“لو بلوج”: زيارة تواضروس لأوروبا شرعنة لقمع السيسى ومواقف الأوروبيين مخجلة في دعم الاستبداد

- ‎فيتقارير

كشفت صحيفة “لو بلوج” عن أنه بعد الانتقادات المستمرة لسجل السيسي في مجال حقوق الإنسان من منظمات مثل البرلمان الأوروبي، أرسل قائد الانقلاب “تواضروس” لتلميع صورة البلاد في بروكسل، خلال لقائه قادة في البرلمان الأوروبي.

وأكَّدت أن تواضروس واحد من خطوط السيسي الأولى التي يتمترس حولها، والذي كرر مرارًا أن المسيحيين لا يتمتعون بهذه الصفة- كونهم مسيحيين- جيدًا في مصر مثل الحال تحت قيادة السيسي، وألقى باللوم على العنف العرضي في البلاد في عدد قليل من التخريب المدفوع من الخارج.

واعتبر محرر الصحيفة، في مقال بعنوان “عبد الفتاح السيسي والإسلاموفوبيا في أوروبا: تحالف غير لائق”، أن إحدى الاستراتيجيات المركزية التي تستخدمها الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط لاكتساب النفوذ في الاتحاد الأوروبي، هي الترويج لأنفسها كحصن للاستقرار والاعتدال والتسامح.

وأشارت الصحيفة إلى أن تلك الأنظمة تضخ أوراق اعتمادهم كمدافعين عن الأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين، ضد تهديد الإسلام السياسي.

وأضافت أن نتائج زيارة تواضروس بالكاد جاءت بعد أسبوع من زيارته، حيث اعتمد البرلمان الأوروبي ما يمكن القول إنه أصعب قرار بشأن مصر حتى الآن. حيث أدان الاقتراح، الذي تبنته أغلبية ساحقة في 24 أكتوبر، الاعتقال التعسفي لأكثر من 4300 شخص كانوا يحتجون على “الفساد النظامي والقمع وإجراءات التقشف”، يرافقه مطالب باستقالة السيسي، وطالب أعضاء البرلمان الأوروبي حكومات الاتحاد الأوروبي بالتوقف عن تصدير معدات المراقبة إلى مصر وأي تقنيات أخرى يمكن أن تسهل القمع.

نتائج الصحيفة

وتوصلت الصحيفة إلى أن حكايات المعابد المسيحية الجديدة في البلاد التي يدشنها السيسي، مهما كانت موضع ترحيب في حد ذاتها، لن تغير النظرة الشاسعة للرأي السياسي الأوروبي إلى نظام السيسي.

وأوضحت أن “انتقادات هذا النظام تستند إلى أسس سياسية، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن معالجتها بها على نحو فعال هي من خلال الإصلاح السياسي الملموس”.

واعتبرت أن القاهرة ممثلة بالسيسي تخاطر بالتعثر في تحالفها غير الواقعي وغير الصحيح مع اليمين الأوروبي الذي يتخذ موقفا من الإسلاموفوبيا، محذرة من أن هذا يقوض مكانة مصر كممثل إقليمي “مهم ومؤثر”، يعلن عن نفسه ويضر بسمعته في أوروبا والعالم الإسلامي، وبشكل حاسم بين الكثير من المصريين أنفسهم.

مشكلة الأسلحة

وألمحت الصحيفة إلى أن تأثير تواضروس كان التوقف عن المطالبة بفرض حظر كامل على الأسلحة؛ بسبب ضغوط من أعضاء البرلمان الأوروبي من حزب الرئيس ماكرون، على الرغم من كونهم جزءًا من أبرز المجموعات الليبرالية في البرلمان الأوروبي، إلا أنهم انضموا إلى هذا الجناح مع الجناح اليميني للغرفة، ونجحوا في إزالة الإشارة إلى الأسلحة من الحركة بسبب موقعهم القوي.

وأضافت أن الإجراء كان متفقًا عليه مسبقا من قبل الأجنحة السياسية، بما في ذلك الخاصة بهم كليبراليين، وأن هذه المناورة تعكس صادرات الأسلحة الفرنسية الضخمة إلى مصر، والمواءمة الاستراتيجية الشاملة لباريس مع السيسي.

