اعتبر مراقبون وسياسيون الجمعية العمومية التي انعقدت بنقابة الصحفيين أمس، عمومية للهتافات بلا نتائج فعلية، مقللين من القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د.حازم حسني، في تدوينة على صفحته على فيس بوك، أمس، "اجتمع هذا العدد من الصحفيين في نقابتهم رغم حالة اليأس والإحباط التي تسيطر علينا وعلى الشعب المصري كله.. هتفت الصحفيون المجتمعون "عاش نضال الصحفيين" و"عيش حرية الجزر دي مصرية".. المنصة، مثلها مثل من الحضور، كانت مشتعلة بكلمات المتحدثين، إلا من اثنين.. وللأسف كان النقيب واحدا منهما".
ودان حسني نهج الدبلوماسية وعدم التصعيد الفعلي الذي تتبعه نقابة الصحفيين، قائلا: "هذه اللهجة الضعيفة لم تبدأ اليوم، بل بدأت منذ اقتحام النقابة واعتقال زميلين من داخلها، وبالتالي لم يعد من الممكن تحمل هذا الوضع المزري."، مشيرا، "في اجتماع الجمعية للنقابة في مايو الماضي حضر ألاف الزملاء الغاضبين، واتخذوا قرارات مهمة، ولم ينفذها المجلس والنقيب، وهو ما أدى إلى حضور عدد أقل من الزملاء في اجتماع الأربعاء"..
متسائلا: "فهل سنصمت لنرى الصحفيين يبتعدون اكثر وأكثر عن نقابتهم ومشاكلها وأزماتها؟ هل سنظل ساكتين بحجة أن المجلس "منقسم"؟!!.. هل سنظل نقول "أصل فيه 5 من أعضاء المجلس مع النظام وبيشتغلوا لحسابه ضد النقابة والصحفيين؟!!".
متابعا: "في اجتماع الجمعية العمومية السابق خرجنا بتوصيات أعمق وأكثر جذرية، وفي اجتماع "الأربعاء" تدنت التوصيات لدرجة وصلت لاقتراح وحيد ممكن أن ينفذه جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات مثلا، أو حتى 5 من الزملاء مجتمعين في الكافتريا".
واقترح حسني تشكيل "جبهة استقلال الصحافة" تتخرر من قيود دبلوماسية النقابة، وتطكون أكثر ثورية ، في مجابهة النظام الحاكم من أجل قضايا الرأي والتعبير.. قائلا: "آن أوان أن نعلن الصدام مع هذا المجلس، ليظهر بين جموع الصحفيين نموذج أخر من العمل النقابي يحتوي غضبهم.. لسنا أقل من القضاة عندما دشنوا جبهة "استقلال القضاة" وحاربوا نظام مبارك ومجلسهم وباقي القضاة الموالين لدولة لتزوير الانتخابات.. فلنشكل جبهة أكثر راديكالية تقدم رؤيتها لجموع الصحفيين الغاضبين، ليخرج منها مرشحين في الانتخابات القادمة، وكل انتخابات، لمواجهة الإصلاحيين ومرشحي الحكومة.
ولنبدأ ببيان نرفض فيه أداء النقيب والمجلس وأدارته للأزمة الحالية
#عاش_نضال_الصحفيين"..
أما الإعلامي هشام فؤاد فكتب على فيس بوك، قائلا: "اجتمعنا في النقابة ولم نخرج بقرارات عملية لمواجهة الهجمة الشرسة.. خرجنا بلجان ستتحول عمليا إلى مجرد اجتماعات شكلية في ظل استراتيجة الأسقف المنخفضة التي يتحرك وفقها النقيب"، مشددا على أن "الصحفيون يحتاجون إلى قيادة بديلة تقنع الجمهور الغاضب من أداء مجلس النقابة ع مدى عمر المعركة وتفعل قرارات الجمعية العمومية وتخوض المعركة باستقامة".
وشهدت نقابة الصحفيين، أمس الأربعاء، جمعية عمومية "ساخنة"، على الرغم من ضعف مشاركة الصحفيين فيها.
