رأس جميلة وقبلها رأس الحكمة.. مسكنات لا تكفي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام

- ‎فيجولة الصحافة
A picture taken on July 15, 2017 shows a general view of the Sunny Days Elpalacio beach in the Egyptian Red Sea resort city of Hurghada, where an Egyptian stabbed to death two German tourists and injured four others the day before. / AFP PHOTO / MOHAMED EL-SHAHED (Photo credit should read MOHAMED EL-SHAHED/AFP/Getty Images)

تناقلت تقارير صحفية أنباء عن استثمارات سعودية ضخمة في منطقة “رأس جميلة” بجنوب سيناء، وذلك على ساحل البحر الأحمر المُطل على جزيرتي “تيران وصنافير”.

 

ويأتي هذا التوجه بعد ضم الجزيرتين إلى المملكة العربية السعودية بموجب اتفاق مُبرم بين البلدين عام 2016، والذي تضمن حصول مصر على مساعدات مالية هائلة.

 

وقالت التقارير: إن “مجموعة عجلان وإخوانه القابضة السعودية، تسعى لضخ استثمارات أولية بقيمة 1.5 مليار دولار، في مشروع سياحي بمنطقة رأس جميلة”.

 

يُذكر أن هذا المشروع الاستثماري الضخم في منطقة رأس جميلة بجنوب سيناء، هو نتاج مبادرة من قبل شركة سعودية خاصة، على عكس مشروع رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط، والذي تم إطلاقه من قبل الحكومة السعودية أو صندوق الاستثمار السعودي.

 

على الرغم من أن قيمة الاستثمارات السعودية في “رأس جميلة” تبدو أقل بكثير من نظيرتها في مشروع “رأس الحكمة”، إلا أن هناك إمكانية لزيادتها في مراحل لاحقة، خاصة وأن الأرقام المعلنة قد تكون مبدئية وغير نهائية، ومع ذلك، لم يُحقق الإعلان عن مشروع رأس جميلة نفس التأثير الاقتصادي الكبير الذي أحدثه الإعلان عن مشروع رأس الحكمة المدعوم من قبل الإمارات.

 

خلال الشهرين الماضيين، ضجّت وسائل الإعلام المحلية بأخبارعن صفقة ضخمة مُشابهة لصفقة رأس الحكمة، تُتوقع أن تجذب استثمارات هائلة تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات، وبحسب التوقعات، ستُساهم هذه الصفقة في تعزيز الاقتصاد المصري وخلق فرص عمل جديدة واعدة للشباب.

 

وتقع المنطقة في مدينة شرم الشيخ السياحية، ومقابل جزيرتي تيران وصنافير، وهي على مساحة تبلغ 860 ألف متر مربع.

 

يشمل المشروع في مرحلته الأولى إقامة ما يقارب 10 فنادق فخمة تتراوح فئاتها بين 4 و5 نجوم، لتوفير نحو 3 آلاف غرفة فندقية لخدمة الزوار.

 

وقال وزير قطاع الأعمال بحكومة السيسي، محمود عصمت: إن “الوزارة تسعى لاختيار مكتب استشاري عالمي لوضع التصميم اللازم، استعدادا لطرح أرض رأس جميلة للاستثمار”.

 

يُشبه مشروع رأس جميلة إلى حد كبير النموذج الذي تتبعه العديد من المشروعات العقارية الاستثمارية السعودية والإماراتية، حيث يسعى إلى تحويل منطقة ساحلية نائية على ساحل البحر الأحمر في مصر إلى وجهة سياحية فاخرة تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

 

يعود تاريخ الإعلان عن مشروع “رأس جميلة” إلى عام 2015، عندما طرحته حكومة السيسي بهدف تحويل هذه المنطقة الساحلية إلى وجهة سياحية متميزة ومركز اقتصادي رئيسي، ومع ذلك، واجه المشروع تحديات جمة، أبرزها ضعف التمويل، مما أدى إلى تعثره وعدم تنفيذه على أرض الواقع.

 

تحديات لإتمام المشروع

على الرغم من الإمكانيات الواعدة التي يتمتع بها مشروع “رأس جميلة”، إلا أنه قد يواجه بعض المعوقات التي قد تُعيق تنفيذه وتُؤخر تحقيق أهدافه بالسرعة المطلوبة.

