“بلفور”.. 102 عام على سرقة فلسطين بوعدٍ مشؤوم وخيانة عربية    

- ‎فيتقارير

يوافق اليوم، الثاني من نوفمبر، الذكرى السنوية الـ102 لصدور وعد “بلفور” المشئوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، بناء على المقولة المزيفة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

ووعد “بلفور” هو الاسم الشائع للرسالة التي أرسلها وزير خارجية بريطانيا في تلك الفترة، آرثر جيمس بلفور، بتاريخ 2 نوفمبر 1917، إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

بريطانيا تستفز العرب

ورغم مرور كل هذه السنوات، دافعت بريطانيا عن “وعد بلفور” الصادر قبل أكثر من قرن، ومهد لاحتلال الأراضي الفلسطينية وقيام الكيان الإسرائيلي، قائلة إنها “راضية عن الدور الذي قامت به لمساعدة إسرائيل على الوجود”.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة كارين بيرس، بالمقر الدائم للأمم المتحدة بنيويورك، بمناسبة تولي بلادها الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن لمدة شهر اعتبارا من أمس الجمعة.

كان عشرات الفلسطينيين قد أصيبوا، عصر أمس الجمعة، جراء قمع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي للمشاركين في فعاليات الجمعة الـ81 لمسيرات العودة وكسر الحصار على الحدود الشرقية لقطاع غزة، والتي تحمل عنوان جمعة “يسقط وعد بلفور”، بالتزامن مع الذكرى 102 لهذا الوعد المشؤوم.

وأعلن مركز الميزان لحقوق الإنسان، عن أن (144) شخصا أصيبوا، مساء الجمعة، جراء اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على “مسيرات العودة وكسر الحصار”، الأسبوعية، شرقي قطاع غزة.

 العدوان على غزة

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام: إن ما يجري من عدوان إسرائيلي غاشم هو امتداد للجريمة وللمأساة التي حلّت بالشعب الفلسطيني بتشجيع ودعم بريطاني.

وأكد عزام، في تصريح صحفي، أنه بالرغم من حجم ومستوى الاٍرهاب الاسرائيلي وأدوات القتل والترويع والحصار، إلا أن ذلك كله فشل فى دفع الفلسطينيين نحو التخلي عن أرضهم، وها هم اليوم يؤكدون أنهم لم ولن ينسوا حقهم في فلسطين، رغم مرور 102 عام على وعد بلفور المشئوم.

وتابع: “لقد تسبب الوعد البريطاني الأسود في تشريد الفلسطينيين وشجع على ارتكاب المجازر الوحشية بحقهم على مدى قرن كامل، وفي غياب صارخ للضمير الأوروبي والعالمي، ورغم كل المآسي والمجازر والتهجير، أكد الفلسطينيون تمسكهم بأرضهم وحقهم ورفضوا الاعتراف بوعد بلفور ونتائجه”.

اعتذار بريطانيا

الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، كانت قد دعت الفلسطينيين إلى المشاركة في فعاليات الجمعة القادمة “جمعة مستمرون”؛ تأكيدا لاستمرار مسيرات العودة وكسر الحصار، ورفضا لتهديدات الاحتلال بالاغتيال والاجتياح، ورفضًا لاستباحة الضفة الغربية المحتلة.

وأكدت الهيئة، في مؤتمر عقدته بمخيم ملكة شرق غزة في ختام فعاليات “حق العودة” الـ81، استمرار مسيرات العودة وكسر الحصار بطابعها الشعبي وأدواتها السلمية حتى تحقيق أهدافها، وستعمل على نقلها وتمددها الجغرافي وتطويرها، باعتبارها مسارا كفاحيا مستداما أعاد رسم الأمل أمام الأجيال.

ودعت بريطانيا إلى الاعتراف بخطئها بحق ملايين اللاجئين نتيجة وعد وزير خارجيتها، كما دعتها إلى تقديم اعتذار رسمي للشعب الفلسطيني على هذا القرار الذي دمر مستقبل شعب بأكمله، والعمل على مسح آثاره الكارثية.

