كتب رانيا قناوي:
أثار الاستعراض الضخم الذي نشره نظام الانقلاب في وجود قائده عبد الفتاح السيسي بالصوت والصورة لمنشآت وتجهيزات وأسلحة قاعدة محمد نجيب العسكرية شمال غرب البلاد، ردود أفعال غاضبة ضد محتويات القاعدة التي أنفق عليها النظام مليارات الجنيهات من جيب الشعب المصري، في الوقت الذي يتزايد عدد المصريين القابعين تحت خط الفقر لأكثر من 45%.
وعلق الكاتب الصحفي جمال سلطان خلال مقال له بصحيفة "المصريون" مساء أمس الأحد، بأن ما نشر كلام مبالغ فيه لأن الناس رأت مئات الدبابات وعشرات الطائرات المروحية وثابتة الجناح بخلاف منشآت هائلة، لكن المؤكد أن هناك منشآت أخرى لم تعرض لأسباب مختلفة، مثل السجن العسكري بالقاعدة والذي من الطبيعي أن يتناسب مع ضخامة القاعدة وأنها أضخم قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، ولكن كل ذلك لا يتصور معه أن يكون ما عرض هو فقط خمس قدرات ومنشآت القاعدة.
وتضم القاعدة العسكرية الجديدة 1155 مبنى ومنشأة، وتزعم سلطات الانقلاب أن مهمتها تأمين محطة الضبعة النووية وحقول البترول والحدود الغربية، ولها 4 بوابات رئيسة و8 بوابات داخلية للوحدات، وتضم مدينتين سكنيتين للضباط وضباط الصف، وقاعة للمؤتمرات متعددة الأغراض تسع 1600 فرد. كما تضم ملاعب ومنشآت رياضية وزراعية وحمامات سباحة وغيرها.
وتحتوي على 50 وحدة للطاقة الشمسية؛ للاعتماد على خلايا للطاقة الشمسية في أعمال الإنارة لأجزاء من القاعدة، وتستهدف تحقيق جزء من الاكتفاء الذاتي، من خلال إنشاء العديد من المزارع والمساحات الخضراء، بزراعة 379 فدانا بالأشجار المثمرة، وزراعة 1600 فدان بمحاصيل القمح والشعير والفول.
ونشر المتحدث العسكري، في بيان بالتفصيل، بيانات القاعدة العسكرية الجديدة، محمد نجيب العسكرية، بمدينة الحمام، وقاعدة براني العسكرية بالمنطقة الغربية، مؤكدا أن هدفها هو "تنفيذ أي مهمة تكلف بها لحماية ركائز الأمن القومي المصري على كافة الاتجاهات الاستراتيجية".
وقال: إن هدف هذه القاعدة "تعزيز القدرات القتالية للمنطقة الغربية العسكرية؛ لمنع تسرب العناصر الإرهابية المسلحة عبر خط الحدود الغربية، ومجابهة محاولات التهريب للأسلحة والمواد المخدرة والهجرة غير الشرعية"، بحسب بيان رسمي.
إلا أن نشطاء مصريين، منهم الدكتور نائل الشافعي، مؤسس موسوعة المعرفة والأستاذ بجامعات أمريكية، انتقدوا ما وصفوه بأنه "تكديس مصر للسلاح"، وشراء طائرات دون الحاجة لها رغم الأزمة الاقتصادية.
فيما أكد جمال سلطان أن القاعدة العسكرية الجديدة، والتي تعتبر مفاجئة للشعب نفسه، أسست على مساحة تبلغ ثمانية عشر ألف فدان، وهو ما يعادل أكثر من 77 مليون متر مربع، أي أننا أمام مدينة حقيقية، موضحا أن تلك المساحة المهولة مع التجهيزات والمنشآت والتسليح التي تقدر بمليارات الدولارات لو تصورنا أنها وضعت في أولويات "مدنية" أخرى تعاني منها مصر حاليا، مثل التعليم والصحة ، لتم إنشاء عشرات الآلاف من المدارس وعشرات الآلاف من المستشفيات، بلا مبالغة، يمكنها أن تغير وجه مصر، وتنقل مستوى التعليم والصحة فيها إلى مستويات هائلة تواكب تطورات العالم الحديث وقدراته، بدلا من انهيار التعليم الذي جعل مصر تتذيل دول العالم في ترتيبه والهوان الذي يلاقيه ملايين المواطنين للبحث عن سرير في مستشفى أو حتى حبة دواء.

