بطالة واستبداد وإحباط.. الشباب يلجؤون للمخدرات للهروب من مشكلاتهم منذ الانقلاب

- ‎فييوميات الثورة

شهدت السنوات الأخيرة زيادة معدل الإدمان، بسبب المآسي والكوارث التي يرتكبها نظام الانقلاب منذ 2013. وفي مقدمتها، البطالة وارتفاع تكاليف الحياة، وعدم قدرتهم على الزواج، فضلا عن كوراث الانقلاب وفي مقدمتها غياب الحريات واعتقال الأبرياء و التفريط في حقوق مصر وممتلكاتها وثرواتها كمياه النيل والسماح لإثيوبيا ببناء سد النهضة وبيع جزيرتي تيران وصنافير إلى الانهيار الاقتصادي وارتفاع الأسعار وفي نفس الوقت تراجع الدخول ووقف التعيينات ووصول أعداد الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 72 مليون مصري وفق بيانات البنك الدولي.

في ظل هذه الأوضاع الكئيبة يتجه الشباب إلى الإدمان وتناول المخدرات بمختلف أنواعها من أجل الهروب من هذا الجو الخانق، لكنهم لا يدركون أنهم يلجأون إلى مستنقع آخر ما يجعل الشباب المصري مهددا بالضياع وهو ما يخطط له السيسي وعصابته حتى لا يثور هؤلاء الشباب ضده أو يحاولون إسقاط نظام العسكر.

كانت الأعوام الأخيرة قد شهدت زيادة كبيرة في تعاطي بعض أنواع العقاقير الدوائية والتعامل معها كمواد مخدرة حيث تعطي مفعولا شبيها بالمخدرات التقليدية، وتشمل هذه العقاقير ما يسمى بـ "أدوية الجدول" وتضم أنواعا قوية من المسكنات والمهدئات، حيث تتسبب في تعرض الإنسان لما يُسمى بـ "اضطراب استخدام المواد"، وهو مرض يؤثر على حالة المخ، وينعكس هذا التأثير على سلوك الشخص، وربما تتضاعف الأعراض بحيث يُصاب الإنسان بالعجز عن التحكم في استخدام هذه الأدوية، ليدخل في نفق مظلم، ولوحظ زيادة عدد الشباب من مدمني هذه العقاقير بشكل خاص .

 

عقاقير مهدئة

حول أسباب تعاطي الشباب هذه العقاقير، قال الدكتور مصطفى طلبة، صيدلي بمنطقة القناطر "من الأسباب الرئيسية لتناول الشباب للعقاقير المخدرة لجوء بعض الأطباء النفسيين لوصف عقاقير مهدئة أو مسكنة بنسبة أو بأخرى لفترات طويلة، مما يؤدي لتشبع الجسم بالمادة وعدم استجابته للدواء، ويبدأ الجسم في طلب نسبة أعلى من المهدئ وينتج عن ذلك عدم قدرة المريض علي ترك المهدئ ويبدأ الدخول في حالة أشبه بالإدمان".

وأشار طلبة في تصريحات صحفية إلى أن "بعض أطباء العظام وأطباء المخ والأعصاب يصفون مسكنات قوية جدا مثل "الترامادول" أو مادة "البريجابالين" كما يصف أطباء الباطنة مادة "البريجابالين – أو الجابابنتين" لمرضي السكري وهذا كله يدفع إلى الإدمان".

وكشف أن "هناك مشكلة أخرى تتمثل في غياب الوعي لدى بعض الصيادلة الذين قد يصفون هذه العقاقير خاصة "البريجابالين أو الجابابنتين" بشكل مباشر دون مراجعة أو استشارة الأطباء. مشيرا إلى بيع العقاقير المخدرة والمهدئة علي السوشيال ميديا خاصة فيسبوك والواتس آب، أدى إلى إقبال عدد كبير من الشباب لإدمان على هذه العقاقير المهدئة والمسكنات القوية".

