7 أسرار و6 حقائق في كشف “إيني” للغاز الطبيعي بالبحر المتوسط

- ‎فيتقارير

كتب- أنور خيري

بين الإفراط في الفرحة التي بدت فوق حدود التصور في الإعلام المصري عن إعلان شركة إيني الايطالية عن اكتشافها حقل "الشروق" بالمياه الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط، أمس الأحد، الذي يضم احتياطيا بنحو 30 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما يعادل 5.5 مليون برميل من النفط، يبدأ الإنتاج بعد 4 سنوات من الآن، وما بين التقليل من الإنجاز المهم لشعب مصر الذي يعاني من أزمة طاقة منذ عشرات السنين.

عبرت الحالة الهيستيرية للإعلام الموالي للانقلاب العسكري عن عدة أمور يمكن تسميتها بالأسرار، لا بد من التوقف عندها.. أهمها:

7 أسرار
1-     فشل كبير.. بدا واضحا للعيان، حيث لم يحقق السيسي ونظامه الذي صوره الإعلام بأنه المنقذ للشعب المصري من توحش الإخوان، أية نتائج مجتمعية ملموسة للمواطن المصري، حيث زاد الفقر وارتفعت الأسعار وتفاقمت البطالة، مع إغلاق المصانع وانهيار الجنيه ورفع الدعم عن الكهرباء والوقود، فاستمرت معاناة المواطنين، فوجد الإعلام فرصة لتسويق السيسي مجددا، رغم قناعة قطاعات كبيرة من مؤيديه بفشله الذريع، وتحول كثير من مؤيدي الانقلاب عن تأييد السيسي لأسباب مختلفة، منها استمرار القمع والقتل والاستبداد، أو بسبب قانون الخدمة المدنية، ومن ثم وجدنا رئيس الوزراء يصف نفسه بأن "ربنا راضي عنه!!".

2-     يأتي تحذير حازم حسني، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، من الفرحة الزائدة، ليضع شركة إيني أمام مسؤوليتها، حيث أكد حسني أن "بيانات شركات البيزنس ليست دائمًا حقيقية.. وماحدش عارف إيه اللي بيحصل في الكواليس!"، مشيرا إلى أنه في كثير من الأحيان يكون الإعلان عن مثل هذه الأمور سببه الرئيسي دعم أسعار أسهم الشركات في البورصة، أو دعم موقفها التفاوضي مع بلدان أخرى".

وتابع: "خليكوا فاكرين إن إعلان شركة "أرابتك" عن بناء مليون وحدة سكنية، كان هدفه من ناحية دعم السيسي في الانتخابات، ومن ناحية ثانية دعم أرابتك في البورصة، ودعم رئيسها في اجتماعات مجلس الإدارة، وعارفين إنه لا المليون وحدة اتبنوا، ولا رئيس أرابتك نجح فى إنه يخدع مجلس الإدارة فى بلده!".

ولعل ما يشير إلى بعض المخاوف التي حذر منها حسني، ما جاء ببيان الشركة الصادر اليوم الإثنين، حيث قال الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية، كلاوديو ديسكالزي، اليوم الإثنين: إن الشركة منفتحة على بيع حصة في كشف الغاز الكبير الذي حققته في المياه الإقليمية المصرية في البحر المتوسط.

وأضاف المسؤول في الشركة الإيطالية، في مقابلة صحفية نشرت اليوم، أن "الباب مفتوح لإعطاء قيمة ومتانة لميزانية إيني العمومية.. لكننا لن نفعل بذلك بالضرورة".

3-     وهم التقديرات الأولية، لا بد من أخذه بالاعتبار، كما يقول الباحث في شؤون البترول الخبير أحمد زهران- في تدوينته التي تم تداولها على نطاق واسع-  "في حاجة في اكتشافات الغاز والبترول اسمها P1 و P2 و P3"، واللي بتوصف كمية البترول والغاز المكتشف.. P1، وهي تعني كمية الغاز أو البترول المؤكد (الذي يرته المهندسون".. أما  P2 هو كمية الغاز أو البترول إلى الجيولوجيين مش شايفينه بس متأكدين بنسبة معقولة إنه موجود".

أما P3، فهو كمية الغاز أو البترول المرجح وجوده في بقية الحقل لكن بدون دليل قوي يثبت وجوده".

وأضاف زهران أن "الشركات الدولية لما بتعلن عن كشف جديد بتحاول تكبر في الـP3 على قد ما تقدر عشان تزود من قيمة الكشف، وبالتالي تزود من قيمة الشركة"، مشيرا إلى أن "أشهر قصة في الموضوع ده هي قصة شركة شل في عام ٢٠٠٤ تقريبا لما قامت الشركة بتقييد بعض كميات البترول المكتشفة تحت بند P3 على أنها P2 في حسابات الشركة.. وعندما تم اكتشاف الموضوع استقال رئيس الشركة، وكانت ورطة كبيرة لشركة المحاسبة القانونية لشركة شل .. ده طبعا تسبب في هبوط سعر سهم شركة شل".

