هويدي: اعتقال “أطفال شوارع” لن يسكت أصوات الشباب المشتعلة

- ‎فيأخبار

قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي، في تعليقه على اعتقال أعضاء فرقة غنائية ساخرة تسمى "أطفال الشوارع"، بتهمة التحريض على مؤسسات الدولة، موضحا أنها كانت تلك المرة الأولى التى سمع فيها باسم الفرقة، فتتبع نشاطها ووجد أنها ضمت عددا من الهواة الذين لجؤوا إلى تأليف بعض المقاطع الساخرة التى تنتقد الأوضاع السياسية الراهنة في مصر، وأنهم ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأشار هويدي، خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم السبت، إلى أنهم نشروا أخيرًا مقطعًا تحت عنوان "السيسى رئيسى"، كما تندروا على شعار "تحيا مصر". وقد حاز فيديو الفرقة الأخير على أكثر من ٢٨٥ ألف مشاهدة على صفحتها على موقع فيسبوك، لافتا إلى أنه حين طالع المقاطع التي أعدها هؤلاء وجدها خفيفة الظل وبسيطة التعبير، ومضمونها لم يختلف كثيرا عن الرسوم الكاريكاتورية التي تنشرها الصحف المستقلة، ولم يجد في أداء "أطفال الشوارع" شيئا يختلف كثيرًا عما يتردد في حلقات الجالسين على المقاهي، الذين يتداول بعضهم أحدث النكات والقفشات في السياسة وغير السياسة.

 

وقال هويدي: "لا أعرف من الذي نصح بملاحقة الفرقة وسخرياتها المرة. وأخشى إذا استمرت تلك السياسة أن يتحول نصف الشعب المصري إلى متهمين؛ لأن النكتة لا تفارق جلساتهم. في الوقت الذي لا أشك في أن الداخلية قدمت خدمة جليلة للفرقة المغمورة. حين حولت أعضاءها إلى نشطاء سياسيين رغما عنهم، ووفرت لهم حملة دعائية لم يحلموا بها. ذلك أن الإجراء الذي اتخذ بحقهم صار خبرًا بثته الإذاعة البريطانية في أكثر من فقرة، وتناقلته بعض وكالات الأنباء العالمية. كما أنه حظ بحصة معتبرة من النشر في الصحف المصرية والعربية".

 

وأضاف: "ما لاحظته أيضا على التغطية الإخبارية للحدث أن مصادر التحقيق كررت اتهام الفرقة بالإساءة إلى مؤسسات الدولة. وفيما تابعته من تسجيلات فإنني لم أجد أثرا لمثل تلك الإساءة، فضلا عن أنها لم تتضمن إشارة إلى أي مؤسسة في الدولة. وحدها كانت وكالة أسوشيتدبرس التي تحدثت عن أن إشارة الفرقة إلى اسم السيسي هي السبب الحقيقي لإجراءات الضبط والتحقيق التي أجريت لهم". 

 

وأوضح أن لجوء تلك المجموعة الصغيرة من الهواة إلى الأسلوب الساخر في نقد السياسة له مغزاه المهم، واختيارهم هذا الأسلوب يعبر عن متغير حاصل فى المجتمع وحيوية ما زالت جذوتها مشتعلة بين الشباب، وبدلا من تفهم الحالة والتعامل معها بأسلوب واع ورصين، فإن الأجهزة الأمنية لجأت إلى قمع الشباب وتأديبهم. فتصرفت بحساسية واعتبرت أن أي انتقاد للسيسي حتى إذا جاء في سياق فقرة ترويحية إساءة للدولة بأسرها.

 

وأكد أن في مصر جهات باتت تتفنن في إسكات أصوات النقد بمختلف السبل، وسمعت في هذا الصدد من بعض المحامين عن تهم مدهشة تسعى لفرض الإسكات باسم القانون. من ذلك مثلا اتهام من أعلن اعتراضه على إلحاق الجزيرتين بالمملكة السعودية بأنه "استخدام القوة اللفظية لمنع الرئيس من أداء واجباته"، ومصطلح القوة اللفظية بمثابة صياغة مبتكرة للإسكات. من ذلك أيضًا توجيه تهمة "الجهر بالصياح" لمن هتف بما لا يرضي السلطة.

 

وشدد هويدي على أن تضييق الخناق على صور التعبير حتى إذا كانت على سبيل السخرية والتهريج، يسيء إلى النظام بأكثر مما ينفعه، فضلا عن أنه يشيع حالة من الإحباط واليأس بين النشطاء الذين يفترض أن يكونوا في طليعة المتفائلين بالمستقبل.