محطات بلفور

في عام 1920، عُين السياسي البريطاني هيربرت صموئيل، وهو من مؤسسي الحركة الصهيونية، أول مفوض سامٍ بريطاني على فلسطين، وكان أول قرار اتخذه هو الاعتراف باللغة العبرية لغة رسمية في فلسطين.

بعد ذلك بعامين وضعت عصبة الأمم فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

وفي عام 1926 أعطى المفوض السامي البريطاني اليهود حق استخدام مياه نهري الأردن واليرموك لإنشاء محطة كهرباء وحرم المزارعين الفلسطينيين من استخدام المياه لري أراضيهم، وهو ما اعتبر تسهيلًا لوضع أسس إنشاء كيان إسرائيلي.

خرجت مظاهرات فلسطينية حاشدة عام 1936 رفضا لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، لكن سلطات الانتداب البريطاني قابلتها برد عنيف، وقمعتها وأعدمت ونفت معظم قادتها.

وفي عام 1947 قالت بريطانيا إنها توافق على ما تقرره الأمم المتحدة بشأن قيام دولة لليهود في فلسطين وصوتت لصالح التقسيم، عقب ذلك بدأت العصابات الصهيونية حملات تطهير عرقي في فلسطين بطرد آلاف الفلسطينيين من قراهم وبيوتهم في ظل الوجود البريطاني.

وارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة دير ياسين عام 1948 في ظل وجود الانتداب البريطاني، وفي العام نفسه اغتالت العصابات الصهيونية مبعوث الأمم المتحدة إلى المنطقة الكونت برنادوت أثناء زيارته القدس.

كما استكملت العصابات الصهيونية في العام نفسه عملية طرد الفلسطينيين في ظل الوجود البريطاني، مما أدى إلى صدور القرار 194 الذي دعا إلى عودة اللاجئين إلى أراضيهم، وهو أمر لم يتحقق حتى اليوم.

.

ولي العهد السعودي

فى شأن متصل، احتفلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية بحديث ولي العهد السعودي، الذي زعم فيه أن للإسرائيليين الحق في العيش بسلام “على أرضهم”، مشبهة إياه بالوزير البريطاني بلفور الذي وعد الاحتلال بدولة على أرض فلسطين.

الصحيفة الصهيونية قالت في افتتاحيتها: “بعد مائة عام من وعد بلفور، يأتي ملك سعودي ويصوغ حق اليهود بدولة بنفس الكلمات تقريبا”، واعتبر محلل الشئون العربية في الصحيفة تسفي برئيل، بن سلمان “أول زعيم عربي يعترف بحق الإسرائيليين بدولة قومية في وطنهم”، على حد قوله.

وأضاف الكاتب الإسرائيلي أن “بن سلمان اعترف بحق الإسرائيليين بأن تكون لهم دولة مثل حق الفلسطينيين.. ولاحظوا لم يستخدم كلمة دولة وإنما “وطن.. بلاد وأمة”.

وذكر أن ابن سلمان ذهب أبعد من تبعات اتفاق سلام أو الاعتراف بدولة، ووصل حد الاعتراف بشرعيتها، حيث كتب “إن من ينفعل من حقيقة أن ولي العهد هو الزعيم العربي الأول الذي يعترف بحق الإسرائيليين بدولة قومية، عليه أن يتوجه إلى المبادرة العربية، التي تنص على أنه مقابل الانسحاب الشامل من كافة الأراضي المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري، فإن الدول العربية تلتزم بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها”، ولكنه يستدرك أن دولا عربية اعترفت بوجود “إسرائيل”، ولكن لم تعترف بشرعيتها، لافتا إلى أن اتفاق سلام والاعتراف بدولة ليسا مصطلحين متطابقين.

إلى ذلك، تساءل الكاتب عن موقف بن سلمان من “صفقة القرن” وذلك لأنه لم يُسأل عنه في المقابلة، ما دفعه إلى عرض سلسلة تساؤلات لا تخرج عن تساؤل العارف بجوابها، وكان بينها “هل لا يزال يصر بن سلمان على الانسحاب الكامل؟ وهل ستوافق السعودية على إدخال تعديلات في المبادرة العربية؟ وهل ستكون مستعدة للاعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل؟ وما رأيه بحدود 67؟.