“الولي”: القطاع المالي فقد الثقة بوعود “الفاشل”

- ‎فيتقارير

                    أحمدي البنهاوي خلص ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق والمحلل الاقتصادي الأبرز في مصر، إلى 9 أشهر يقترب طارق عامر محافظ البنك المركزي من إتمامها في 21 من الشهر الجاري، هي بمثابة كم كبير من الوعود الواهية سواء كانت؛ وعودا باستثمارات أجنبية لم تتحقق، أم وعودا بالحفاظ على القوة الشرائية للجنيه المنهار والمستمر في خفض قيمته، أو بعطاءات استثنائية أرتدت بالجانب السلبي على البنك المركزي لارتفاع أسعار الفائدة والتهديد بعزل رؤساء البنوك الذين لم يوفوا بها، إضافة لزيادة الواردات رغم القيود.   أول القصيدة   وقال نقيب الصحفيين في مقال نشره موقع "مصر العربية" اليوم الجمعة تحت عنوان "طارق عامر محافظ البنك المركزي.. قصة فشل كبرى"، إن "عامر" بدأ رحلته الفاشلة دون انتظار؛ موعد تسلمه الرسمى فى 27 نوفمبر 2015، وذلك "بمجرد الإعلان عن تعيينه محافظا للبنك المركزى فى 21 أكتوبر الماضى". وفي إشارة إلى "أول القصيدة" كشف الولي أن طارق عامر التقى "رئيسي البنك الأهلى ومصر، ليتم الإعلان عن رفع فائدة شهادات الادخار بالبنوك العامة الثلاثة من 10 % إلى 12.5 %". وأنه برر ذلك "بالسعى لامتصاص السيولة من السوق لخفض التضخم، ودفع حائزى الدولار إلى التخلى عنه، وتحويله إلى جنيه مصرى للاستفادة بفارق سعر الفائدة، مثلما حدث عام 1991". وأنه لم يتم ما أراد و"استمر التضخم مرتفعا، وزاد تمسك حائزى الدولاربه". وأضاف الولي أن عامر بشكل شخصى وقبل إعلان تشكيل المجلس التنسيقى فى 26 نوفمبر، عقد اجتماعه الأول فى 17 ديسمبر، الذي رفع فيه سعر الفائدة بنسبة (0.5%) فى ديسمبر. مشيرا إلى أنه "خلال ديسمبر أيضا أعلن شروط جديدة للاستيراد، تقصر قبول مستندات التحصيل لعمليات الاستيراد على الواردة من البنوك الخارجية وليس من العملاء، ورفع نسبة التأمين النقدى لفتح تمويل الاستيراد السلعى إلى 100 % بدلا من 50 %، وعمم ذلك حتى على إصدار خطابات ضمان بخصوص عمليات الاستيراد". وتابع "ثم صدرت 5تعديلات للضوابط الاستيرادية التى أعلن عامر أنها تستهدف تقليل الواردات، وواكب ذلك قرارات لوزير التجارة تحتم على الشركات الموردة الحصول على شهادة من هيئة الرقابة على الصادرات، وكذلك قرارات للجمارك بأسعار استرشادية أعلى فى قيمتها لتقليل الواردات، وكذلك رفع الرسوم الجمركية لنحو 600 سلعة". قيود لم تمنع زيادة الواردات وعن انعكاسات الضوابط كشف "الولي" أن "الربع الأول من العام الحالى، شهد خفضا حادا لقيمة الجنيه أمام الدولار فى 14 مارس بنحو 112 قرشا، برره المحافظ بأنه سيزيد قيمة الصادرات والسياحة، ورغم ذلك؛ أشارت بيانات ذلك الربع الأول إلى تراجع قيمة الصادرات السلعية بنسبة 10 %، بالمقارنة بنفس الربع من عام 2015، والأخطر نمو قيمة الواردات رغم كل القيود بنسبة 7 % بالمقارنة بالربع المقابل". وأضاف أن "المحافظ" استمر فى رفع سعر الفائدة على الودائع سواء بالجنيه أو بالعملات الأجنبية، حيث تم الإعلان عن شهادات دولارية تحمل اسم بلادى للمصريين بالخارج، بالتعاون مع وزارة الهجرة بفائدة وصلت إلى 5.5 % لشهادات الخمس