بدي تحقيقا خاصا بها تعاونت فيه مع عدد من الدول بينها بريطانيا، فيما وقفت دولة السيسي بعيدة لا تعرف ما يجري على أرضها، وشكت الحكومة حين ذاك من استبعادها وتهميشها في التحقيق.
بعد وقت قصير، قالت روسيا إن الطائرة اسقطت بعمل إرهابي، الأمر الذي أكده الكريملين وبدأ فى إجراءات بدت صادمة للحكومة المصرية، حيث كان البلدان في ذروة تقاربهما السياسي، فسحبت موسكو رعاياها، ثم أوقفت جميع رحلاتها إلى مصر، ومنعت شركات الطيران المصرية من القدوم إلى روسيا، وأجلت دولا غربية أخري مواطنيها.
وتابع التقرير: "بالنسبة لكثيرين تكشف هذه التطورات عما يقولون إنه تخبط في التعامل مع حدث كان له وقع مدمر على السياحة في مصر -أحد أهم مواردها المالية- ويدرك أصحاب هذا الرأي وفقا للمنطق نفسه الموقف المصري الجديد بما فيه من تناقض، بالإصرار دون معطيات معلنة على دفع احتمال التفجير جانبا وفي الوقت نفسه تكليف شركة أمن اجنبية خاصة تقويم إجراءات الأمن في جميع المطارات المصرية".
وشمل قرار تكليف الشركة الأجنية إسناد مهمة التدقيق في أنظمة الأمن والسلامة والمعدات والتدريب، أي كل شئ داخل المؤسسات الحيوية، ما يفتح جدل آخر حول تكليف أمر سيادي مثل هذا لشركة أجنبية لا لشركة حكومية رسمية، ما يجسد أن كانت الحكومة غير واثقة من أدائها ومؤسساستها!.
وأضاف: "مراقبة المشهد في إطار أكبر يكشف صورة أكثر انبطاحا، هو انكشاف سياسي يبطن انكشافا أمنيا دفع من يوصفون بأصدقاء السيسي، وفي مقدمتهم الروس الذين تبادل معهم الخدمات السياسية فقام بتغطية دخولهم إلى سوريا، وحصل على زيارة ملفتة من بوتين لما ينسف الخصومة السياسية لإلباسه تهمة التراخي الأمني بل الاختراق".
واختتم التقرير بالتأكيد على أن ما بقي لنظام السيسي على خلفية الحادث، لا شئ، غير الإنكار الكلامي، وبات آخر ما يريده العسكر الذي يكتم أنفاس معارضيه ويملئ سجونه بالمعتقلين السياسيين تحت شعار مكافحة الإرهاب، هو إشهار فشله في معركته، وعلى نحو مزلزل بحجم تفخيخ طائرة.
فشل بعضه فوق بعض هو ملخص حكم العسكر، من ترهل أمني وانهيار اقتصادي، وعجز دبلوماسي واختراق أمني، تدفع البلاد ضريبته فى تمزق سيناء وغلاء الأسعار وارتفاع بنيان سد النهضة والمحصلة وطن بات على حافة الهاوية وينذر بسقوط لا يحمد عقباه.