 

وتشمل هذه التحديات، صعوبات في تأمين التمويل وجذب الاستثمارات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، كما قد تواجه الحكومة صعوبات في جذب استثمارات كافية من القطاع الخاص للمشاركة في المشروع.

 

وكذلك التحديات البيئية والبيروقراطية، مثل الحفاظ على البيئة البحرية والحياة البرية في المنطقة، كما قد تواجه بعض العراقيل البيروقراطية، مثل الحصول على التراخيص والموافقات اللازمة من مختلف الجهات الحكومية، وأيضا التغيرات في الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية، مثل تقلبات أسعار النفط والسلع الأساسية، على جدوى المشروع وربحيته.

 

ولذلك، من المهم أن تُعالج هذه التحديات بشكل فعال من قبل حكومة السيسي والجهات المعنية الأخرى لضمان سير المشروع وفق الخطط المحددة وتحقيق أهدافه المرجوة.

 

الفرق بين المشروعين

من جانبه أوضح خبير أسواق المال، وائل النحاس، أن المشروع الجديد المُعلن عنه في جنوب سيناء من قبل إحدى الشركات السعودية يهدف إلى ضخ استثمارات ضخمة تصل إلى مليار ونصف مليار دولار، وسيتم تخصيص هذه الاستثمارات لبناء سلسلة من الفنادق الفاخرة في منطقة رأس جميلة، وقد تم اختيار موقع رأس جميلة بعناية ليكون مكملا لمشروع نيوم السعودي العملاق، حيث يقع في الاتجاه المقابل له، مع جزيرتي تيران وصنافير بينهما.

 

وقال في تصريحات لـ عربي21: إن “هناك اختلافات جوهرية بين مشروعي رأس الحكمة الإماراتي ورأس جميلة السعودي، ففي مشروع رأس الحكمة، إذ تم بيع أراض مملوكة للدولة للإمارات العربية المتحدة، بينما في مشروع رأس جميلة، تملك أراضي المشروع جهات حكومية متعددة، مثل وزارتي الطيران وقطاع الأعمال”.

 

وبالتالي، لا يُتوقع ضخ استثمارات ضخمة في مشروع رأس جميلة تُقارب عشرات مليارات الدولارات كما حدث في رأس الحكمة، وذلك بسبب تعدد الجهات المالكة وصغر مساحة الأراضي.

 

غير كافية لنمو اقتصادي مستدام

ويرى خبير أسواق المال، وائل النحاس، أن الاستثمارات في مشاريع سياحية ضخمة، مثل مشروع رأس جميلة، لا تُعدّ في حد ذاتها كافية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل.

 

ومع ذلك، يُؤمن النحاس بأن هذا النوع من الاستثمارات يلعب دورا هاما في توفير عملة صعبة للدولة في الوقت الراهن، وهو ما يُساعد على الخروج من الأزمة الاقتصادية وسداد الالتزامات الخارجية.

 

بالإضافة إلى ذلك، تُساهم هذه المشاريع في توفير فرص عمل جديدة للشباب وتعزيز قطاع السياحة في المنطقة، مما يُعزز النمو الاقتصادي بشكل غير مباشر.

 

وأشار خبير أسواق المال، إلى أن تركيز دول الخليج على الاستثمار العقاري في مصر بدلًا من الاستثمار في القطاع الصناعي يعود إلى امتلاك مصر لمجموعة من المزايا النسبية التي تُجعلها وجهة مثالية لمثل هذه الاستثمارات.

 

وتشمل هذه المزايا، الموقع الجغرافي المتميز على خريطة العالم، مما يجعلها بوابة للسياحة من مختلف أنحاء العالم، والطقس الجيد، مما يُشجع على السياحة الشتوية ويُجذب الزوار من الدول ذات المناخ البارد، وعدد السكان الكبير، مما يُوفر سوقا داخليا ضخما للمنتجات والخدمات، بالإضافة إلى الإمكانيات السياحية المتنوعة، إذ تمتلك مصر ثروة سياحية هائلة، تشمل الآثار القديمة، والمنتجعات الساحلية، والرحلات النيلية، وغيرها من المعالم السياحية التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.

 

ويُشير النحاس إلى أن عدم امتلاك مصر لمزايا نسبية أخرى تُشجع على تنويع الاستثمارات، مثل وجود بنية تحتية متطورة أو موارد طبيعية غنية، يُفسّر تركيز الاستثمارات الخليجية على القطاع العقاري.