 

سعادة وهمية

وأوضح طلبة أن "هناك عوامل أخرى تساهم في تطوّر إدمان هذه المواد مثل إصابة الإنسان باضطرابات الصحة العقلية، وإصابته بالعصبية الزائدة فيلجأ للمهدئات ومع الوقت تتحول هذه الحالة لما يشبه الإدمان، لافتا إلى أن بعض الشباب يلجأ لهذه العقاقير بحثا عن حالة من "النشوة" والسعادة الوهمية أو هدوء الأعصاب أو مقاومة إجهاد العمل".

وحذر من أن "تعاطي العقاقير المخدرة في عمر مبكر يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في تطور المخ ويزيد من التطورات المشابهة لإدمان المخدرات وبعض العقاقير، مثل المحفزات، كالكوكايين أو مسكنات الألم الأفيونية، وقد تتسبب في تطور سريع للإدمان أكثر من غيرها من العقاقير، كما أن التدخين أو حقن العقاقير يمكنه أن يزيد من القابلية للإدمان، وتناول العقاقير التي تعتبر منخفضة التأثير والمسماة "مخدرات خفيفة" قد تضعك على بداية الطريق للإدمان، ويؤدي الاستعمال الدائم لهذه الأدوية إلى آثار خطيرة ومدمرة على المدى القصير والطويل".

ولفت طلبة إلى أن "تناول بعض الأدوية قد ينطوي على خطورة خاصة في حالة تناول جرعات كبيرة أو الجمع بين الأدوية وبعضها أو بينها وبين الكحوليات".

 

الناقلات العصبية

وأكد محمد أسامة استشاري اجتماعي وباحث في مجال الإدمان أن "العوامل البيئية والمجتمعية، مثل اعتقادات عائلتك وطريقة تصرفها واختلاطها بمجموعة تشجعها على تعاطي المخدرات تلعب دورا في تناول المخدرات لأول مرة. مشيرا إلى أن العوامل الوراثية لها دور كبير في إصابة الإنسان بالإدمان فبعد البدء في تعاطي مخدر ما، يمكن أن يتأثر تطوّر تعاطي هذا المخدر بعوامل وراثية (جينية) والتي تؤخر أو تسرّع من تطور المرض، ويحدث الإدمان عندما يغير الاستخدام المتكرر لأحد المخدرات الطريقة التي يشعر بها دماغك بالبهجة، ويتسبب إدمان المخدرات في حدوث تغيرات فيزيائية في بعض الخلايا العصبية في الدماغ، وتستخدم هذه الخلايا مواد كيميائية تُسمى الناقلات العصبية للتواصل، ويمكن أن تظل هذه التغيرات لفترة طويلة بعد التوقف عن استخدام العقار".

وقال أسامة في تصريحات صحفية إن "الناس من أي فئة عمرية أو حالة اقتصادية يمكنهم أن يقعوا فريسة للإدمان، مؤكدا أن إدمان العقاقير أكثر شيوعا في عائلات بعينها وغالبا ما يكون سببه استعداد جيني إذا كان أحد أقربائك بالدم، مثل أحد الوالدين أو الأشقاء مدمنا للكحول أو العقاقير، فأنت في خطر كبير للإصابة بإدمان هذه العقاقير. أيضا اضطرابات الصحة العقلية لها دور كبير، فإذا كنت تعاني من أحد اضطرابات الصحة العقلية مثل الاكتئاب، أو اضطراب نقص الانتباه أو فرط الحركة أو اضطراب ضغط ما بعد الصدمة، فمن الممكن أن تصبح مدمنا لأحد العقاقير".

ولفت إلى أن "استخدام العقاقير قد يكون وسيلة للتأقلم مع المشاعر المؤلمة، مثل القلق، والاكتئاب والوحدة ويمكنه زيادة حدة هذه المشاكل أيضا. محذرا من أن نقص الانخراط العائلي والمواقف العائلية الصعبة أو ضعف الروابط مع والديك وأشقائك قد يؤدي إلى زيادة مخاطر الإدمان".