شاهد.. “الضغوط” كلمة السر في تقرير بريطانيا.. والإخوان تتأهب لـ”الرد”

- ‎فيتقارير

كتب – هيثم العابد
عام ونيف من الغموض مر على كشف فحوى تقرير لجنة جينكينز التي شكلتها حكومة بريطانيا بضغوط من دولة العسكر وحلفائها لبحث نشاطات الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة تمهيدا لحظرها، غير أن التقرير انتهى إلى اللا شئ، وبدلا من أن يحقق حاجة الانقلاب في حسم معركة جديدة في مواجهة التنظيم تلقي صفعة موجعة من جانب الحليف المتردد ديفيد كاميرون بأنه "لا ثمة علاقة بين الجماعة والإرهاب".

ولأن الرياح البريطانية أتت بما لا تشتهي سفن الإمارات وأتباعها في سلطة الانقلاب، عادت الضغوط لتطفو من جديد على الساحة، من أجل إجراء بعض التنقيحات على التقرير الذي أعدته لجنة السير جون جينيكينز سفير بريطانيا السابق في المملكة السعودية، وإضافة مزيد من البهارات تخلص إلى نتائج مغايرة أو تقترب قليلا من تحقيق أهداف العسكر وتبرر الاستيلاء على السلطة.

وفى أجواء غامضة وتوقيت يثير الشكوك، قرر كاميرون أن يخرج التقرير حبيس الأدراج ويكشف عن فحواه على رأس مجلس العموم البريطاني، ليبرأ الجماعة ويدينها ويخلي ساحتها ويورطها، ليترك الباب مواربا بين تلبية رغبة حلفاء المال في بلاد النفط ويستجيب لتهديدات الصفقات المعلقة وفي الوقت نفسه يبقى على مسافة جيدة من حكومات أخرى حليفة مكونة من أحزاب تنتمي للجماعة أو تدخل هى ضمن مكوناتها.

شبكة "الجزيرة" الإخبارية رصدت المسار الذي مضى فيه التقرير المثير للجدل حتى خرج إلى النور بعد قرابة 17 شهرا، موضحا أنه: "بضغوط حُجب.. وبضغوط نُشر، هكذا قيل وبين القولين خفايا يبدو أنها لم تتكشف كلها بعد".

وتساءل التقرير: "ماذا وراء تقرير الحكومة البريطانية عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان مفترض نشر هذه المراجعة في يوليو من العام الماضي، لكن النشرة تم تأجيلها دونما تفسير من مكتب رئيس الوزراء البريطاني، واليوم ها هو كاميرون ينهي حالة الانتظار لكنه لا ينهي الحيرة أو الجدل".

ولفت إلى أن المراجعة التي أمر بها لم تنسق وراء أطراف قيل إنها سعت، بل ضغطت لوضع الإخوان المسلمين في خانة الإرهاب، ورغم أنه لم يفعلها التقرير البريطاني إلا أنه رأي في عضوية الجماعة أو الارتباط بها مؤشرا محتملا على التطرف، كما أشار إلى وجود قطاعات من الإخوان لها علاقة وصفها بالملتبسة جدا بالتشدد الذي يقود إلى العنف.

وتابع: "نتحدث هنا عن أقدم حركة إسلامية سياسية في الشرق الأوسط، ليس سرًا أنها اتهمت بخوض تجارب مسلحة في الحالة المصرية تحديدا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، لكنها ظلت تنفي ذلك وتؤكد التزامها بالعمل السياسي السلمي أسلوبا للتغيير، ودفعت دون ذلك ثمنا من دم وحرية أعضائها ومحبيها الكثير".

النهج ذاته هو الذي تعلن الجماعة تبنيه في محاولتها اليوم إعادة الأمور في مصر إلى ما قبل انقلاب 2013 على الشرعية، لكن ماذا تعني النتائج المنشورة في لندن بالنسبة للإخوان، خاصة من ناحية التوقيت وردود الفعل أو حتى النتائج المترتبة عليه.

التقرير أوضح أن دوائر قريبة من الجماعة تقلل من شأن ما قد يعده المعسكر الخصم انتصارا، فالتطرف يبدو توصيفا أكثر منه تهمة لها تبعات قانونية وقضائية، كما أنها حالة يعتبر اعتناق أي فكرة عرضة لها، مضيفا: "لنا في ذلك من الغرب نفسه وعند المحتل الإسرائيلي شواهد كثيرة".

وأكد التقرير أن "إثارة مسألة كهذه قد تضع البريطانيين في حرج لا يفوقه سوى استمرار تعاونهم من عدمه مع أنظمة تشرعن الإخوان أو أنهم جزء من برلماناتها وحكوماتها، ويضاف ذلك الجدل إلى آخر فجره نشر التقرير بعد حجبه وعمقته أسئلة حائرة عن توقيت النشر ودواعيه، وكذا عن حقيقة تعرض الحكومة البريطانية لما وصفها مصدر قريب من جماعة الإخوان ضغوطا من قوى خارجية تعادي الديمقراطية في الشرق الأوسط".

صحيفة "جارديان" البريطانية، فسّرت قليلا حين أشارت قبل شهر إلى تهديد دول حليفة لبريطانيا بوقف صفقة شراء أسلحة منها والحدّ من استثماراتها إذا لم تحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين.

لم يجب تقرير جون ما يثبت أن الجماعة تشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني، لكن ومع ذلك فإن فرض بعض القيود عليها والمؤسسات القريبة منها احتمال وارد، ومع أن الجماعة لا يعتبرونها إدانة ولا هزيمة، فإن الإخوان يستشفون في المراجعة البريطانية محاولة للنيل من سمعة جماعتهم، وعلى الأرجح لن يسكتوا ولن يُعدموا السبل قانونية وسياسية لإسماع صوتهم للعالم الحر، والتأهب للرد في معركة الحرية والعدالة.