وأردف "طبعا في الدول اللي حكوماتها فاسدة زي عندنا بيتطابق هوى الشركات في تضخيم الكشف مع هوى الموظفين الباحثين عن سبوبة، وبينتج عن ده أوضاع زي الي حصل زمن سامح فهمي والمخلوع مبارك من مبالغة في كميات احتياطي الغاز، بهدف التشجيع على تصدير الفائض، وفي نهاية الأمر تمضي عقود تصدير فاسدة بأسعار بخسة على أساس إن عندك كتير… ساعتها قالوا مصر عندها ٧٠ تريليون قدم مكعب، وهللوا واتصوروا وصدروا، وبعدها بكام سنة ابتدينا نستورد فحم!!!". ‏‎داعيا لانتظار "متابعة الأرقام الخاصة بالاحتياطي المؤكد P1 ".

4-     جاء إعلان الاكتشاف بعد ثلاثة أشهر من توقيع الحكومة المصرية اتفاقا لتعديل الأسعار مع شركة إيني الإيطالية، في مطلع يونيو الماضي، مقابل أن تضخ الشركة استثمارات بـ4 مليار دولار، مقابل الاستحواذ على ثلثي الغاز المستخرج والثلث لمصر، وإذا أرادت مصر شراء غاز من الثلثين الآخرين يكون بالسعر العالمي، وقالت وزارة البترول في 1 يونيو 2015، إن توقيع الاتفاقية مع إيني يمهد إلى "تعديل سعر الغاز في بعض الاتفاقيات ومد العمل في بعضها." وبذلك أصبحت إيني ثاني شركة تتوصل إلى اتفاق لتعديل سعر الغاز مع الحكومة.

ففي مارس، اتفقت مصر على تعديل السعر مع مجموعة النفط والغاز الألمانية آر.دبليو.إي ديا الألمانية، ليبلغ 3.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بدلا من 2.5 دولار.

وأضافت الوزارة أن الاتفاق ينص على "تقديم منح توقيع غير مستردة 10 ملايين دولار، بالاضافة إلى منح توقيع مستردة على 5 سنوات تبلغ 505 مليون دولار، واتفق الطرفات على أن تستخدم المنح المستردة وغير المستردة في خفض مستحقات إيني لدى هيئة البترول".

5-     ووفقا للمتوفر من بيانات، فإن الشركة الإيطالية ستحصل على نسبة ضخمة من الإنتاج، ويبقي لمصر ربما 20 -30% فقط، أي أن الفائدة الكبرى ستكون للشركة، وستظل مصر تشتري الغاز والبترول بالدولار سواء من خارج مصر أم من داخلها، وفق قوانين الشركات متعددة الجنسيات.. أي ستستمر أزمة الدولار والديون.

6-     الإعلان عن الكشف الغازي في المتوسط يفتقر للشفافية في إعلان شروط التعاقد وتفاصيل شراكة الإنتاج مع إيني الإيطالية وحصة مصر من ثرواتها الطبيعية، وغياب الشفافية في التعاقد أو طريقة التعامل في إنتاج حقل "الشروق"، وتشير خبرات المصريين السابقة إلى اعتماد السيسي ونظامه عدم الشفافية، فالسيسي تنازل عن حقول غاز مصرية عملاقة لقبرص وإسرائيل، ولم يفصح للآن عن شروط التعاقد مع إيني الايطالية".

7-     موقف إسرائيل الحقيقي من الشعب المصري، وتكشف ردود الفعل الإسرائيلية إزاء كشف إيني حقيقة الاستراتيجية الإسرائيلية للحفاظ على الشعب المصري ضعيفا، لضمان استمرار التفوق الإقليمي، حيث اعتبر محللون في الصحف الإسرائيلية، (هآرتس، ويديعوت أحرونوت)، اليوم الإثنين، أن الإعلان عن اكتشاف حقل الغاز المصري الجديد، وفق بيان الشركة الإيطالية (ENI)، يشكل ضربة قوية لحكومة إسرائيل، التي قالوا إنها "تماطل في إدارة قطاع الغاز الإسرائيلي"، وأن الكشف يهدد الكيان الاقتصادي لإسرائيل، فيما انهار سوق الأسهم الإسرائيلية اليوم.