اتسمت كلمات المتحدثين بالقوة والحسم والمواجهة المباشرة مع النظام، على الرغم من ميل نقيب الصحفيين المصريين، يحيى قلاش، إلى التهدئة والدعوة لعدم تحويل الاجتماع إلى مظاهرة.
وتعدّ الكلمة التي وجّهها النائب في مجلس النواب، محمد عبدالعليم داود، الأقوى في الاجتماع، إذ قال "عيب بقى.. عيب عليك تطلع تقول قضية الصحفيين ليست قضية رأي بل قضية جنائية"، موجهًا حديثه لعبدالفتاح السيسي.
وأضاف "الأجيال التي تواجهها، اليوم، بعصا الأمن الحديدية والقبضة المعادية للحريات، هي الأجيال التي ترعرعت في ظل أحزاب سياسية قوية، وهي التي كانت طليعة ثورة 25 يناير 2011، وهي الأجيال التي أتت بك أنت ونظامك لسدة الحكم، ولولاهم كان زمانك تحلف قسم اليمين أمام جمال مبارك لمنصب محافظ كفر الشيخ أو بني سويف بالكتير قوي".
ووجه داود، وهو صحفي ونقابي مصري أيضًا، كلمته لمجلس نقابة الصحافيين: "موقف النقابة في معركة قانون 93 كان أقوى من ذلك بكثير.. مسألة الطبطبة هذه لن تجدي مع نظام العصا الغليظة"، وطالب المجلس بالوقوف بحسم أمام الهجمة الشرسة على حرية الإعلام والرأي في مصر، وأضاف "لا يا بيه.. فُوق، أنت لا تملك أي رؤية سياسية.. أنت لا تملك سوى شوية مخبرين حواليك".
وكان قانون 93 قد شهد معركة حاسمة في مجلس نقابة الصحافيين عام 1995، وامتدت لأكثر من عام، ظلت خلاله الجمعية العمومية غير العادية في حالة انعقاد مستمر لمواجهة القانون الذي وضع قيوداً غير مسبوقة على الحريات الصحافية، واشتهر بـ"قانون حماية الفساد"، وتضمن تعديلات مثل "تغليظ العقوبات في جرائم النشر، وإلغاء ضمانة عدم الحبس الاحتياطي للصحافيين في جرائم النشر".
وأضاف "نريد حلاً إصلاحياً وليس حلاً ثورياً.. النظام لا يتوارث إلا الغباء.. اعملوا حاجة علشان وطنكم".
بدوره، قال النقابي والكاتب الصحفي، رجائي المرغني "لا أتصور أن يتنازل هذا النظام عن أي شيء طواعية.. وهو ما تؤكد عليه الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية والمحلية التي تشير إلى تردي مجمل الأوضاع في مصر على كل المستويات".
وأضاف "قَدَر هذه النقابة أن تظل تقاوم الضغوط وتدافع عن كرامة وشرف الصحافيين وكيان النقابة، وتستعصي على كل محاولات التطويع والكسر".
ولم تقطع الهتافات في القاعة إلا مداخلة قلاش الذي قال "لا داعي للمزايدات، فنحن مجلس تحمل المسؤولية كاملة ومستعدون للسجن 10 سنوات ولو على حساب نقابتنا وكرامتنا.. وهذا ثمن بخس.. ولكن أرجو عدم تحويل الاجتماع من نقاش أوضاع الصحافيين لمظاهرة.. فجميعنا له مواقف وآراء يحترمها الجميع، ولا نريد أن نحيد عن أجندتنا".
وبعد انتهاء الاجتماع، نظم الحضور وقفة على سلم النقابة رددوا فيها هتافات مثل "عوم عوم في الجنيه.. بكرة الثورة تقوم يا بيه"، و"يا شوكان يا أنا كيف العتمة في الزنزانة.. كيف السجن والسجانة"، و"ادي اديها كمان حرية.. وابعت هاتلنا ميت عربية.. وابعت هاتلنا مليون شويش.. آه يا حكومة ماتختشيش"، و"ولا بنخاف ولا بنطاطي.. أصل الواطي هيفضل واطي"، و"القضية مش جنائية.. قولي فين هي الحرية"، رداً على تصريحات السيسي التي أطلقها، أمس الأول، بأن قضية الصحافيين جنائية ولا علاقة لها بالحريات.