أثار الإفراج عن رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق سامي عنان العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء الإفراج عنه؟ وهل يعود ذلك لأسباب صحية أم محاولة لامتصاص غضب أنصار عنان داخل المؤسسة العسكرية؟ وهل سيكون لـ”عنان” دور سياسي خلال المرحلة المقبلة أم أن هناك شروطًا سرية للإفراج عنه تضمن عدم خوضه غمار السياسة مجددًا؟
غموض الإفراج
غموض الإفراج عن عنان كشفت عنه تصريحات سمير سامي عنان، نجل عنان، والذي أكد نبأ الإفراج عن والده ووصوله للمنزل، إلا أنه رفض التعليق على أسباب الإفراج عنه في هذا التوقيت؛ الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وكتب شادي جاهين: “الإفراج عن سامي عنان بعد قضائه ٩ شهور تقريبًا في السجن الحربي، هو اتحبس ليه أصلا؟ وكل المسجونين في السجون دول مسجونين ليه أصلا؟”
فيما كتب مصري: “الإفراج عن الفريق سامي عنان بعد حبسه عامين عقبال باقي المعتقلين.. أنا بقول الموضوع فيه إن وأخواتها”.
وكتب كريم: “الإفراج عن سامي عنان محاولة من بلحة لامتصاص الغضب داخل الجيش نتيجه ديكتاتورية بلحة وابنه محمود.. محمود بلحة الذي أبعده والده إلى موسكو كان قد دخل بصدام مع محافظ البحر الأحمر سابقًا منذ شهور وكثيرون بالجيش يرون أن بلحة وأولاده أصبحوا عبئًا على سمعة ورصيد الجيش في قلوب وعقول المصريين”.
وكتب محمد مجدي:” الإفراج عن سامي عنان في هذا التوقيت مريب جدًا، لو سامي عنان مات بعد خروجه بشهر أو حتى شهرين يبقى تم تسميمه داخل السجن بسم طويل المفعول حتى تبدو الوفاة طبيعية وغالبًا ده اللي هيحصل افتكروا التويتة دي”.
فيما كتب محمد الجيزاوي: “إذا جمعنا خبر الإفراج عن سامي عنان وفي نفس اليوم تحويل محمد القصاص للتحقيق في قضية جديدة بدلا من تنفيذ قرار الإفراج عنه رغم أنه نزيل زنزانة انفرادية منذ أكثر من ٢٢ شهرًا ليس له معنى إلا أن السيسي لا يهمه إلا استرضاء المؤسسة العسكرية ولا يهمه قوة مدنية”.
أين أحكام الحبس؟!
ويأتي الإفراج عن عنان رغم إصدار محكمة الجنايات العسكرية في يناير الماضي، في جلسة سرية، حكمًا بحبس عنان لمدة أربع سنوات عن تهمة “تزوير استمارة الرقم القومي، والتي ورد فيها أنه فريق سابق بالقوات المسلحة ولم يذكر أنه مستدعى”، كما قضت محكمة الجنح العسكرية بحبس عنان 6 سنوات عن تهمة “مخالفة الانضباط العسكري، بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الانقلاب، وتحدثه عن أحوال البلاد”، ليكون بذلك مجموع الأحكام عشر سنوات.
وعقب حبس عنان بدأت عصابة الانقلاب النبش في السجل المالي له؛ حيث كشفت وسائل إعلام عن انتهاء مصلحة الخبراء التابعة لوزارة العدل في حكومة الانقلاب من إعداد تقارير محاسبية مفصلة عن عمليات إنشاء بعض دور واستراحات الدفاع الجوي التابعة للجيش، ارتباطًا باتهامات يواجهها عنان ونجله سمير في قضية الكسب غير المشروع القائمة على عشرات البلاغات كانت مجمدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراض حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية؛ حيث أخلت النيابة العسكرية سبيل عنان في هذه القضية مع استمرار حبسه في قضية مخالفة الاستدعاء العسكري بإعلان ترشحه للرئاسة، ثم قضية تزوير بياناته وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، كما حبست نجله سمير عدة أيام لحين دفع كفالة لكليهما بلغت نحو مليوني جنيه، على ذمة اتهامهما بالكسب غير المشروع والفساد المالي.
