تدوير المعتقلين.. أبشع انتهاكات حقوق الإنسان فى دولة العسكر

- ‎فيتقارير

تدوير المعتقلين من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان فى دولة العسكر، حيث تلجأ مليشيات أمن الانقلاب لهذه الطريقة بهدف استمرار حبس المعارضين السياسيين والرافضين لنظام الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي، على ذمة قضايا مفبركة وبدون أدلة وأحيانا بدون اتهامات.

ومع انتهاء فترة الحبس الاحتياطى قد تصدر المحاكم حكما بإطلاق سراح المعتقل، لكن "يا فرحة ما تمت"، حيث تقوم مليشيات الانقلاب بإخفاء من أُطلق سراحه لفترة من الزمن، ثم يُفاجَأ الجميع بعرضه على نيابة أمن الدولة على ذمة قضية جديدة، وهكذا يعود إلى معتقلات العسكر مرة أخرى فى حلقة من سلسلة سيساوية لا نهاية لها .

هذا الانتهاك البشع تكرر مع آلاف المعتقلين، كان آخرهم الصحفيين مصطفى الأعصر ومعتز ودنان، اللذين كان قد ألقي القبض عليهما في فبراير 2018، ففي أقل من يومين وبعد 27 شهرا من الانتظار، تحول قرار إخلاء سبيل ودنان والأعصر، في 7 مايو الجاري، إلى كابوس جديد، بعد أن تم اتهامهما في قضية جديدة بنفس الاتهامات السابقة .

ورغم الإدانات من جانب المنظمات الحقوقية المصرية والدولية، ورغم مطالبة نظام العسكر بوقف هذه الممارسات القذرة، إلا أنه يتجاهل كل ذلك ويواصل سياسة الاعتقالات سواء بتدوير المعتقلين أو بغيرها .

فخ الانقلاب

تجارب التدوير المتكررة دفعت أهالي المحبوسين لإطلاق تحذيرات من أوجاع الفرح والأمل الكاذبين، اللذين يتركهما خبر قرار إخلاء السبيل الذى لا يتم تنفيذه. وحذر الأهالي من هذا الفخ الذى ينصبه نظام الانقلاب لهم ولأبنائهم.

تقول الصحفية إكرام يوسف، والدة المحامي المعتقل زياد العليمي (الذي تم التحقيق معه ومحاكمته على ذمة قضيتين أخريين خلال حبسه على ذمة قضية الأمل): “لما تسمعوا عن إخلاء سبيل، بلاش التعجل بالتهاني والزيطة، إلا لما نطمن على وصول الجدع لبيته"، وأضافت: "قبل كده هو لسه في إيدين ناس، بتتلذذ بحكاية إنها تحيي الأمل في قلوب ضحاياها وبعدين تحبطهم وتكسرهم، بتدويرهم على قضايا جديدة، مالهاش أي معنى، زي اللي أخدوا إخلاء سبيل منها".

وتابعت إكرام: "بعد اللي حصل مع الأعصر وودنان، ياريت نكون اتعلمنا ناخذ أخبار إخلاء السبيل بحذر وحيادية.. مش ناقصين وجع وإحباطات تاني".

تحريات عبثية

من جانبها استنكرت 8 منظمات حقوقية تدوير المعتقلين، ووصفته بـ“الممارسة المكررة لنيابة أمن الدولة العليا مؤخرًا"، معتمدة على تحريات أمن الانقلاب التابع لوزارة الداخلية بحكومة الانقلاب وحدها، للزج بالعديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين والصحفيين والمدونين وغيرهم في السجون مرة أخرى بعدما انتهت المدد القانونية لحبسهم احتياطيًا، أو تم إخلاء سبيلهم في قضايا أخرى، أو انتهت مدد عقوبتهم وفقًا للأحكام القضائية النهائية الصادرة بحقهم .

وأدانت المنظمات الموقعة- ومنها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز النديم، وكومتي فور جيستس، ومبادرة الحرية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير- مسلك نيابة أمن الدولة في هذا الاعتقال التعسفي المتجدد، معتمدة على تحريات عبثية تقدمها أجهزة الأمن لتعيد حبس أشخاص سبق وأقرت الإفراج عنهم .

وكشفت عن أن القضايا الجديدة لا تستند فقط إلى اتهامات تفتقر للقرائن والأدلة، ولكنها في كثير منها تفتقد إلى المنطق، موضحة أنه لا يعقل أن يرتكب شخص جريمة مثل “تمويل الإرهاب” من داخل محبسه، دون أن يتم الإبلاغ عنه والتحقيق معه فى القضية الجديدة بمجرد اكتشافها.

نوعان

وقال المحامي الحقوقي خالد علي، المرشح الرئاسي السابق، إن هناك نوعين من تدوير القضايا: الأول هو إخلاء سبيل المتهم، وقبل إطلاق سراحه يختفي مدة من الزمن ثم يظهر متهما في قضية جديدة.

وأشار خالد على، فى تصريحات صحفية، إلى أن النوع الثاني يتم فيه اعتقال المتهم نفسه ولكن بعد الإفراج عنه بمدة.

وأكد علاء عبد المنصف، رئيس منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، أن المتابع لحالة السجون والمعتقلين وما يتعرضون له من انتهاكات وجرائم، يعلم بالدليل القطعي أن كافة ما يتم هو مخالف للقوانين المحلية والدولية، موضحا أن إدارة السجون أحيانا تطبق عقوبة أخرى غير العقوبة المقررة من محكمة طبيعية، وهو ما يجب أن تقوم به إدارة السجون لا أن تقوم بعقوبات أخرى من جانبها، وتمارس انتهاكات مخالفة للقانون ولوائح السجون.

وكشف عبد المنصف، فى تصريحات صحفية، عن أن الهدف من ذلك كله هو إنهاك المعارضين السياسيين، سواء بالتغريب أو التأديب والتدوير أو الحبس الانفرادي أو الحبس الطويل؛ بحيث لا يكون لديهم أي فرصة للتفكير أو الترتيب والتحرك نحو مقاومة هذا النظام وتفعيل الرفض له .

واستنكر عبد المنصف مشاركة النيابة العامة في مسألة "التدوير"، واصفا إياها بالقضايا الوهمية للمخلى سبيلهم، وتكون تهما غريبة أثناء حبسهم من قبيل تمويل جماعة إرهابية أو تشكيل جماعة إرهابية.

وأعرب عن اندهاشه لأن يصل الحال بالنيابة العامة إلى أن تباشر قضايا من هذا القبيل، وهي كلها إجراءات للتنكيل والانتقام السياسي والإشغال، بحيث يتم حرمان هؤلاء المعارضين من اتخاذ أية إجراءات سليمة .

وطالب عبد المنصف المنظمات الحقوقية بتوثيق الحدث، سواء هذه الفترة أو بعد سقوط هذا النظام؛ لمحاكمة أعضائه وتعويض المعتقلين، وهذا التوثيق- سواء حاليا أو لاحقا- مهم لتطبيق العدالة الانتقالية في أي فترة من الفترات، وعليه يكون الرصد مهما، سواء بالشكاوى أو بالعدالة الانتقالية .