سنوات، وتلاها إصدار شهادة بلادى باليورو للمصريين بالخارج". ونبه إلى أن "كلتا الشهادتين سواء بالدولار أو باليورو لم تحققا الحصيلة المناسبة رغم جولات مسؤولى البنوك بدول الخليج ووزيرة الهجرة بعدة بلدان أجنبية للترويج لها"، ولهذا "اتجه المحافظ إلى رفع فائدة الشهادات الدولارية للبنوك العامة الثلاثة: الأهلى ومصر والقاهرة، والتى وصلت فائدتها إلى 5.75 % للشهادات ذات السبع سنوات، لكنها هى الأخرى لم تحقق الحصيلة المنتظرة". وتابع "ثم اتجه إلى زيادة الفائدة إلى 15 % لشهادة الجنيه، بشرط التنازل عن العملات الأجنبية وتحويلها إلى جنيه، لكنها أيضا لم تحقق الحصيلة المرجوة خلال فترة الشهرين اللذان قيل أنه سيغلق باب الاكتتاب بها بعدهما، ومع ذلك استمرت البنوك العامة الثلاثة فى تلقى الاكتتابات بها".   الارتداد السلبي للعطاءات    ورأى "الولي" أنه "نظرا لاقتصار زيادة الفائدة على شهادات الادخار بالبنوك العامة وعدد قليل من البنوك الخاصة شبه الحكومية، اتجه "عامر" لزيادة الفائدة بالجهاز المصرفى عموما، فى مارس بنسبة 1.5 %، ومرة أخرى فى يونيو بزيادة 1 %، لتزيد الفائدة خلال ست شهور من تواجده ثلاث مرات بنسبة 3 %، وهو أمر أضر كثيرا بالشركات المقترضة وزاد تكلفة فائدة الدين الحكومى مما زاد عجز الموازنة". وأشار رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام سابقا، أن "عامر" لم يكتف برفع الفائدة وقيود الاستيراد وخفض سعر صرف الجنيه، بل اتجه إلى كروت الائتمان، فتم التشدد معها سواء بمنع تعاملها بالدولار داخل مصر للكروت المصدرة من بنوك محلية، وخفض حدود السحب الشهرى، وإلغاء فترات السماح، وزيادة عمولات تدبير الدولار والتدقيق فى نوعية العملاء الممنوحة لهم. وأضاف انه "استخدم العطاءات الاستثنائية كوسيلة لطمأنة السوق، حتى أنه ضخ 2.4 مليار دولار خلال عشرة أيام من شهر مارس، كما ضغط على قيادات بنوك محلية لإيداع عملات أجنبية بالمركزى للحفاظ على رقم الاحتياطى من العملات  الأجنبية لتظهر به زيادات طفيفة. وأوضح أن مجموعة من العوامل قللت الثقة في تصريحات طارق عامر منها "قيام المركزى بإجبار البنوك المتلقية للعطاءات الاستثنائية على ردها فى صورة وديعة بالمركزى بفائدة 1.2 %، واستمرار تحول صافى الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفى إلى الجانب السلبى منذ شهر نوفمبر وخلال الشهور التالية، وسحب البنوك أرصدتها الخارجية.. والكشف عن الضغوط على بعض البنوك لوضع ودائع دولارية بالمركزى، وتهديد بعض من لم يستجيبوا بإقصائهم عن مواقعهم بمبرر مرور 9 سنوات على توليهم مناصبهم".   ضعف قوة الجنيه الشرائية   وحذر مموح الولي من أن "الأخطر..هو انخفاض الثقة لدى الكثيرين فى المحافظ وتصريحاته، من خلال الإطلالات الثلاثة التى أطل على  الجمهور بها، حين تعهد فى حديث تلفزيونى فى 21 فبراير الماضى، بالحفاظ على القوة الشرائية للجنيه المصرى، وقوله أن القوة الشرائية للجنيه المصرى قضية أمن قومى، لا يمكن أن يتخلى عنها المركزى للحفاظ على القيمة الحقيقية لمدخرات المواطنين حتى لا تتآكل، وبعدها بأقل من شهر خفض قيمة الجنيه 112 قرشا دفعة واحدة! وأضاف "كذلك قوله أن وزارة