ملفات فساد
وذكرت مصادر صحفية آنذاك أن عنان عرض التبرع بعدد من ممتلكاته العقارية لصالح الجيش، لكن القضاء العسكري رفض هذا التبرع باعتباره يعد تهربًا من الاتهام، وأشارت المصادر إلى أن النيابة العسكرية فتحت عقب القبض على عنان ملفات حول تضخم ثروته ووقوع مخالفات مالية في إنشاء بعض الدور والأندية التي كان عنان مشرفًا على إنشائها خلال رئاسته سلاح الدفاع الجوي؛ حيث كانت إدارة كل سلاح تتولى التصرف في الأموال المخصصة لها لإنشاء مشروعات ذات طبيعة استثمارية ربحية تدر دخلا لصناديق رعاية أعضائها، فضلاً عن التحقيق في مخالفات مالية قديمة بشأن منتجعات تابعة لسلاح الدفاع الجوي، ثم منتجعات مغلقة تابعة لقيادة الجيش، كان عنان يتولى إدارتها ماليا بتفويض من وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوي.
ويتضمن هذا الملف اتهامًا لعنان بممارسة أعمال “سمسرة” للتربح من إعادة بيع أراضٍ كانت مخصصة للجيش وتقرر التصرف فيها، وكذلك من عمليات شراء و”تسقيع” أراضٍ بور لإعادة بيعها بعد دخولها للحيز العمراني، استغلالاً للمعلومات التي كان يتحصل عليها مبكرًا عن خطط التوسع العمراني في مناطق الساحل الشمالي غرب الإسكندرية، بالتنسيق مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان؛ حيث يملك عنان وزوجته ونجله مجموعة متنوعة بين العقارات والمزارع والأراضي الفضاء بمارينا وسيدي كرير والقاهرة الجديدة وطريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، بعدما كان كل ما يملكه قبل 20 عامًا شقة بعمارات الضباط بمنطقة الرماية بالجيزة.
محاولة استرضاء
إفراج السيسي عن عنان يأتي بعد يوم من تردد أنباء عن إطاحة السيسي بعدد من قادة الجيش؛ حيث كشفت مصادر صحفية عن إقرار قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي حركة تغييرات في صفوف قادة عصابته، ضمن حركة تغييرات يناير 2020؛ ما يعني أن قرار الإفراج محاولة لاسترضاء المؤسسة العسكري التي تشهد حالة من الاستياء جرّاء إطاحة السيسي بعشرات القادة خلال الفترة الماضية ومحاولته فرض سيطرة أبنائه على المؤسسة، حيث كشف محمود جمال، الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية عن أن حركة التغييرات الاخيرة تضمنت عودة أسامة عسكر ليتولى منصب رئاسة هيئة العمليات خلفًا لمحمد المصري، وإقالة اللواء أركان حرب عبد الناصر حسن العزب من رئاسة هيئة شئون ضباط القوات المسلحة وتعيين اللواء أركان حرب طارق حسن خلفا له، وإقالة اللواء محمد عبد الله من رئاسة هيئة الإمداد والتموين وتعيين اللواء أركان حرب وليد أبو المجد، وإقالة اللواء أيمن عبد الحميد عامر من إدارة المشاة وتعيين اللواء خالد بيومي.
وأشار جمال إلى أن الحركة شملت أيضا “تعيين اللواء أركان حرب وليد حمودة قائدًا لقوات الدفاع الشعبي والعسكري بدلا من اللواء أركان حرب خالد توفيق الذي تولى رئاسة هيئة البحوث العسكرية، وإقالة اللواء أركان حرب محمد عبد اللاه من منصب الأمين العام لوزارة الدفاع وأمين سر المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتعيين اللواء أركان حرب عماد الغزالي بدلا منه، وإقالة اللواء علي عادل عشماوي من قيادة المنطقة الشمالية العسكرية وتعيين اللواء فهمي هيكل خلفا له، وتعيين اللواء مدحت العيسوي رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، وإقالة اللواء أركان حرب أيمن نعيم من قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية وتعيين اللواء أشرف الحصري بدلا منه”.
وأضاف جمال أن الحركة شملت أيضًا “تعيين اللواء علي عثمان رئيسًا لأركان المنطقة الجنوبية العسكرية، وتعيين اللواء أحمد وصفي قائدًا للمنطقة المركزية العسكرية، وتعيين اللواء أحمد بهجت الدمرداش رئيسًا لهيئة الشئون المالية، وتعيين اللواء محمد عيسى النادي مديرًا لإدارة التعيينات العسكرية، وتعيين اللواء أشرف سليم مديرًا للخدمات الطبية”.