أولويات السيسي أم الوطن؟
وأكد سلطان أن المشكلة أن تقدير تلك الأولويات من الصعب حسمه الآن، لأنه لا يوجد أي حوار وطني حول تلك الأولويات، كما أن البعض يتصور أنك عندما تطلب مناقشة أولويات الإنفاق المدني والعسكري، مثلما يحدث في "الدول" المختلفة، حتى عند العدو الإسرائيلي، فكأنك ترتكب جريمة عظمى، رغم أن ميزانية الإنفاق العسكري هي جزء من ميزانية الدولة ككل، ومن المستحيل أن تتوازن أولويات الأمور في دولة بدون حوار وطني حقيقي ، شعبي ومؤسسي ، وهو مطلب بعيد المنال ، لأن تقدير الأولويات هنا دائرته مغلقة.
ونبه على أنه بالرغم من التعليقات شبه الرسمية التي تتحدث عن أن القاعدة الضخمة هدفها حماية المنشآت النووية في الضبعة ومناطق البترول، إلا أن هذا مردود عليه لأنه من البديهي أن التهديد هنا هو تهديد جوي ، من دول معادية تملك قدرات جوية عالية أو قدرات صاروخية فائقة التطور ، لأن مصر لا تتهددها جيوش جرارة في الغرب أو الجنوب يمكن تخيل أنها ستتحرك على الأرض لاحتلال تلك المناطق، وبالتالي فالمفهوم أن حماية تلك المنشآت تحتاج إلى قواعد دفاع جوي حديثة وعالية الكفاءة ومنظومة مضادات للصواريخ.
وأوضح سلطان أن المشكلة هنا أن سباق التسليح يرتبط بالاستيراد والشراء بالعملة الصعبة، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ضعف الإمكانيات لظروف اقتصادية صعبة واستثنائية وحادة، وتأثرت حياة الناس ومعيشتهم بقسوة شديدة بسبب تلك الضغوط المعيشية، في الوقت الذي يحدثنا قائد الانقلاب بصفة مستمرة عن فقرنا الشديد وقلة ذات اليد الأمر الذي قلص ميزانيات حيوية، بل يمكن أن نقول إن ميزانية البحث العلمي، رافعة النهوض والتطوير في البلاد ، لتقترب من الصفر الآن، وتعيش البلاد على معونات من دول خارجية.
واعتبر سلطان أن مصر اليوم أشبه بلوحة إنسانية لها وجهان، أحدهما ترى بلدا فقيرا تعيسا يعاني شظف الحياة والفقر والحاجة وسوء التغذية وسوء العلاج وسوء التعليم ويلتمس العون من القريب والبعيد ويعيش على المعونات والقروض بالفوائد المركبة، وإذا نظرت إليها من الزاوية الأخرى ترى بلدا ثريا عفيا يملك قدرات شراء أحدث الأسلحة وينشيء أضخم القواعد العسكرية في الشرق الأوسط كله ويملك أضخم البعثات الديبلوماسية على مستوى العالم ويملك أضخم عدد من الوزارات في حكومته حتى بالمقارنة مع دول عظمى اقتصاديا مثل أمريكا واليابان.
مرتزقة السيسي
من ناحية أخرى، قال الدكتور محمد صلاح رئيس المكتب الإعلامي للمجلس الثوري المصري، إن المتابع للشأن المصري يتأكد أن عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري حول الجيش إلى مجموعة مرتزقة.
وأضاف صلاح، في مداخلة هاتفية لقناة مكملين، أن العصابة الانقلابية تسعى لجمع المال بأي شكل من خلال تأجير الجيش لتنفيذ مخططات ابن زايد في اليمن وليبيا على حساب الشعب المصري، وهو ما أكده حضور ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد واللواء خليفة حفتر قائد الانقلاب في ليبيا.
وأوضح أن العقيدة العسكرية للجيش المصري تغيرت خلال عهد السيسي من حماية الوطن والدفاع عن أراضيه إلى مكافحة ما يسمى الإرهاب واقتحام مجال البيزنس لتحقيق مكاسب اقتصادية على حساب أبناء الشعب.
واستنكر المجلس الثوري حضور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر أثناء افتتاح عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري قاعدة محمد نجيب العسكرية، معتبرا أن هدف القاعدة الإعلان عن تحول الجيش المصري إلى مرتزقة وتحول أرض مصر لنقطة انطلاق لتدمير ومحاولات التحرر العربية في ليبيا وغيرها، وتتويج لمشهد احتلال مصر بالكامل من قبل العسكر.