المالية أخطات حين جعلت سعر الدولار 8.25 جنيه بالعام المالى الجديد، والذى كان سيبدأ أول يوليو، وأنه لا نية لتعويم الجنيه فى ظل الاحتياطى الحالى من العملات الأجنبية، وإذا به بعد ثلاثة أسابيع من لومه لوزارة المالية يصل بالسعر الرسمى بالبنوك إلى 8.88 جنيه!" وأشار أيضا إلى قوله بنفس حوار فبراير أن "مصر ليست دولة عالية المخاطر، بينما تصنيف مصر المتدنى لدى كل وكالات التصنيف الدولية يؤكد مخاطرها العالية وارتفاع نسبة الهامش على تأمين قروضها، بل هو نفسه ذكر أن نسبة الدين العام أصبحت توازى الناتج المحلى!". وحصر كذلك "تباهيه بالحوار بقلة زيادة الدين الخارجى"، بينما أوضح الولي أن "الدين الخارجى حقق فى مارس الماضى وفى عهده رقما غير مسبوق بلغ 53.4 مليار دولار وبزيادة قاربت على الست مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر فقط"، إضافة لإعلانه مؤخرا "طرح سندات بحوالى 3 مليار دولار فى سبتمبر، وترحيبه بقرض الصندوق الدولى، بخلاف قرضى البنك الدولى والأفريقى مما سيزيد الدين الخارجى أكثر!"   وعود الاستثمارات!    وأعتبر "الولي" أن وعود المحافظ باستثمارات لم يتحقق منها شئ، موضجا أنه فى حوار تلفزيونى ثان فى 27 مارس وبعد خفض الجنيه قال المحافظ "لا توجد أزمة دولار بمصر"، فى حين يعلم الكافة تراجع إيرادات السياحة والصادرات والتحويلات والقناة والمعونات.. واستمرار الفارق الكبير فى سعر صرف الدولار بالسوق الموازى والصعوبات التى تجدها الشركات لتدبير احتياجاتها الدولارية، وتوقف العمل ببعض المصانع بسبب ذلك واضطرارها للتعامل مع السوق السوداء". مضيفا أنه "توقع مجيء استثمارات صينية بحوالى 30 مليار دولار بعد زيارته الصين، وتوقعه مجيء 5 مليار دولار على الأقل من الصناديق الأجنبية للاستثمار فى أذون الخزانة المصرية، بعد خفض قيمة الجنيه وإيجاد نطام تحوط يكفل لها الخروج بنفس سعر الصرف يوم دخولها. وأوضح أن "الاستثمارات الصينية لم تأت، وكذلك لم تقبل الصناديق الأجنبية على الاستثمار بأذون الخزانة المصرية إلا بأرقام هزيلة، مضيفا قوله بأنه لا يوجد مبرر لدى المواطن للتعامل على العملات الأجنبية خارج الجهاز المصرفى، رغم الفارق الكبير بين السوقين الرسمى والموازى". وكشف أن الإطلالة الثالثة للمحافظ من خلال تصريحات صحفية فى الثالث من الشهر الحالى، أعلن فيها أن الزيادة الشهرية للودائع الدولارية أصحبت 700 مليون دولار شهريا، وبعد حديث بأقل من أسبوعين كشفت بيانات البنك المركزى أن إجمالى الزيادة بالودائع الدولارية بالبنوك بشهر أبريل، بلغت 115 مليون دولار فقط متضمنة فوائد أرصدة الودائع القديمة. ولفت إلى إعلانه أن "المركزى يستهدف تضخم أقل من 10 %، فكيف يتم ذلك مع استمراره فى رفع الفائدة التى ترفع تكلفة التمويل على الشركات الإنتاجية، كذلك أعلن تخليه عن الحفاظ على سعر الصرف، رغم أن تراجع الجنيه مرة أخرى خلال أقل من أربعة أشهر أمام الدولار". وأوضح أن ذلك يعني "المزيد من ارتفاع الأسعار للسلع المستوردة، وتآكل القيمة الشرائية لمدخرات المصريين، والتى تعد العماد الرئيسى للجهاز المصرفى، والتى تعتمد عليها الحكومة لتمويل عجز موازنتها وسداد فوائد وأقساط ديونها".