دعم المفوضية

وأشارت إلى أن الجديد في قرارات الاتحاد الأوروبي، هو المطالبة بإجراء إصلاح شامل لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، ومراجعة جادة لدعم ميزانية المفوضية لمصر.

وأوضحت أن ذلك يعني تجميد الدعم والتحويلات المباشرة من المفوضية إلى الخزينة المصرية، في إطار سياسة الجوار الأوروبية، وذلك من الناحية النظرية، بعد مذبحة رابعة التي ارتكبتها قوات الأمن المصرية في عام 2013. ولكن حتى بعد ذلك، وكما تدرك المفوضية نفسها، فإنها لا تزال تمثل 27% من التزامات الاتحاد الأوروبي الإجمالية تجاه مصر، ظاهريًا لتشجيع الحكم الرشيد، بين أهداف أخرى.

وأشار إلى أن المفوضية خصصت ما يصل إلى 528 مليون يورو لدعم مصر في الفترة 2017-2020.

نموذج فاشل

واعتبرت الصحيفة أن استمرار الاتحاد الأوروبي في ضخ الأموال في نموذج فاشل أمر خاطئ أخلاقيًّا وقصير النظر من الناحية السياسية. ويضفي الشرعية على القمع، ويسخر من تقارير حقوق الإنسان العالمية التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي، بينما يضر في الوقت نفسه بمصالح أوروبا الخاصة على المدى الطويل.

وأشارت إلى أن مؤيدي دعم السيسي يرونه ضرورة لحماية الاستقرار في مصر والتحكم في تدفقات الهجرة إلى أوروبا، ولكن في الواقع، كما تظهر الاحتجاجات الأخيرة وقمعها العنيف، فإن سياسات السيسي من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم التوترات في المجتمع المصري، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى انفجار عنيف،

أَقْنَعَ من؟

وعمن اقتنع بحديث تواضروس، قالت “لو بلوج” إن قرار البرلمان الأوروبي بخصوص حقوق الإنسان وإلغاء دعم المفوضية الأوروبية تم تبنيه من أجزاء من المؤسسة الأوروبية على الأقل، تدرك مخاطر الدعم غير النقدي للنظام المصري.

وأشارت إلى أن اليمين الصلب في البرلمان الأوروبي دعم السيسي، وهم مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR) ، ومن بين أعضائها حزب فوكس الإسباني، ومجموعة الهوية والديمقراطية اليمينية المتطرفة بشكل علني، التي يقودها مارين لوبان,

واقع مأزوم

ورغم الدعم أشار محرر الصحيفة إلى أن الاحتجاجات الأخيرة كشفت عن أن الاستمرار في صرف مئات الملايين من أموال دافعي الضرائب الأوروبيين إلى مصر لا يمثل سياسة سليمة.

وأشار المقال إلى أنه رغم صغر حجم الاحتجاجات عن حدود النموذج المصري، وأن مبعثها سياسته من الإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية التي فرضها صندوق النقد الدولي، والتي تستند إلى التقشف، إلا أنه يصاحبها قمع عنيف للمعارضة السياسية.

وكشف المقال عن أن السلطات المصرية تحاول تصوير المحتجين على أنهم “إرهابيون” و”إسلاميون”، لكن هذا مضلل عمدا. وأن الاحتجاجات اشتعلت بسبب التكلفة الاجتماعية المدمرة لإصلاحات السيسي.

وأنه بعد ثلاث سنوات من تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي، الذي قدم قرضًا لمصر بقيمة 12 مليار دولار، يعيش 33٪ من المصريين تحت خط الفقر، ارتفاعًا من 28٪ في عام 2015.

وأنه وفقًا للبنك الدولي، فإن عدد الفقراء والمستضعفين يقترب من 60%، مع تقارير عن تفشي الفساد داخل الجيش، الذي يمثل الدعامة الأساسية لسلطة الرئيس.

وحذرت من أنه طالما أن السيسي يرفض تصحيح المسار الاقتصادي وتخفيف القمع السياسي، فإن التشققات في صرحه من خلال التظاهر سوف تتوسع حتمًا.