إعلام “القفا”.. على خطى السيسي ويدّعي الشرف!

- ‎فيتقارير

كتب: أسامة حمدان

لم يبالغ الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، حين وصف الإعلام في مِصْر بأنه إعلام النظام وليس إعلامًا حرًا، الأمر نفسه أكده الإعلامى "سيد على"، أحد صبيان السيسي، عندما أقرّ أن ضرب الإعلاميين أحمد موسى ويوسف الحسينى على "القفا" من معارضي الانقلاب، لا يعتبر إهانة لهما، مشددًا على أن ذلك يُعد شرفا لهما، كونهما يخدمان نظام 30 يونيو.

وانتقد "سيد" هجوم الكُتاب والصحفيين والشخصيات العامة على أذرع الانقلاب في الإعلام، لمجرد أنهم ينتقدون فشل السيسي ونظامه، مقرًّا بلسان الحال لا المقال أن الإعلام المِصْري مُسيَّس باقتدار، ولا يخدم سوى نظام السيسي الذي نجح في صناعة هذه الأذرع الإعلامية.

خانوا أمانة الكلمة
الإعلام الانقلابي لعب دورًا أساسًا وفاعلًا في التدشين للانقلاب والترويج له، واستخدمه السيسي بعد ذلك في إحداث الانقسام المجتمعي لتبديد ثورة 25 يناير، بعد أن اتخذ الانقلاب له ظهيرًا من المغضوب عليهم والضالين.

هذا الإعلام الذي زيف الحقائق وحرض وبرر القتل وإراقة دماء الأبرياء المعتصمين، في رابعة والنهضة وغيرهما، وبرر كل صور القمع السياسي ضد رافضي الانقلاب، وقام بشيطنة الإسلاميين بوجه عام؛ وجماعة الإخوان بوجه خاص، وتطاول على الثوابت الدينية الإسلامية كما هو الحال في برنامجي إبراهيم عيسى وإسلام البحيري.

وليس أدلّ على تبعية الإعلام الصارخة للانقلاب العسكري، من فضيحة التسريبات التي تم بثها في يناير الماضي من مكتب اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي وخازن أسراره.

فاللواء عباس كامل يطلب من المتحدث العسكري "أحمد علي" أن يوعز للإعلاميين التابعين لهم ببدء حملة دفاع عن السيسي على القنوات التلفزيونية، والادعاء بأن هناك حملة تستهدف السيسي، وأن يطلب من الإعلاميين أن يتساءلوا على الشاشات: "إحنا ليه بنعمل في رموزنا كده؟.. فيه حملة بتستهدف المشير السيسي، بيرضيك كدة يا شعب مصر؟".
أليست هذه الإملاءات دليلًا على أن الإعلام المِصْري هو إعلام النظام؟

تطبيل وتضليل
ما من قرار أو تصريح مهما كان شاذًّا يصدر من السيسي، حتى ينبري الإعلام إلى ممارسة دوره التضليلي والترويجي معًا، فعندما تحدث السيسي عن ثورة دينية -يقصد الدين الإسلامي فقط- على نصوص مقدسة زعم أنها تعادي العالم، انهال هؤلاء الإعلاميون على المعتقدات والثوابت الدينية الإسلامية، وصلت إلى حد اتهام المسائل قطعية الثبوت والدلالة بأنها "خرافات"!

السيسي يطلق إعلامه على دول الخليج وعلى السعودية بصفة خاصة منذ تولي الملك سلمان؛ فالرجل قد رتب البيت السعودي ولفظ بعض الأشواك، وطهر البيت من العناصر التي كانت تدعم السيسي ويعول هو عليها.

وفي الوقت نفسه، أعلنت السعودية أنها لا تعادي تيار الإخوان، وهو ما أعطى للسيسي مؤشرات بأن الخليج قد يتخلى عنه، أطلق السيسي أحد صبيانه الإعلامي "يوسف الحسيني"، الذي هاجم مِن قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قبل توليه الحكم، حيث قال: "إن وصول الملك سلمان للحكم ليس في صالح مصر".

إشعال المنطقة
لعب إعلام الانقلاب على التغيرات الجوهرية في السياسة السعودية والخليجية، وضخم الخلافات بين الجانبين في أكثر من ملف؛ ففي الوقت الذي تسعى السعودية وحلفاؤها لإقرار الحل السياسي في ليبيا، طبل الإعلام للالتفاف حول هذا الرفض العربي والتدخل عسكريًّا في ليبيا.

وفي الوقت الذي تتمسك السعودية بالإطاحة بالأسد، يروج السيسي كما ظهر في قمة شرم الشيخ لضرورة الحل السياسي، الذي يخدم نظيره الديكتاتور القاتل، على الرغم من أنه يحتاج إلى الدعم الخليجي، وألا يبدو أنه دخل في عزلة عن العرب، لكنه في الوقت نفسه يرى أن التلاقي مع الخليج والسعودية بعد توجهاتها الأخيرة لا يخدم تثبيت عرش نظامه الانقلابي.

أطلق السيسي أحد صبيانه "إبراهيم عيسى" الذي اتهم السعودية وقطر برعاية ما أسماه بالإرهاب وإسهام الخليج في إراقة الدماء على أرض سوريا، لم يكن غريبًا من ذلك الإعلامي الذي ينادي كرئيسه بأن الإطاحة بالأسد "ليست هي الحل"، وأن الثوار الذين يدافعون عن الثورة السورية إرهابيون!

كما هاجم "أبو حمالات" وبقية الصبيان عاصفة الحزم؛ حيث اعتبروا أن المليشيات الحوثية جزء من نسيج المجتمع، وليسوا إرهابيين، على عكس ما يقوله الصبيان أنفسهم بشأن الثوار في مِصْر وسوريا.

إعلام "القفا" يدعم بشار الأسد، ويسعى لمنع سقوطه؛ لأن السيسي يتزعم ثورة مضادة، ويرغب في القضاء على ثورات الربيع العربي التي يخشى من أن تكون رافدًا لثوار مِصْر، ولا يشغله سوى قمع الإسلاميين، وهي أرضية يلتقي عليها القاتلون.

وحتى بعد الانفراجة الأخيرة في الأزمة بين الانقلاب والسعودية، ومنح السيسي حزمة مساعدات اقتصادية وبترولية قدرت بـ 30 مليار دولار، لم يكف إعلاميو "القفا" ألسنتهم؛ بل سارع الحسيني بالرد الذي يتسم كالعادة بـ "قلّة الأدب"، وتفاخر زورًا وبهتانًا، بحرية الإعلام في مِصْر، وما هو بإعلام حر، إنما هو إعلام "القفا" يغوص في بئر الخيانة.