يذكر أنه في يونيو الماضي، كشفت مصادر مسؤولة في مصر عن أن الحكومة تُجري مفاوضات ثلاثية مع الاحتلال الإسرائيلي وإسبانيا بشأن استيراد كميات من الغاز الطبيعي المُنتج من حقل "تمار" الإسرائيلي، الواقع شرق البحر المتوسط، لصالح محطة الإسالة في دمياط .

"6 حقائق"
 
1-     يذكر أن مصر تستورد منتجات نفطية من الخارج بقيمة 1.3 مليار دولار شهريا، وفق هيئة البترول المصرية.
2-     تسيطر الشركات الأجنبية على أنشطة استكشاف وإنتاج النفط والغاز في مصر، ومنها بي.بي وبي.جي البريطانيتان وإيني الإيطالية، وسددت مصر 9.370 مليارات دولار من مستحقات شركات النفط الأجنبية خلال تسعة أشهر حتى 31 مارس الماضي، ليتبقى لها 3.285 مليارات دولار فقط، غير أن خبراء اعتبروا سداد هذه القروض "وهمياً"، على أساس أنه تم عبر الاستدانة من السوق الدولية والمصارف المحلية.

3-     يشهد إنتاج مصر من الغاز تراجعا منذ منتصف التسعينيات، لا سيما من الحقول القديمة بخليج السويس ودلتا النيل.

 
4-     رفضت المصارف الحكومية منح الهيئة العامة للبترول قروضاً بقيمة 4 مليارات دولار، لشراء مواد نفطية من الخارج خلال فصل الشتاء المقبل، وسداد جزء من مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب عن الغاز في مصر.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة البترول في تصريحات صحفية، مؤخرا، أن رفض المصارف إقراض الهيئة التابعة لوزارة البترول جاء بسبب تجاوز الهيئة الحد الأقصى المسموح به للاقتراض من المصارف المحلية، والتى بلغت بنهاية العام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2015، نحو 48 مليار جنيه (6.2 مليارات دولار)، فيما ترى وزارة البترول أن رفض المصارف إقراض الهيئة المسؤولة عن تدبير المشتقات النفطية للسوق، سيؤدي إلى رفض العديد من الدول والشركات الخارجية إمداد البلاد بكميات من المواد البترولية، خاصة في فصل الشتاء، الذي يزداد فيه الطلب على المشتقات، فضلا عن ضعف ثقة الشركات الأجنبية محليا في التعاون مع الهيئة.

ورأى المسؤول أن عدم تقديم المصارف قروضا جديدة لهيئة البترول سيضعها فى ورطة كبيرة خلال الأيام المقبلة، مضيفا أنه لا بد من حصول الهيئة على مستحقاتها المتأخرة لدى المؤسسات والجهات الحكومية المختلفة التي تصل إلى 195 مليار جنيه (24.9 مليار دولار)، هذه الأموال ستحل العديد من المشاكل لدينا"، مضيفا أن الحكومة بالكامل متورطة في عدم حل أزمة وزارة البترول"، مشيرا إلى أن وزارات الكهرباء والمالية والنقل والطيران المدني وبعض شركات قطاع الأعمال العام، تتصدر قائمة الجهات الحكومية المدينة لهيئة البترول.

5-     الوضع الاقتصادي المصري الآن في مرحلة خطرة، نتيجة الاعتماد الكلي على المساعدات العربية، والتي أصبحت الداعم الرئيسي للاقتصاد، فالمرحلة المقبلة تتطلب حلولا غير تقليدية للكثير من المشاكل التى تمر بها البلاد"، وتستورد مصر منتجات نفطية من الخارج بقيمة 1.3 مليار دولار شهريا، وفق هيئة البترول المصرية. وتلقت مصر، خلال السنوات الأخيرة، منحا ومساعدات مالية ونفطية من دول خليجية، خاصة السعودية والإمارات والكويت، آخرها وديعة من هذه الدول، بقيمة 6 مليارات دولار قبل منتصف العام الحالي، بمعدل ملياري دولار لكل دولة.

6-     يتوقع محللون أن تلجأ الحكومة إلى زيادة أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة، وهو ما يعني زيادة الأعباء الاقتصادية على محدودي الدخل والفقراء، فيما تضاربت تصريحات المسؤولين الحكوميين حول إقرار زيادة جديدة في أسعار البنزين والسولار، خلال العام المالي الحالي. وتبقى أزمات الانقلاب مستمرة في الداخل والخارج، فيما يتوقع كثيرون أن لا يهنأ نظام السيسي باكتشاف إيني، مرجحين سقوط نظام السيسي قبل السنوات الأربع التي يحتاجها الكشف ليرى النور!! بفعل الانهيارات الاقتصادية والصراعات السياسية بين دولتي السيسي ومبارك، وثبات المناوئين للسيسي في حراكهم الثوري!!.